طلب مجلس إدارة مشروع إنشاء معهد أمراض الكبد بيان ما إذا كان يجوز شرعًا دفع الزكاة أو جزء منها لهذا المشروع أم لا يجوز؟ وبعد الاطلاع على الكتيب الذي حوى فكرة المشروع، وتقدير تكاليف إنشائه وضرورته بسبب انتشار أمراض الكبد انتشارًا كبيرًا في مصر وباقي الأقطار العربية، وفي مراحل العمر المختلفة، وأن الجمعية القائمة على المشروع قد تم شهرها وتسجيلها بالشؤون الاجتماعية جنوب القاهرة، وأن المعهد سيلحق به مستشفًى لعلاج القادرين بأجر في حدود نسبة معينة من المرضى، وذلك كمورد لتشغيل المعهد ومؤسساته بالإضافة إلى الموارد الأخرى المبينة بالكتيب.
يجوز إخراج جزء من زكاة الأموال للمعاونة في إقامة المشاريع المذكورة، ويدخل هذا تحت مصرف ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾؛ إذ السعي في علاج المرضى بأي طريقة من الطرق المبيَّنة بالسؤال يدخل في وجوه الخير العامة المندرجة ضمن هذا المصرف، بالإضافة إلى توافر صفة الفقر أو المسكنة فيمن ينتفعون بالعلاج في الأعم الأغلب.
المحتويات
نفيد أن فقهاء المسلمين قد استنبطوا من القرآن الكريم والسنة الشريفة أن لأحكام الشريعة الإسلامية مقاصد ضرورية كانت هي الغاية من تشريعاتها، وقد أطلقوا عليها: "الضروريات الخمس" وهي: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال، ومن أوضح الأدلة في القرآن على الأمر بحفظ النفس قول الله سبحانه: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة : 195]، وقوله: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: 29].
وفي السنة الشريفة الدعوة الواضحة الصريحة إلى التداوي، فقد روى أحمد عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَتَدَاوَى؟ قَالَ: «نَعَمْ، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ». وَفِي لَفْظٍ: قَالَتْ الْأَعْرَابُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا نَتَدَاوَى؟ قَالَ: «نَعَمْ، عِبَادَ اللهِ تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً -أَوْ دَوَاءً- إلَّا دَاءً وَاحِدًا»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا هُوَ؟ قَالَ: الْهَرَمُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. "منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار" لابن تيمية (ج8)، وشرحه "نيل الأوطار" باب الطلب للشوكاني (ص 200).
وفي "حاشية السندي" على"سنن ابن ماجه" (1/ 41) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ».
قوة المؤمن في عقيدته وفي بدنه وفي كل شيء يحتاج إلى العزم والعزيمة والمجالدة، ومن هذه النصوص من القرآن والسنة نرى أن الإسلام قد حث الناس على المحافظة على أنفسهم صحيحة قوية قادرة على أداء واجبات الدين والدنيا، وإذا كان التداوي من المرض مطلوبًا ليشفى المريض ويصير عضوًا نافعًا في مجتمعه الإسلامي والإنساني، وإذا كانت أمراض الحضارة قد انتشرت واستشرت تقوض بناء الإنسان بعد أن تسري في دمائه وأوصاله، وإذا كان العلم الذي علمه الله الإنسان قد وقف محاربًا لهذه الأمراض والأوبئة في صورة معاهد ومستشفيات متخصصة في نوعيات من المرض وبعض أعضاء الإنسان، وإذا كان الكثيرون من الناس قد تعجز مواردهم عن مواجهة نفقات العلاج المتخصص، إذا كان كل ذلك وجب على المجتمع أن يتساند ويتكافل، كما هو فرض الإسلام وكما تدعو له غريزة حب البقاء مع النقاء، والتكافل والتعاون بين الناس في درء المفاسد والأمراض، يدعو إليه حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ شَيْءٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» متفق عليه.
