دجاج خيبر

تاريخ الفتوى: 05 أغسطس 2018 م
رقم الفتوى: 4500
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: التصنيف العام
دجاج خيبر

هل قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند فتحه لخيبر هذه العبارة: "دجاج خيبر"؟ وهل أساء العَوَام فهم هذه العبارة؟ وهل ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أعطى كل دَاجِن بخيبر لجَبَل بن جَوَّال الثعلبي، ولابن لُقَيم العبسي؟

لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند فتحه لخيبر أنه قال هذه العبارة: "دجاج خيبر"، وعليه: فلا يوجد محل للنزاع أصلًا، ومن ثمَّ لا يوجد موضوع يتعلق بالبحث عن مقصود ومراد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك القول، كما لا يوجد أيضًا مجال للكلام عمَّا إذا كان العَوَام أساؤوا فَهْمَ هذه العبارة أم لا.
أما ما يتعلق باعطاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما بخيبر من دَجاج ودَاجِن لجَبَل بن جَوَّال الثعلبي وابن لُقيم العبسي رضي الله عنهما؛ فقد صحَّت الروايات التي جاء فيها ذكر هذا العطاء، وثبتت نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

المحتويات

مدى صحة قول النبي عليه السلام عند فتحه لخيبر عبارة "دجاج خيبر"

الروايات الصحيحة التي ثبتت في ذلك

بيان معنى كلمتي "الداجن" و"الدجاج" الوارد في هذه الروايات

 

مدى صحة قول النبي عليه السلام عند فتحه لخيبر عبارة "دجاج خيبر"

إنه بعد دراسة تفصيلية لغزوة خيبر، وبحث دقيق مُوَسَّع في مَظَانِّه؛ كمتون الأحاديث الشريفة وشروحها، وكتب التفاسير، والغزوات والسيرة النبوية العطرة، والتراجم والطبقات، تبيَّن أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند فتحه لخيبر أنه قال هذه العبارة: "دجاج خيبر".

وتأسيسًا على القاعدة الأصولية التي تقرر أن "الدلالة فرع الثبوت"، وأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا القول، وبناء عليه: فلا يوجد محل للنزاع أصلًا، ومن ثمَّ لا يوجد موضوع يتعلق بالبحث عن مقصود ومراد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك القول، كما لا يوجد أيضًا مجال للكلام عمَّا إذا كان العَوَام أساؤوا فَهْمَ هذه العبارة أم لا.

الروايات الصحيحة التي ثبتت في ذلك

أما فيما يتعلق بصحَّة الروايات التي تُقرر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعطى ما بخيبر من دَجاج ودَاجِن لجَبَل بن جَوَّال الثعلبي وابن لُقيم العبسي رضي الله عنهما؛ فقد صحَّت هذه الروايات وثبتت نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا تفصيل بيانها:
أما جَبَل بن جَوَّال رضي الله تعالى عنه فهو من بني ثعلبة بن سعد بن ذُبْيَان، دان باليهودية هو وقومه، وعاش مع بني قريظة حتى ظهر الإسلام، ودخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم خيبر فاتحًا، ثم هداه الله إلى الإسلام فأسلم، وهو ممن ثبتت صحبته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ قال ابن ماكولا في "الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب" (2/ 47، ط. دار الكتب العلمية): [أما جَبَل بفتح الجيم والباء المعجمة بواحدة، فهو جَبَل بن جوَّال الثعلبي، له صُحبة، ذكره ابن إسحاق، وله شِعر] اهـ.

وترجم له العلامة ابن الأثير في "أسد الغابة في معرفة الصحابة" (1/ 508، ط. دار الكتب العلمية)، فقال: [جبل بن جوال بن صفوان بن بلال بن أصرم بن إياس بن عبد غنم بن جحاش بن بجالة بن مازن بن ثعلبة بن سعد بن ذبيان، الشاعر الذبياني، ثم الثعلبي، ذكره ابن إِسْحَاق.أخبرنا أَبُو جَعْفَر عُبَيْد اللهِ بن عَلِيِّ بن عَلِيٍّ بِإِسْنَادِهِ عن يونس بن بكير، عن مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاق، قال: ثم استنزلوا -يعني بني قريظة- فحبسهم، وذكر الحديث في قتلهم، وقال: فقال جبل بن جوال الثعلبي، كذا قال يونس: لَعَمْرُكَ مَا لامَ ابْنُ أَخْطَبَ نَفْسَهُ ... وَلَكنَّهُ مَنْ يَخْذُلِ اللهُ يُخْذَلِ. وقال: كان يهوديًّا فأسلم، ورثى حُيي بن أخطب. وقال الدارقطني، وَأَبُو نصر، وذكراه فقالا: له صحبة] اهـ. وترجم له أيضًا الحافظ ابن حجر العسقلاني بمثل هذه الترجمة في "الإصابة في تمييز الصحابة" (1/ 563-564، ط. دار الكتب العلمية).

