ما حكم تعطيل مصالح الناس، حيث أننا إحدى شركات القطاعات العامة التي تُقَدِّم خدمات للجمهور، ولاحظنا أنَّ بعض الموظفين لدينا لا يقومون بالأعمال المنوطة بهم إلَّا بعد حصولهم على أموالٍ مِن الجمهورِ الذين يُقدِّمون لهم الخدمة، مما يضطر بعض الناس إلى إعطائهم هذه المبالغ للحصول على الخدمات الخاصة بهم وعدم تعطيل أمورهم. ونريد أن نسأل عن حكم مِثْل هذه الأموال التي يأخذها الموظفون؟
ما يفعله هؤلاء الموظفون من تعطيلٍ لمصالح الجمهور أو أخذٍ لأموالهم بغير وجهٍ حقٍّ ليقضوا لهم مصالحهم محرمٌ شرعًا، ومُجَرَّمٌ كذلك في قانون العقوبات، والواجب الضرب على أيدي هؤلاء المرتشين العابثين الفاسدين، ما لم يتوبوا إلى الله مما يفعلون، كما أنَّ على ولي الأمر أن يُغيث كل من طلب منه الغوث للقضاء على مثل هذا الفساد العريض.
المحتويات
الموظَّف في الدولة عَاملٌ بأجرة، فهو مؤتمن على العمل الذي كُلِّف به وفُوِّض إليه، وعدم تأديته على الوجه المطلوب منه مع أخذه الأجر على العمل فيه تَعَدٍّ مُحَرَّمٌ على المال العام، كما أَنَّ تلكُّؤ وإبطاء الموظفين في إنجاز الأعمال الـمُوكلة لهم -خاصة التي ترتبط بالغير- غير جائز شرعًا؛ حيث كان هذا التَّلَكُّؤ والإبطاء بغير وجه حق؛ وذلك لما يلي:
أَوَّلًا: أن هذه الفِعْلة فيها مخالفة لولي الأمر وافتيات عليه؛ فقد نَصَّ المشرِّع المصري على عقوبة الموظفين الممتنعين عن العمل؛ فجاء النَصُّ في قانون العقوبات على أنه: [إذا تَرَك ثَلاثةٌ عَلَى الأقلِّ مِن الموظفين أو المستخدمين العموميين عملهم ولو في صُورةِ الاستقالةِ أو امتنعوا عن تأدية واجب من واجبات وظيفتهم متفقين على ذلك، مبتغين منه تحقيق غرض مشترك، عوقب كل منهم بالحبس مدةً لا تقل عن سَنةٍ وَبِغرامةٍ لا تقل عن ألفي جنيه، ويُضاعَف الحد الأقصى لهذه العقوبة إذا كان الترك أو الامتناع من شأنه أن يجعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم في خطر، وكان من شأنه أن يُحدِث اضطراباتٍ أو فتنةً بين الناس أو إذا أضر بمصلحة عامة، وكل مُوظَّف أو مستخدم عمومي تَرَك عمله أو امتنع عن عَملٍ من أعمال وظيفته بقصد عرقلة سير العمل أو الإخلال بانتظامه يُعاقَب بالحبس مدة لا تجاوز سنة أو بغرامة لا تجاوز 5 آلاف جنيه، ويضاعف الحدُّ الأقصى لهذه العقوبة إذا كان الترك أو الامتناع من شأنه أن يُحدِث اضطرابًا أو فتنةً بين الناس أو إذا أضر بمصلحة عامة] اهـ. والافتيات على ولي الأمر مَحَرَّم شرعًا.
ثانيًا: أنَّ هذه الفِعْلة فيها خيانة للأمانة التي اؤتمن عليها الموظفون؛ وفي الحديث المتفق عليه الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ».
وقد عَدَّ الإمامان الذهبي وابن حجر الهيتمي الخيانة من الكبائر؛ قال الإمام الذهبي رحمه الله في "الكبائر" (1/ 149، ط. دار الندوة): [الكبيرة التاسعة والثلاثون: الخيانة] اهـ.
وقال الإمام ابن حجر في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/ 442، ط. دار الفكر): [(الكبيرة الأربعون بعد المائتين: الخيانة في الأمانات كالوديعة والعين المرهونة أو المستأجرة وغير ذلك)] اهـ.