وإذا كانت الزكاة قد فرضها الله في أموال الأغنياء لتعود إلى الفقراء فإنه لم يترك أمر صرفها وتوزيعها دون تحديد؛ وإنما بيَّنها في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]، وها نحن نجد أن أول الأصناف المستحقين للزكاة بترتيب الله سبحانه الفقراء، وتحديد معنى الفقر وإن تناقش فيه الفقهاء وتنوعت أقوالهم كما تنوع الرأي في حد العطاء، ولكنا هنا سنأخذ الفقير والمسكين بمعنى صاحب الحاجة التي لا بد منها ولا يستطيع الحصول عليها، ومن ثم ينبغي أن تكون من الحاجات تيسير سبل العلاج إذا مرض الفقير أو المسكين هو أو أحد أفراد أسرته الذين تلزمهم نفقته، ولا يترك المريض الفقير أو المسكين للمرض يفترسه ويقضي عليه؛ لأن تركه على هذه الحال وإلى هذا المآل قتل للنفس وإلقاء باليد إلى التهلكة، وذلك محرم طبعًا وشرعًا بالآيات الكريمة وبالأحاديث الشريفة ومنها ما سبق التنويه به.
إذا أمعنا النظر في باقي مصارف الصدقات نجد منها: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾ [التوبة: 60].
وقد تحدث المفسرون والفقهاء في بيان هذا الصنف واختلفت أقوالهم في مداه، والذي أستخلصه وأميل للأخذ به أن سبيل الله ينصرف إلى المصالح العامة التي عليها وبها قوام أمر الدين والدولة والتي لا ملك فيها لأحد، ولا يختص بالانتفاع بها شخص محدد، وإنما ينتفع بها خلق الله، فهي ملك لله سبحانه، ومن ثم يدخل في نطاقها إعداد المعاهد والمستشفيات الصحية التي يلجأ إليها المرضى، والإنفاق عليها ودوام تشغيلها وإمدادها بالجديد من الأدوات والأدوية وكل ما يسفر عنه العلم من وسائل.
وهذا المعنى هو مؤدى ما قال به الإمام الرازي في "تفسيره" (4/ 464) من أن: [ظاهر اللفظ في قوله تعالى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾ لا يوجب القصر على كل الغزاة،... ثم قال: نقل القفال في "تفسيره" عن بعض الفقهاء أنهم أجازوا صرف الصدقات إلى جميع وجوه الخير من تكفين الموتى وبناء الحصون وعمارة المساجد؛ لأن قوله: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾ عام في الكل] اهـ. وبهذا قال غير الرازي؛ كالقاسمي في "محاسن التأويل" (7/ 181) ورشيد رضا في "تفسير المنار" (10/ 585-587) أيضًا، ولا مراء في أن هذه وجوه عامة لا تعتبر تكرارًا للأصناف المحددة قبلًا في آية المصارف.د
إذا كان ذلك وكان من أهداف إنشاء المعهد والمستشفى المسؤول عنهما إيجاد مكان لدراسة نوع خطير من الأمراض وعلاجها بالمتابعة العلمية ويمتد إلى علاج الفقراء الذين تعجز مواردهم عن تحمل نفقات العلاج المتخصص أصبح إنشاؤه ومستلزماته وتوابعه من المصالح العامة التي تدخل في وجوه الخير التي ليست موجهة لفرد بذاته وإنما لعمل عام، بالإضافة إلى توافر صفة الفقر أو المسكنة فيمن ينتفعون بالعلاج فيه بالمجان في الأعم الأغلب.
لما كان ذلك يجوز للمسلمين الذين وجب في أموالهم حق للسائل والمحروم أن يدفعوا جزءًا من زكاة هذا الأموال للمعاونة في إقامة المعاهد العلمية التي تعين على الدرس، واستحداث الوسائل والأدوية الناجحة للعلاج ومكافحة الأمراض، والإرشاد إلى طرق الوقاية منها؛ لأن في سلامة البدن قوة للمسلمين، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، وهذا متى كانت غايته دفع شرور الأمراض عن المسلمين ولا سيما الفقراء والمساكين منهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم صرف الأموال التي جُمِعَت للأيتام في غرض آخر؟ حيث تقوم جمعيتنا بكفالة الأيتام، وقد جمعت من أغنياء المدينة أموالًا لهذا الغرض، وهي تقوم بموجب لائحة موضوعة لهذا الغرض بالصرف منها على ستة وثمانين أسرة مكونة من مائتين وأربعة وثلاثين فردًا، وقد توافرت أموال من مجموع ما تم تحصيله للصرف على الأيتام وتم من هذه الأموال بناء مبنًى تجاري من طابقين ليعود رِيعه على مشروع الكفالة.
فهل يمكن الصرف من هذه الأموال على أُسَرِ الفقراء والمحتاجين وغيرهم من ذوي الاحتياجات في المجتمع من غير الأيتام، وهم كثيرون، والأموال المخصصة لهم لا تكفيهم؟ مع العلم أن الأموال محل السؤال قد جُمِعَت من المتبرعين للصرف منها على كفالة الأيتام.
