حكم كتابة وطباعة المصحف بالحرف اللاتيني

تاريخ الفتوى: 15 ديسمبر 1987 م
رقم الفتوى: 3122
من فتاوى: فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوي
التصنيف: مستجدات ونوازل
حكم كتابة وطباعة المصحف بالحرف اللاتيني

ما حكم كتابة وطباعة المصحف بالحرف اللاتيني؟ حيث يسأل مركز التربية الإسلامية بباريس عن:
1. مدى جواز كتابة النص القرآني بالحرف اللاتيني تيسيرًا لغير العرب أو المسلمين الجدد حتى يقرءوا القرآن بلغتهم.
2- إبداء الرأي في كتيب مرفق بالطلب بعنوان "كتابة النص القرآني بالحرف اللاتيني".

كتابة المصحف بالرسم العثماني المعروف توقيفية، ولا يجوز كتابته وطباعته بالحرف اللاتيني، ومع هذا فلا بأس من ترجمة المعاني -أي تفسير النص القرآني وترجمته- إلى غير العربية تيسيرًا على غير الناطقين بها.

المحتويات

 

رسم المصحف توقيفي أم اجتهادي

للإجابة على السؤال الأول: وهو ما مدى جواز كتابة النص القرآني بالحرف اللاتيني تيسيرًا لغير العرب، يتوقف الجواب على هذا السؤال على معرفة الإجابة عن سؤال آخر، وهو هل الرسم العثماني للمصحف توقيفي؟ وهل يجب الالتزام به أم لا؟
ذهب جمهور العلماء إلى أن رسم المصحف توقيفي لا تجوز مخالفته، واستدلوا بأدلة كثيرة منها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان له كُتَّاب يكتبون الوحي، وقد كتبوا القرآن الكريم فعلًا بهذا الرسم، وأمرهم الرسول بكتابته ومضى عهده صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن على هذه الصورة، ولم يحدث فيه تغيير ولا تبديل، بل ورد أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يضع الدستور لكتاب الوحي في رسم القرآن وكتابته، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم لمعاوية رضي الله عنه وهو من كتبة الوحي: «يَا مُعَاوِيَة ألقِ الدواة، وحرِّف الْقَلَم، وانصب الْبَاء، وَفرّق السِّين، وَلَا تغوِّر الْمِيم، وَحسِّن الله، وَمدَّ الرَّحْمَن، وجوِّد الرَّحِيم، وضع قلمك على أُذُنك الْيُسْرَى فَإِنَّهُ أذكر لَك» "مسند الديلمي".
ثم جاء أبو بكر فكتب القرآن بهذا الرسم في صحف، ثم حذا حذوه عثمان في خلافته فاستنسخ تلك الصحف في مصاحف على تلك الصورة، وأقر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عمل أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما، وانتهى بعد ذلك إلى التابعين وتابعي التابعين، فلم يخالف أحد منهم في هذا الرسم، ولم ينقل أن أحدًا منهم فكر أن يستبدل به رسمًا آخر من الرسوم التي حدثت في عهد ازدهار التأليف ونشاط التدوين وتقدم العلوم، بل بقي الرسم العثماني محترمًا متبعًا في كتابة المصحف لا يمس استقلاله ولا يباح حماه.