ثالثًا: كما أنَّ هذا التَّعطيلَ والإبطاء فيه أكل للمَالِ بِالباطلِ؛ وقد نُهينا عن ذلك في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].
ومِن أعظم مظاهر أكل المال بِالباطلِ هو الأخذ من المال العام بدون وجه حق؛ ذلك أَنَّ الموظَّف الذي لا يُنْجِزُ الأعمال الـمُوكلة إليه -والتي ترتبط بالغير بحيث يكون هذا التَّبَاطُؤ بدون وجه حقٍّ ويأخذ مع ذلك على وظيفته أجرًا- هو آكلٌ للمَالِ بالباطل.
والمال العام -وهو هنا أَجْر الـمُوظَّف- قَدْ حَرَّم النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الاعتداء عليه، وجعل صيانته من النهب والإهدار والاستغلال مسؤولية الجميع؛ لأنَّ هذا المال مِلْك لكل أبناء الوطن، والتصرف فيه يكون وفق ضوابط الشرع وشروطه؛ فعن خولة الأنصارية رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ» رواه البخاري.
فقد سَمَّى النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم المال العام الذي لا يملكه فرد بعينه بأنه مال الله، وتُوضِّح ذلك رواية الترمذي: «مِنْ مَالِ اللهِ وَرَسُولِهِ»؛ إذ هذه الإضافة خاصة بالمال العام.
وفي هذا الحديث وَعيدٌ شَديدٌ لمن يتَخوَّض في المال العام، أي: يأخذه ليتملكه ويتصرف فيه تصرُّف المالك؛ قال الإمام ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (6/ 219، ط. دار المعرفة): [لا ينبغي التخوُّض في مال الله ورسوله والتصرف فيه بمجرد التشهي. وقوله: «فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ» حُكْمٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الوَصْفِ المناسبِ وهو الخوض في مال الله؛ ففيه إِشْعَارٌ بِالغَلَبَةِ. قوله: «يَتَخَوَّضُونَ -بالمعجمتين- فِي مَالِ اللهِ بِغَيْرِ حَقٍّ»؛ أي يتصرفون في مال المسلمين بالباطل وهو أَعَمُّ من أن يكون بالقسمة وَبِغَيْرِهَا] اهـ.
ما يأخذه هؤلاء الموظفون من أموالٍ لتنفيذ ما وُكِّل إليهم من أعمال الغير، فهو رشوة مُحرَّمة، مَلعونٌ صاحبها؛ ذلك أَنَّ الأصل في قضاء المصالح أن تؤدَّى لأصحابها من غير رشوةٍ أو هديةٍ ما دام المسؤول عنها مُوظفًا يتقاضى راتبًا على عمله هذا، فإن قصد فهو آثم قطعًا، وإذا لم يستطع الإنسان قضاء مصلحته وحاجته والوصول إلى حقه إلا بدفع الرشوة لمن عنده وعلى يديه قضاء مصلحته وحاجته، فإنه يجوز له دفع رشوة في حُدودِ ما يقضي به حاجتَه، ولا يزيد على ذلك؛ لأن ما أبيح للضرورةِ يقدر بقدرها؛ ولقوله تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: 173].
ولعن آخذ الرشوة جاء في الحديث الشريف: «لَعَنَ اللهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِي»، رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان، وفي رواية بزيادة: « وَالرَّائِشِ»؛ أي: الساعي بينهما، واللعن من الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وآله وسلم معناه أَنَّ ذلك كبيرة من الكبائر.
وأمر الرشوة خطير على المجتمعات؛ ولذلك فهو يستوجب عدم التهاون فيه؛ ويدعو إلى أهمية الضرب على أيدي المرتشين العابثين المفسدين.
ومن نَاحيةٍ أخرى على ولي الأمر أن يُغيث كل من طلب منه الغوث للقضاء على هذا الفساد العريض، ويجب على الراشين والمرتشين أن يتوبوا إلى الله تعالى من هذا الإثم حتى يبارك الله سبحانه في أموالهم وأولادهم.