هل يُحسب مال الإيفاء بالنذر من جملة زكاة المال؟ حيث قام السائل بإيداع مبلغ خمسمائة ألف جنيه في أحد البنوك للإيفاء بنذور قد قطعها على نفسه إن فرَّج الله كربه، وهي ذبح ذبيحة بمبلغ خمسة آلاف جنيه وتوزيعها على الفقراء والمساكين، ونذر إخراج مبلغ ستمائة جنيه، كما قام ببناء قبرين صدقةً: أحدهما للرجال، والثاني للنساء من فقراء المسلمين بمبلغ عشرين ألف جنيه، كما نذر أداء عمرة له ولبناته الثلاث بمبلغ ثلاثين ألف جنيه، كما ساهم في بناء مسجد بمبلغ ثمانية آلاف جنيه، كما أخرج مبلغ سبعة آلاف جنيه لمرضى السرطان، وألفَي جنيه لدار أيتام، وثلاثة آلاف جنيه للفقراء والمساكين. ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في هذه المبالغ: هل تدخل ضمن زكاة المال؟ وهل تحسب فيما عليه من زكاة لأكثر من حَوْل؟ وما هي قيمة الزكاة المفروضة على هذا المبلغ المودع بالبنك وهو خمسمائة ألف جنيه؟
لما كانت جمعيتنا تعتمد في تقديم خدماتها وتفعيل مشروعاتها على تبرعات أهل البر والخير، وحيث إن أموال تبرعاتهم منها الصدقات والهبات وزكاة المال، فإنا نستفسر من فضيلتكم؛ حرصًا منا على تحقيق الصرف وفقًا للأصول الشرعية عن: هل يلزم التفريق بين الصدقات وأموال الزكاة؟ وما هي المصارف الشرعية لكلٍّ في حال الاختلاف؟ وهل يجوز لنا توجيه أموال الزكاة أو الصدقات على بناء مسجد الجمعية ومجمعها الخدمي؟
لقد يسرنا الله تعالى لإنشاء جمعية خيرية، ونشاطها الأساس يهدف إلى إعداد حَمَلة القرآن ليكونوا صالحين كقدوة لغيرهم في أخلاقهم وشخصيتهم، حيث نعد لهم برامج تدريبية متخصصة بطريقة عملية لننمي فيهم حفظ القرآن والتخلُّق بالأخلاق الحميدة وتمسكهم برسول الله كقدوة، مع الاتفاق مع المراكز المتخصصة في التنمية البشرية لتنمية المهارات السلوكية ومهارات التفكير لهم، وذلك لبناء شخصيتهم متعددة المواهب، واكتشاف مواهبهم وتنميتها وتأصيل انتمائهم لأجدادهم المسلمين. والسؤال: هل يجوز أن نصرف أموال الزكاة على هذه البرامج حيث إنها تحتاج لدعم مالي ضخم يصل إلى ألف وخمسمائة جنيه شهريًّا للطفل الواحد، أمكن تخفيضها لتصل إلى ثلاثمائة وثمانين جنيهًا شهريًّا عن طريق الاعتماد على المتطوعين؟ وهل يجوز أن نصرف هذه الأموال على تعليمهم الحِرَف والمهارات اليدوية؟ حيث إنها تنمِّي الفصَّ الأيمن من المخ، وتعلمهم معنى الاعتماد على النفس، وتعلمهم معنى الكسب من عمل اليد، وتوجِّه طاقتهم، وهل يجوز أن نصرف منها على تعليمهم الرياضة البدنية لتنمية أجسامهم؟ وهل يجوز أن نصرف منها على إيجارات أو تمليك مقر لتعليم القرآن وإعداد حمَلة القرآن؟ أرجو من سيادتكم بيان الحكم الشرعي.
هل يجوز التفاضل بين المستحقين للزكاة؛ بحيث تكون الأولوية في الدفع إلى بعض الأصناف المستحقة دون بعضها أو لا بد من المساواة؟
ما حكم دفع الزكاة لدار الايتام من أجل كفالة طفل؟ فأنا أتبرع لإحدى دور الرعاية بهدف كفالة طفل من الأيتام أو فاقدي الرعاية الأبوية ممن ترعاهم الجمعية. فهل يجوز تخصيص هذا المبلغ من زكاة المال؟