ما حكم إلقاء القمامة والحيوانات النافقة في مياه النيل والترع؟
يحرم شرعًا إلقاء القمامة والحيوانات النافقة في مياه النيل والترع؛ لأنها من جملة الخبائث والأذى المطلوب إماطته من طريق الناس ومواطن عيشهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم «وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» متفق عليه، والمولى عز وجل أنزل الماء لحياة الإنسان؛ قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ [الأنبياء: 30]، وإلقاء الأذى في الماء يلوّثه ويحوِّله إلى بيئةٍ راعيةٍ للأمراض والأوبئة وهو ما يعارض مقصوده.
هذا، وقد نصَّ القانون المصري على معاقبة وتجريم من يفعل ذلك؛ فلا يجوز للمسلم أن يرتكب ما يضر بالوطن ويحرمه الشرع والقانون، وإلا كان فعله هذا نوعًا من الإفساد في الأرض.
المحتويات
حرصَ الإسلامُ على النظافةِ، وحثَّ أتباعه على اقتفائها، وشَرَع لهم من العبادات ما يحقِّق هذه الغاية، وهذا يأتي في سياق أن الدين الإسلامي قد وضع ضوابط وآدابًا تَصون كرامةَ الفرد، ويُراعَى فيها شعور المجتمع وتحميه من كل أذًى وعدوان، ومن ذلك آداب الطريق التي حثَّنا عليها سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ»، قالوا: يا رسول الله! ما لنا من مجالسنا بُدٌّ نتحدث فيها! قال: «فَأَمَّا إِذْ أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ»، قالوا: يا رسول الله فما حق الطريق؟ قال: «غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ» متفق عليه.
كما حثَّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على إماطة الأذى عن الطريق؛ ففي الحديث الصحيح: «وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» متفق عليه.
وفي "صحيح مسلم" من حديث أبي برزة رضي الله عنه قال: قُلْتُ يَا نَبِىَّ اللهِ: عَلِّمْنِى شَيْئًا أَنْتَفِعُ بِهِ، قَالَ: «اعْزِلِ الأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ»؛ أي: أزله من طريقهم؛ حتى تترك للسائرين في الطريق حقهم في السير.
من تلك الآداب: الحفاظُ على الماء، فقد جعله الله تعالى أصل الحياة؛ قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنبياء: 30].
وسخَّر الله تعالى الماء للإنسان؛ فقال سبحانه: ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ﴾ [إبراهيم: 32].
وقال تعالى: ﴿وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ﴾ [البقرة: 164].
وقد بلغ من حِرْصِ الشريعة على الحفاظ على الماء أن أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحفظ الشَّرَاب ليلًا، فقال: «غَطُّوا الْإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، وَأَغْلِقُوا الْبَابَ، وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَحُلُّ سِقَاءً، وَلَا يَفْتَحُ بَابًا، وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا أَنْ يَعْرُضَ عَلَى إِنَائِهِ عُودًا، وَيَذْكُرَ اسْمَ اللهِ، فَلْيَفْعَلْ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ» متفق عليه.
ومعنى: «أَوْكُوا السِّقَاءَ» أَي: اربطوه؛ حتى لا يقع فيه ما قد يؤذي الإنسان أو يَضُرُّ به أو بصحته.
كما نَهَى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتنفس الشارب في الإناء أو ينفخ فيه، والحكمة من ذلك حماية الماء أو الطعام مما قد يَعلَق فيه من الجوف.
ومن أدبه صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يشرب على ثلاثة أنفاس، ولا يزدرد الماء في جوفه دفعة واحدة، وكان يقول: «إِنَّهُ أَرْوَى وَأَبْرَأُ وَأَمْرَأُ» رواه مسلم.
كما نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الإسراف في استعمال الماء؛ فقد مرَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بِسَعْدٍ رضي الله عنه وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ: «مَا هَذَا السَّرَفُ؟» فَقَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ» رواه الإمام أحمد وابن ماجه.
ومن الآداب التي أرشدنا إليها الإسلام: النهيُ عن تلويث الماء؛ فقد حذَّر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تلويث الماء، ونهى أن يُبال في الماء الراكد، والعلَّة في ذلك: حمايتُه من أن يكون موطنًا للأمراض والأوبئة، وهذه العلة متحققة في إلقاء الـمُخلَّفات -كالقمامة والحيوانات النافقة- في مياه النيل والترع التي يَسقِي منها الناس زَرعَهم وبهائمهم؛ لأن هذه المخلفات تُحوِّل هذه المياه إلى بيئةٍ راعيةٍ للأمراض والأوبئة.
قد وردت أحاديث كثيرة تدلُّ على فضائل ماء النيل؛ منها: ما في "الصحيحين" من حديث مالك بن صعصعة رضي الله عنه في حديث المعراج: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ثُمَّ رُفِعَتْ إِلَيَّ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ، قَالَ: هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ، نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ، قَالَ: أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ».
ومنها: ما في "صحيح مسلم" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ وَالفُرَاتُ وَالنِّيلُ كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الجَنَّةِ».