وقد أشار الإمام الواقدي إلى العطاء الذي وَهَبَه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لجَبَل بن جَوَّال الثعلبي رضي الله تعالى عنه؛ فقال في "المغازي" (2/ 700، ط. دار الأعلمي): [وأعطى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جَبَلَة بن جَوَّال الثعلبي كل دَاجِن بخيبر. ويقال: أعطاه كل دَاجِن في النَّطَاة، ولم يعطه من الكتيبة، ولا من الشَّق شيئًا] اهـ، والنَّطاة: اسم حصنٍ مِن حصون خيبر الرئيسية.

وأما ابن لُقيم رضي الله تعالى عنه فهو من بني عَبْس، وقد ثبتت صحبتُه أيضًا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولقبه لُقيم الدجاج؛ نظرًا لهِبَة النبي صلى الله عليه وآله وسلم له دجاج خيبر عن آخرها.

وقد ترجم له العلامة ابن هشام في "السيرة النبوية" (2/ 340، ط. مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر)، فقال: [قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ -فِيمَا بَلَغَنِي- قَدْ أَعْطَى ابْنَ لُقَيْمٍ الْعَبْسِيَّ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ مَا بِهَا مِنْ دَجَاجَةٍ أَوْ دَاجِنٍ، وَكَانَ فَتْحُ خَيْبَرَ فِي صَفَرٍ، فَقَالَ ابْنُ لُقَيْمٍ الْعَبْسِيُّ فِي خَيْبَرَ:
رُمِيَتْ نَطَاةُ مِنَ الرَّسُولِ بِفَيْلَقٍ ... شَهْبَاءَ ذَاتِ مَنَاكِبٍ وَفَقَارِ
وَاسْتَيْقَنَتْ بِالذُّلِّ لَمَّا شُيِّعَتْ ... وَرِجَالُ أَسْلَمَ وَسْطَهَا وَغِفَارِ
صَبَحَتْ بَنِي عَمْرِو بْنِ زُرْعَةَ غُدْوَةٌ ... وَالشَّقُّ أَظْلَمَ أَهْلُهُ بِنَهَارِ
جَرَّتْ بِأَبْطَحِهَا الذُّيُولُ فَلَمْ تَدَعْ ... إلَّا الدَّجَاجَ تَصِيحُ فِي الْأَسْحَارِ
وَلِكُلِّ حِصْنٍ شَاغِلٌ مِنْ خَيْلِهِمْ ... مِنْ عَبْدِ أَشْهَلَ أَوْ بَنِي النَّجَّارِ
وَمُهَاجِرِينَ قَدْ أعْلَمُوا سِيمَاهُمُ ... فَوْقَ المغافرِ لم يَنُوا لفِرَار
وَلَقَدْ عَلِمْتُ لَيَغْلِبَنَّ مُحَمَّدٌ ... وَلَيَثْوِيَنَّ بِهَا إلَى أَصْفَارِ
فَرَّتْ يَهُودٌ يَوْمَ ذَلِكَ فِي الْوَغَى ... تَحْتَ الْعَجَاجِ غَمَائِمَ الْأَبْصَارِ] اهـ.

قال الإمام أبو ذر الخشني في "الإملاء المختصر في شرح غريب السير" (1/ 347، ط. دار الكتب العلمية): [(وقوله): من دجاجة أو داجن: الدَّاجن: كلُّ ما ألف الناس في بيوتهم، كالشاة التي تُعلف والدجاج والحمام؛ وسُمي داجنًا لأنه مقيم مع الناس، يقال: دجن بالمكان إذا أقام به. قال ابن سراج: كان ابن لُقيمٍ العبسي يُعرفُ بلُقيم الدجاج، لقبٌ له لزمه] اهـ.
وذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني وأشار إلى عطاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم له في غزوة خيبر، كما أشار أيضًا إلى لقبه الذي ارتبط بهذه العطية؛ فقال في "الإصابة في تمييز الصحابة" (5/ 510، ط. دار الكتب العلمية): [لُقيم الدجاج: ذكره الجاحظ في كتاب الحيوان، وقال: إنه مدح النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم في غزاة خيبر بشعر منه: رُمِيَتْ نَطَاةُ من الرَّسولِ بفيلقٍ .. شهباءَ ذات مَنَاكبٍ وفقارِ. قال: فوهب له النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم دجاج خيبر عن آخرها، فمن حينئذ قيل: لقيم الدجاج، ذكر ذلك أبو عمرو الشيباني والمدائني عن صالح بن كيسان. قلت: قصته مذكورة في "السيرة" لابن إسحاق] اهـ.