الأدلة على أن رسم القرآن توقيفي

قد لخص الشيخ الزرقاني هذا الدليل فقال: إن رسم المصاحف العثمانية ظفر بأمور كل واحد منها يجعله جديرًا بالتقدير ووجوب الاتباع، تلك الأمور هي:
أ- إقرار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأمره بدستوره وإجماع الصحابة عليه.
ب- وبإجماع الأمة على فعل عثمان رضي الله عنه استدل القائلون بالتوقيف أيضًا، ولا ريب أن إجماع الأمة في أي عصر واجب الاتباع، خاصة في العصر الأول، فقد روى ابن أبي داود والطبري وغيرهما من رواية شعيب عن الزهري "أن عثمان رضي الله عنه أرسل إلى كل جند من أجناد المسلمين بمصحف، وأمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف المصحف الذي أرسل به".
ومن طريق مصعب بن سعد قال: "أدركت الناس متوافرين حين أحرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد".
وأخرج ابن أبي داود بسند صحيح عن علي رضي الله عنه قال: "لا تقولوا في عثمان إلا خيرًا، فوالله ما فعل الذي في المصاحف إلا عن ملأٍ منا".
وانعقاد الإجماع على المصحف العثماني يشمل الرسم كذلك وهو دليل على أنه لا يجوز العدول عنه.
ج- ومما استدل به القائلون بأن رسم المصحف توقيفي أيضًا ما أثر عن بعض الأئمة، مما يدل على أنهم يرون أن رسم المصحف توقيفي يجب التزامه، ومن هؤلاء الأئمة: مالك وأحمد والبيهقي وأبو عبيد.
فقد سئل الإمام مالك: أرأيت من استكتب مصحفًا، أترى أن يكتب على ما استحدثه الناس من الهجاء اليوم؟ فقال: لا أرى ذلك، ولكن يكتب على الكتبة الأولى، ولا مخالف له من علماء الأمة، وسئل كذلك عن الحروف في القرآن كالألف والواو المزيدتين في الرسم لمعنى: أترى أن تغير من المصحف إذا وجدا فيه كذلك؟ فقال: لا.
وقال الإمام أحمد رحمه الله: تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في ياء أو واو أو ألف أو غير ذلك.
وقال البيهقي في "شعب الإيمان": [من كتب مصحفًا فينبغي أن يحافظ على الهجاء التي كتبوا بها تلك المصاحف، ولا يخالفهم فيها، ولا يغير مما كتبوه شيئًا، فإنهم أكثر علمًا وأصدق قلبًا ولسانًا وأعظم أمانة منا، فلا ينبغي أن نظن بأنفسنا استدراكا عليهم] اهـ.
وقال أبو عبيد: اتباع حروف المصحف عندنا كالسنين القائمة التي لا يجوز لأحد أن يتعداها.
وأفتى الإمام الشافعي قديمًا بأن تعلم العربية فرض على كل مسلم عربيًّا كان أم أعجميًّا فقال بما نصه: [على كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده حتى يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، ويتلو كتاب الله تعالى] اهـ. "الرسالة" للشافعي (1/ 47، ط. مكتبة الحلبي).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم" صفحة 207: [إن اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب] اهـ.

الترجمة الحرفية لحروف القرآن الكريم

أصدر مجمع البحوث الإسلامية قرارًا جاء فيه: إن قيام الدين الإسلامي متوقف على العلم بلغة كتابه المنزل وسنة نبيه المرسل، وقال الشيخ محمد خضر حسين رحمه الله -شيخ الجامع الأزهر الأسبق-: "لقد كان المسلمون فيما سلف يقتحمون للسيادة كل وعر، ويركبون لإظهار دين الله كل خطر، ويلبسون من برود البطولة والعدل وكرم الأخلاق ما يملأ عيون مخالفهم مهابة وإكبارًا، وكانت اللغة العربية تجر رداءها أينما رفعوا رايتهم، وتنتشر في كل واد وطئته أقدامهم، فلم يشعروا بدعوتهم إلى الإسلام بحاجة إلى نقل معاني القرآن إلى اللغات الأجنبية، وربما كان عدم نقلها إلى غير العربية وهم في تلك العزة والسلطان من أسباب إقبال غير العرب على معرفة لسان العرب حتى صارت أوطان أعجمية إلى النطق بالعربية".
وقال الشيخ محمد علي الصابوني الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمكة المكرمة في كتابه "التبيان في علوم القرآن" في فصل بعنوان الترجمة (صفحة 205): [تنقسم هذه الترجمة إلى قسمين؛ الأول: الترجمة الحرفية، الثاني: الترجمة التفسيرية، والمراد بالقسم الأول الحرفية أن يترجم القرآن بألفاظه ومفرداته وتركيبه طبق الأصل إلى غير العربية ... إلخ] اهـ بتصرف يسير، وانتهى في قوله إلى عدم جواز ترجمة القرآن حرفيًّا، وذلك للأسباب الآتية:
أولًا: إنه لا يجوز كتابة القرآن بغير أحرف العربية لئلا يقع التحريف والتبديل.
ثانيًا: إن اللغات غير العربية ليس فيها من الألفاظ والمفردات والضمائر ما يقوم مقام الألفاظ العربية.
ثالثًا: إن الاقتصار على الألفاظ قد يفسد المعنى ويسبب الخلل في التعبير والنظم؛ ولأنه معجز بلفظه ومعناه.

