ما حكم أكل الطلاب للحوم التي تقدم في المدارس الأوروبية؟ فأبناء السائل مقيمون في فرنسا ويدرسون بالمدارس الحكومية بنظام المَبِيت، ويُقدَّم لهم في هذه المدرسة اللحوم. فما هو حكم هذه اللحوم؟ وهل يجوز أكلها؟
ما دام المسلم في دولةٍ غالبُ أهلِها مِن فالأصل في الذبائح أنها حلال؛ فللمسلم أن يسمي الله ويأكل منها، ما لم يتأكد أن اللحم غير مذبوح أصلًا أو أن ذابحه ليس كتابيًّا أو أنه لحيوان محرم فيحرم الأكل منه، وعلى أولياء أمور الطلاب حينئذٍ التنبيه على إدارة المدرسة بضرورة مراعاة هذه الأمور عند تقديم اللحوم للطلاب المسلمين مِن باب احترام عقائد الإنسان وشعائره، وذلك مَبْدَأٌ مُقَرَّرٌ مَعمُولٌ به في دول العالم الملتزمة بحقوق الإنسان.
مِن المعروف شرعًا أنه لا يَحِلُّ أكل لحم الحيوان إلَّا إذا كان مأكول اللحم؛ كالإبل والبقر والغنم والأرانب، وداجن الطيور؛ كالدجاج والبط والأوز وغير ذلك وتَمَّت تذكيته الشرعية، والذكاة الشرعية هي السبب الموصل لحِلِّ أكل الحيوان البري مأكول اللحم المقدور عليه، وتحصل تذكيته بالذبح أو النحر، وأما غير المقدور عليه فتذكيته بعَقره عن طريق الجرح أو الصيد أو إغراء الحيوان أو الطير المُعَلَّمَين به، وكل ذلك لا بد أن يكون مِمَّن يَحِلُّ منه ذلك، وهو المسلم أو الكتابي.
ويشترط في هذا كلِّه أن يكون الذابح أو الناحر أو العاقر مسلمًا أو مِن أهل الكتاب؛ أي من اليهود أو النصارى، أما إن كان غير مسلم وغير كتابي فإن ما يذبحه يكون مَيتةً ولا يجوز أكلُه، وقد أطلق القرآن الكريم حِلَّ ذبائح أهل الكتاب لَنَا دُونَ قَيْدٍ؛ فقال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾ [المائدة: 5].
فالأصلُ حِلُّ ذبائح أهل الكتاب، وقد أكل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم مِن الشاة التي أهدتها إليه اليهودية ولم يسأل عن كيفية ذبحها ولا عن التسمية عليها.
ولا يجب على المسلم السؤالُ والتنقيبُ ما دام في دولةٍ غالبُ أهلِها مِن أهل الكتاب؛ فقد نَهَى اللهُ تعالى المؤمنين عن التنقيب والتفتيش المُتَكَلَّف في الأمور كلها، وبَيَّنَ الله قاعدةَ ذلك فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ [المائدة: 101].
قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (3/ 183، ط. دار الكتب العلمية): [هذا تأديبٌ مِن الله تعالى لعباده المؤمنين ونَهْيٌ لَهُم عن أن يسألوا عن أشياء مِمَّا لا فائدة لَهُم في السؤال والتنقيب عنها...، حتى قال: وظاهر الآية النهيُ عن السؤال عن الأشياء التي إذا عَلِمَ بها الشخصُ سَاءَتْهُ، فالأَوْلى الإعراضُ عنها وتركُها] اهـ بتصرف.
ولذلك يُكرَه التفتيشُ عن بواطن الأمور، بل أخرج ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"، والمحاملي في "أماليه"، وأبو الشيخ في كتاب "التوبيخ"، والطبراني في "المعجم الكبير" عن حارثة بن النعمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا ظَنَنْتَ فَلَا تُحَقِّقْ»، وأخرجه رسته في كتاب "الإيمان" عن الحسن البصري مرسلًا، وأخرجه عبد الرزاق -كما في "تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة- عن إسماعيل بن أمية معضلًا.