وترجم له أيضًا الجاحظ في "الحيوان" (2/ 396، ط. دار الكتب العلمية)؛ كما أورد ترجمته الإمام جار الله الزمخشري في "ربيع الأبرار ونصوص الأخيار" (5/ 403، ط. مؤسسة الأعلمي) بمثل الترجمة السابقة.

بيان معنى كلمتي "الداجن" و"الدجاج" الوارد في هذه الروايات

يُطلق لفظ (الدَّاجن) في معهود كلام العرب على كل مَا أَلِفَ الْبيُوتَ وَأقَام بهَا من حَيَوَان وطير، ويُطلق على الذَّكَر والْأُنْثَى منها. قال الإمام الحَمِيدي في "تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم" (1/ 533، ط. مكتبة السنة): [الدَّاجِن: الشَّاة الَّتِي تألف الْبَيْت، وتقيم بِهِ، وَيُقَال: دجن بِالْمَكَانِ، أَي أَقَامَ به] اهـ.

أما لفظ (الدجاج) فقد أشار إلى معناه ابن سِيدَهْ في "المحكم والمحيط الأعظم" (7/ 189-190، ط. دار الكتب العلمية)، فقال: [الدَّجاجة، والدِّجاجة: مَعْرُوفَة؛ سميت بذلك لإقبالها وإدبارها، يَقع على الذَّكر وَالْأُنْثَى. وَجَمعهَا: دِجَاج، ودَجاج، ودَجائج.. وَأما دَجاج فَمِن الْجمع الَّذِي لَيْسَ بَينه وَبَين واحده إِلَّا الْهَاء؛ كحمامة وحمام، ويمامة ويمام] اهـ.

وذهب أبو هلال العسكري في "التَّلخِيص في مَعرفَةِ أسمَاءِ الأشياء" (1/ 398، ط. دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر) إلى أنه: [يُقالُ لأولادِ الطيرِ كلِّهِ: أفراخٌ إِلَّا الدَّجاجَ، فإنَّهُ يُقالُ لأولادِها: الفراريجُ، الواحدُ فرُّوجٌ] اهـ. وإلى مثل ذلك المعنى ذهب أيضًا أبو حاتم السجستاني في "الفرق" (1/ 250، ط. مجلة المجمع العلمي العراقي). ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم التهنئة بأعياد رأس السنة الميلادية؟ وهل هي حرامٌ شرعًا كما يشيع البعض؛ بدعوى أنها مشاركة في طقوسهم الدينية؟