الخلاصة

الكتيب الذي أرفق بطلب المركز الإسلامي بفرنسا عظيم في هذا الشأن، ونؤيد ما جاء به، وخاصة قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي المنعقد في مكة المكرمة في تاريخه، والذي قرر بإجماع أعضائه ما جاء في قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية من عدم جواز تغيير رسم المصحف العثماني، ووجوب بقاء رسم المصحف العثماني على ما هو عليه؛ ليكون حجة خالدة على عدم تسرب أي تغيير أو تحريف في النص القرآني، واتباعًا لما كان عليه الصحابة وأئمة السلف رضوان الله عليهم أجمعين، ويجب على من يعتنق الإسلام أن يجتهد قدر وسعه ويبذل طاقته لتعلم اللغة العربية ما تيسر له حتى يستطيع أن يقرأ ما تصح به الصلاة بالعربية، وإن وجد صعوبة في باقي الفروع فلا بأس من ترجمة المعاني أي تفسير النص القرآني وترجمته إلى غير العربية؛ حفاظًا على جمال القرآن الكريم وكماله وبلاغته وإعجازه. والله ولي التوفيق.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم اتباع التقويم الذي تصدره هيئة المساحة المصرية في أوقات الصلوات؛ فنحن مجموعة من أئمة مركز ومدينة المحلة الكبرى؛ نحيط سيادتكم علمًا بأن القائمين على المساجد اعتادوا على أن يرفعوا الأذان بعد انتهاء الأذان في الإذاعة والدعاء بعده؛ نظرًا لأن النتائج لم يكن فيها غير توقيت القاهرة والإسكندرية، وظل الأمر على ذلك سنوات، ثم ظهرت النتائج تحمل توقيت مدن أخرى ومنها مدينتي طنطا والمحلة، فلم يلتفت الناس وساروا على عادتهم، ثم انتبه البعض فوجد أن النتائج جميعها ومنها النتيجة الخاصة بالهيئة العامة المصرية للمساحة قسم النتائج والتقويم على موقعها، أن توقيت أذان المحلة قبل توقيت أذان القاهرة مما أدى إلى اختلافٍ بين الأئمة؛ فمنهم من راعى اعتراض الناس فلم يُعِر ذلك اهتمامًا، أو خشي من رد الفعل فاستمر على ما كان عليه، ومنهم من وجد مُسوِّغًا للقول بأن أذان الصبح الآن قبل موعده الشرعي بثلث ساعة، ومنهم من رأى أن ذلك يؤدي إلى شبهة على الأقل في الصيام في رمضان؛ إذ إن التوقيت الذي ينبغي أن يُمسك فيه عن الطعام هو قبل أذان القاهرة، وهو في الواقع لا يمسك إلا بعده، أي بعد أذان الفجر بتوقيت محافظته وهي المحلة (وذلك في الدقائق التي قبل أذان القاهرة، والدقائق التي بقَدْر ما يسمع أذان الراديو والدعاءَ بعده)؛ حيث إن الناس لا يُمسكون إلا بسماع الآذان في الأحياء التي يعيشون فيها فحَمَل الناس على التوقيت الذي أخبر به أهلُ الذكر في المسألة.
وتعدد الآراء في هذا الأمر أحدث بلبلة وتعدُّدًا في وقت رفع الأذان في الحي الواحد.
وقد اتفق الجميع (الأئمة والأهالي) على أنه لو جاءهم منشور أو بيان او إفادة من الجهة المختصة فسيرتفع الخلاف بينهم؛ فنحن في انتظار إفادتكم لقطع الخلاف ومنع أسباب الفتنة خاصة وقد اقترب شهر رمضان أعاده الله علينا وعليكم باليمن والبركات. والله المستعان وعليه التكلان.


ما حكم إقامة صلاة الجمعة في البيت؟ خاصَّة في هذه الآونة التي ارتأت الجهات المتخصصة تعليقَ صلاةِ الجمعة فيها؛ عملًا بالإجراءات الاحترازية والأساليب الوقائية لمواجهة فيروس كورونا والحد من انتشاره.


ما حكم تعجيل إخراج الزكاة بسبب وباء كورونا؟ حيث يمر العالم في هذه الآونة بنوع من الكساد الاقتصادي بسبب انتشار وباء فيروس كورونا، وأمام الإجراءات التي تتخذها دول العالم ومنها مصر للحد من انتشار عدوى هذا الوباء؛ من المكث في البيوت، وإغلاق المحلات، وغير ذلك، تأثر كثير من الناس بذلك، فهل يجوز تعجيل أموال الزكاة عن موعدها بسبب هذه الحالة التي تمر بها مصر وبلاد العالم؟


ما حكم نشر الأشخاص تفاصيل حياتهم الخاصة على مواقع التواصل؟ فقد انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة "اليوتيوبرز" الذين يقومون بنشر مقاطع فيديو مُصوَّرة عن تفاصيل حياتهم الشخصية لهم ولأسرهم. فما حكم ذلك؟


ما حكم الامتناع عن المصافحة خوفًا من الإصابة بعدوى فيروس "كورونا (كوفيد-19)"؟


هل يجوز فتح فتحات تهوية في المقابر لخروج روائح الميت من القبر؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 06 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 54
العصر
4:30
المغرب
7 : 54
العشاء
9 :27