هذا كُلُّهُ إذا لَم يُعلَم يقينًا أن ذابحها ليس كتابيًّا، أو أنه لَم يذبحها بل قَتَلَها بالضرب أو الصعق مثلًا، فإذا عُلِمَ ذلك يقينًا زال أصلُ الحِلِّ وصار اللحمُ حرامًا.
هذا عن الحلال والحرام، أما عن الوَرَعِ فهو واسعٌ، فقد اتفقت كلمة الفقهاء على أنَّ حَدَّ الوَرَعِ أَوْسَعُ مِن حَدِّ الحكم الفقهي؛ وذلك لأن المسلم قد يَترُكُ كثيرًا مِن المباح تَوَرُّعًا، ولكن هذا لا يعني أنْ يُلزِم غيرَه بذلك على سبيل الوجوب الشرعي فيدخل في باب تحريم الحلال، ولا أن يعامل الظني المختلف فيه معاملة القطعي المجمَع عليه فيدخل في الابتداع بتضييق ما وسَّعه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، بل عليه أنْ يَلْتَزِمَ بِأَدَبِ الخِلَافِ؛ كَمَا هو مَنهَجُ السَّلَفِ الصالح في المسائل الخلافية الاجتهادية.
وعلى ما سبق مِن بيانٍ: فالأصل فيما يُقدَّم للتلاميذ مِن اللحوم في مدارس أهل الكتاب أنها لُحُومٌ حلالٌ، إلَّا إذا عُلِم أنها ليست مذبوحةً، فإذا عُلِم أنها ليست مذبوحةً أو أنها فَقَدَتْ أَحَدَ شروطِ الحِلِّ فإنها تكون حرامًا، وعلى أولياء أمور الطلاب حينئذٍ التنبيه على إدارة المدرسة بضرورة مراعاة هذه الأمور عند تقديم اللحوم للطلاب المسلمين مِن باب احترام عقائد الإنسان وشعائره، وذلك مَبْدَأٌ مُقَرَّرٌ مَعمُولٌ به في دول العالم الملتزمة بحقوق الإنسان.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم ذبح الأضاحي في الشوارع وترك مخلفاتها في الطرقات وعدم القيام بتنظيف هذا؟
ما حكم بيع لحوم الأضاحي؟ فبعض الفقراء يحصل في عيد الأضحى المبارك على ما يزيد على حاجتهم مِن لحوم الأضاحي، فيدَّخر بعضها لنفسه وأهله، ثم يقوم ببيع الفائض مِن تلك اللحوم والانتفاع بثمنها في تيسير أموره وقضاء حوائج أخرى، فهل يجوز لهم شرعًا بيع لحوم الأضاحي؟ وهل يجوز أيضًا بيع المُضحِّي لحم الأضحية لغير الجَزَّار لإعطاء الجَزَّار أجرته؟
ما هي القواعد التي نصَّت عليها الشريعة الإسلامية في التذكية -أي: الذبح- الشرعي للحيوانات والطيور؟
ما كيفية توزيع الأضحية لحمًا وأحشاءً وجِلدًا؟
سائل يقول: ورد في السنة النبوية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهي عن العتيرة في قوله: «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ»، وقد سمعت أن الذبح في شهر رجب مستحب. فما التوجيه الشرعي لهذا النهي؟ وكيف نفهم الحديث؟
هل يجوز الاستفادة من فرق الأسعار بين الصك البلدي والمستورد في دفع ثمن تعليب لحوم الأضاحي ليمكن حفظها لمدة عام وتوزيعها على المستحقين شهريًّا؛ حيث إن الفقراء لا يملكون ثلاجات لحفظ لحوم الأضاحي ويتناولونها مرة واحدة فقط في العيد؟