نرفع لسيادتكم نموذجًا لما يتم تداوله بين أوساط بعض المسلمين من شبهات حول حكم بناء الكنائس وترميمها، وجاءت هذه الشبهات كالتالي:
الشبهة الأولى: بناء الكنائس والبِيَع حرام؛ حيثُ إنَّ المساجد بيوت عبادة الله للمسلمين، والكنائس والبِيَع معابد اليهود والنصارى يعبدون فيها غير الله، والأرض لله عز وجل، وقد أمر ببناء المساجد وإقامة العبادة فيها لله عز وجل، ونهى سبحانه عن كل ما يُعبَد فيه غير الله؛ لِمَا فيه من إقرار بالباطل، وتهيئة الفرصة للقيام به، وغش الناس بوضعه بينهم، قال الله تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا﴾ [الجن: 18]، وقال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 85].
وبهذا يُعلم أنَّ السماح والرضا بإنشاء المعابد الكفرية؛ مثل الكنائس، أو تخصيص مكان لها في أي بلد من بلاد الإسلام، من أعظم الإعانة على الكفر وإظهار شعائره، والله عز شأنه يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2].
الشبهة الثانية: أجمع العلماء على وجوب هدم الكنائس وغيرها من المعابد الكفرية إذا أُحدثَت في أرض الإسلام، ولا تجوز معارضة ولي الأمر في هدمها؛ بل تجب طاعته.
وبهذا يُعلم أنَّ السماح والرضا بإنشاء المعابد الكفرية؛ مثل الكنائس، أو تخصيص مكان لها في أي بلد من بلاد الإسلام، من أعظم الإعانة على الكفر وإظهار شعائره؛ والله عز شأنه يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2].
قال شيخ الإسلام: "من اعتقد أنَّ الكنائس بيوت الله وأنَّ الله يُعبدُ فيها، أو أنَّ ما يفعله اليهود والنصارى عبادة لله وطاعة لرسوله، أو أنه يحب ذلك ويرضاه، أو أعانهم على فتحها وإقامة دينهم وأنَّ ذلك قربة أو طاعة فهو كافر".
وليحذر المسلم أن يكون له نصيب من قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ۞ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ ۞ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ۞ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: 25-28].
الشبهة الثالثة: صار من ضروريات الدين تحريمُ الكفر الذي يقتضي تحريم التعبد لله على خلاف ما جاء في شريعة الإسلام؛ ومنه: تحريم بناء معابد وفق شرائع منسوخة؛ يهودية، أو نصرانية، أو غيرهما؛ لأنَّ تلك المعابد سواء كانت كنيسة أو غيرها تعتبر معابد كفرية؛ لأنَّ العبادات التي تؤدى فيها على خلاف شريعة الإسلام الناسخة لجميع الشرائع قبلها والمبطلة لها، والله تعالى يقول عن الكفار وأعمالهم: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان: 23]، ولا يجوز اجتماع قبلتين في بلدٍ واحدٍ من بلاد الإسلام، ولا أن يكون فيها شيء من شعائر الكفار لا كنائس ولا غيرها؛ ولهذا أجمع العلماء على تحريم بناء هذه المعابد الكفرية. وقد قال شيخ الإسلام: "من اعتقد أنَّ زيارة أهلِ الذمة كنائسَهم قربةٌ إلى الله فهو مرتدٌّ، وإن جهل أنَّ ذلك محرم عُرِّف ذلك، فإن أصرَّ صار مرتدًّا" اهـ.
الشبهة الرابعة: من المعلوم أنَّ الأشياء التي ينتقض بها عهد الذمي: الامتناع من بذل الجزية، وعدم التزام أحكام الإسلام، وأن يُقاتل المسلمين منفردًا أو في الحرب، وأن يلتحق الذمي بدار الحرب مُقيمًا بها، وأن يتجسس على المسلمين وينقل أخبارهم، والزنا بامرأةٍ مسلمة، وأن يذكر الله تعالى أو رسوله أو كتبه بسوء.
وإذا انتقض عهد الذمي: حلَّ دمه وماله، وسار حربيًّا يُخير فيه الإمام بين القتل، أو الاسترقاق، أو المن بلا فدية، أو الفداء.
الشبهة الخامسة: ذكر البعضُ أنَّ البلاد التي أُنشئت قبل الإسلام وفتحها المسلمُون عنوةً وتملكوا أرضها وساكنيها لا يجوز إحداث كنائس فيها، ويجب هدم ما استحدث منها بعد الفتح؛ لأنَّ هذه الكنائس صارت ملكًا للمسلمين بعد أن فتحوا هذه البلاد عنوة.
وأمَّا البلاد التي أُنشئت قبل الإسلام وفتحها المسلمون صُلْحًا: فهي على نوعين:
الأول: أن يصالحهم على أن الأرض لهم ولنا الخراج عليها، أو يصالحهم على مالٍ يبذلونه وهي الهُدنة؛ فلا يُمنعون من إحداث ما يختارونه فيها؛ لأنَّ الدار لهم.
الثاني: أن يُصالحهم على أنَّ الدار للمُسلمين، ويؤدون الجزية إلينا، فحكمها ما اتُّفقَ عليه في الصلح، وعند القدرة يكون الحكم ألَّا تُهدم كنائسهم التي بنوها قبل الصلح، ويُمنعون من إحداث كنائس بعد ذلك.
الشبهة السادسة: حكم بناء ما تهدَّمَ من الكنائس أو ترميمها: على ثلاثة أقوال:
الأول: المنع من بناء ما انهدم وترميم ما تلف.
الثاني: المنع من بناء ما انهدم، وجواز ترميم ما تلف.
الثالث: إباحة الأمرين.
فالرجاء التفضل بالاطلاع والتوجيه بما ترونه سيادتكم نحو الإفادة بالفتوى الشرعية الصحيحة في هذا الشأن حتى يمكن نشرها بين أهالي القرى؛ تصحيحًا للمفاهيم ومنعًا للشبهات.



هل الأمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب يتنافى مع مبدأ "التَّعايش"؟


ما حكم ما إذا صدر عن العاميِّ تصرُّفٌ فيه اختلاف بين المذاهب الفقهية، ثم سأل عنه أحد المفتين، فهل يجوز للمفتي أن يفتيه بما يوافق فعله وإن خالف ذلك مذهب المفتي، أم أنه يجب عليه الالتزام بمذهبه، أو إلزام المستفتي بمذهب واحد من المذاهب الفقهية؟


سائل يقول: تَكَفَّل الله تعالى بحفظ القرآن الكريم؛ فلماذا لم يتكفل بحفظ الكتب المقدسة الأخرى رغم أنَّ مصدرها واحد، وهو الله سبحانه وتعالى؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 06 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 54
العصر
4:30
المغرب
7 : 54
العشاء
9 :27