فالحديثان يدلان دلالة واضحة على تكريم نهر النيل، وإلقاء بقايا الطعام في مياهه فيه امتهانٌ وانتقاصٌ له، وقد حثَّنا الشرع الكريم على الحفاظ على النِّعَم من الامتهان؛ فعن أنس رضي الله عنه قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتمرة في الطريق، فقال: «لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا» متفق عليه، كما أرشدنا إلى أخذ اللقمة إذا سقطت وإماطة ما عليها وأكلها.
من أجل ذلك فقد حرص الـمُشرِّع المصري في سنِّه للقوانين على النصِّ على ما يحمي نهر النيل والمجاري المائية من التلوث، فشرَّع قانونًا يفي بذلك، وهو القانون رقم 48 لسنة 1982م، والذي ينص في مادتيه الأولى والثانية على ما يلي:
[المادة الأولى: تعتبر من مجاري المياه في تطبيق أحكام هذا القانون:
1.مسطحات المياه العذبة، وتشمل:
أ) نهر النيل وفرعيه، والأخوار.
ب) الرياحات، والترع بجميع درجاتها، والجنابيات.
2.مسطحات المياه غير العذبة، وتشمل:
أ) المصارف بجميع درجاتها.
ب) البحيرات.
ج) البرك، والمسطحات المائية، والسياحات.
3.خزانات المياه الجوفية.
المادة الثانية: يحظر صرف أو إلقاء الـمُخلَّفات الصلبة أو السائلة أو الغازية من العقارات والمحالِّ والمنشآت التجارية والصناعية والسياحية ومن عمليات الصرف الصحي وغيرها في مجاري المياه على كامل أطوالها ومسطحاتها، إلا بعد الحصول على ترخيص من وزارة الريِّ في الحالات ووفق الضوابط والمعايير التي يصدر بها قرار من وزير الريِّ بناءً على اقتراح وزير الصحة، ويتضمن الترخيص الصادر في هذا الشأن تحديد المعايير والمواصفات الخاصة بكل حالة على حدة] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن إلقاء الـمُخلَّفات -كالقمامة والحيوانات النافقة- في مياه النيل والترع بالمخالفة للقانون في ذلك يُعَدُّ أمرًا محرَّمًا شرعًا ومجرَّمًا قانونًا، ولا يجوز للإنسان أن يرتكب ما يضرُّ بوطنه ويحرمه الشرع ويجرمه القانون، ولا يخفى أن في الخروج على تلك القوانين سعيًا في الأرض بالفساد.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
بعض الناس يقوم بالإنكار على قول صاحب البردة:
وكيف تدعو إلى الدنيا ضَرُورَةُ مَن ... لولاه لم تُخْرَج الدنيا من العَدَم
وقد وصلت المبالغة إلى التعريض بكفر قائله ومن يُردده؛ فما البيان الشرعي في ذلك؟ وكيف نرد على هؤلاء؟
ما هي الأدلة على استحباب إطلاق السيادة عند ذكر الاسم الشريف للنبي عليه السلام؟ لأني قرأتُ أنَّ ذكر السيادة عند ذكر اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم مستحبٌّ؛ فما هي الأدلة على ذلك؟
هل يجوز لي أن أدخل على شبكات الواي فاي (wi-fi) المتاحة في الأماكن العامة؟
ما حكم إخفاء درجة جودة السلعة عند بيعها؟ فأنا أعمل تاجرًا في مجال قطع الغيار، ومن المعروف عني أني لا أتاجر إلا في السلع عالية الجودة، لكن في الآونة الأخيرة وبسبب عدم توفر سيولة مالية كبيرة لن أتمكن من الاستمرار في ذلك، فهل يجوز لي التعامل في السلع متوسطة القيمة والجودة، فأبيعها على كونها ذات جودة عالية لكن بسعر منخفض؟ مع العلم بأني لن أُعلم المُشتري بطبيعة هذه السلع.
أكفل في بيتي طفلًا مجهول النسب بلغ الآن أربع سنوات، وهناك مَن يُخَطِّئ هذا ويقول: إنَّ كفالة اليتيم تكون بالإنفاق عليه وهو في دار الأيتام، ولا يجوز تربيته في بيت الكافل. فما الرأي الشرعي في ذلك؟
انتشرت في هذه الأيام ظاهرة الغش في الامتحانات. فما هو حكم الشريعة الإسلامية فيما يلي:
1- ما حكم الغش في لجان الامتحانات؟
2- توجد بعض المواد تكميلية بالنسبة للطالب لا ينتفع بدرجاتها أو لن تعود عليه بالنفع في المستقبل؛ فهل يجوز فيها الغش مثل الإنجليزية وما شابه في بعض المراحل؟
3- هل الغش في امتحانات القدرات للالتحاق بالكليات مقبول؟
4- هل يُعدّ الغش من التعاون على الإثم والعدوان؟
5- حكم المراقب الذي يتهاون في أداء عمله ويعطي فرصة للطلبة بالغش؟ أو يتجاهل الأمر فيترتب عليه غش الطلبة؟
6- هل يجوز الغش البسيط الذي يحتاج الطالب فيه لمن يذكره بالمعلومة فقط؟ أم أن الأمور تستوي؛ بمعنى من يحتاج إلى التذكير أو من يأخذ المعلومات كلها وينقلها من زملائه؟