على ما سَبَق وفي واقعة السؤال: ما يفعله بعض الموظفين من تعطيل أمور الناس بغير وجه حقٍّ أمرٌ مُجَرَّمٌ في قانون العقوبات، ولا تجوز شرعًا هذه الفِعْلة؛ لأنَّها تُعَدُّ افتياتًا على ولي الأمر فيما سَنَّه من قوانين ولوائح، فإذا صَحِب هذا التعطيلَ اشتراطُ حصول هؤلاء الموظفين على أموالٍ مِن الجمهور الذين يُقدِّمون لهم الخدمةَ فهي رشوةٌ مُحَرَّمٌ أَخْذها على هؤلاء الموظفين.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم التحايل والغش في البضاعة المتفق على توريدها في المناقصات؟ حيث أعمل في مجال تجارة واستيراد الأجهزة الطبية، وعندما أذهب للاشتراك في أي مناقصة عامة لتوريد هذه الأجهزة أجد من شروط توريد الأجهزة أن يكون بلد المنشأ إنجلترا أو أمريكا أو ألمانيا فقط، مع العلم بأن هذه الأجهزة تُصَنَّعُ في الصين وبنفس الجودة وبسعر أقل بكثير من هذه الدول، إلا أن شروط المناقصة تستبعد هذه الأجهزة؛ لعدم تصنيعها في هذه الدول، فدَلَّني أحد الأصدقاء من العاملين في هذا المجال بأن أقوم باستيراد هذه الأجهزة من الصين وإدخالها إلى إحدى هذه الدول المنصوص عليها في شروط المناقصات، ومن ثَمَّ أقوم باستيرادها مرة أخرى من هذه الدولة وإدخالها إلى هنا، وبذلك تحصل الأجهزة على ختم هذه الدولة، وفي هذه الحالة لا تكون هناك مشكلة في دخول المناقصات العامة والاستفادة من عطاءاتها، مع العلم أني أبيعها بسعر أقل بكثير من سعر الأجهزة المصنوعة بالفعل في الدول المنصوص عليها في شروط المناقصة. فما حكم الشرع فيما أقوم به؟
ما رأي فضيلتكم في ظاهرة المستريح؟ لأنه قد انتشر في الآونة الأخيرة بشكل واسع نماذج جديدة ممن يطلق عليهم لقب "المستريح"، وبخاصة في أرياف مصر وصعيدها، بغرض المتاجرة؛ فمثلًا هناك شخصٌ يقوم بشراء المواشي بأغلى من سعرها في السوق؛ بل إنه ربما يشتريها بضعف ثمنها، غير أنه لا يسلم للبائع كامل الثمن وإنما يعطيه مجرد عربون لمدة 20 يومًا، ثم يبيع هذه المواشي بأقل من سعرها في السوق، ويرد عليه الثمن.
وهو يمارس هذا الأمر مع عدد كبير من الناس، حتى بدأ الناس في إعطائه أموالهم ليتاجر لهم بها، فما حكم هذه المعاملات؟ وما حكم من يعطيه ماله بغرض التجارة؟
ما هي حقوق التأليف والنشر؛ فنحن نتعامل في بيع وتوزيع ونشر الكتب الإسلامية والعلمية، وهدفنا الأول في العمل في هذا الميدان هو نشر العلوم الإسلامية، وما نتقاضاه من أثمان لهذا العمل نَتَقوَّى به على إتمام الهدف الأول بتطويره وتوسيع الاستفادة منه لعموم طلاب العلم وتعرض لنا مشكلة يختلف الحكم بها من دولة إلى دولة ومن مُفْتٍ إلى مُفْتٍ وهي حقوق التأليف، وصورة تقاضي حقوق التأليف كالآتي:
الصورة الأولى: أن يؤلف شخص كتابًا ويقدمه للناشر بخط المؤلف، ويطلب من الناشر مبلغًا من المال؛ إما أن يدفع مقطوعًا لطبعة واحدة، أو لعدة طبعات معينة، أو لمدة محددة، أو غير محددة، أو بنسبة مئوية من سعر بيع الكتاب لطبعة أو لطبعات.
الصورة الثانية: أن يقوم شخص بتحقيق نص كتاب أو تعليق أو شرح عليه وهذا الكتاب لغيره ويقدمه للناشر بخط يده، ويطلب من الناشر مبلغًا ماليًّا حسب الطريقة السابقة في الصورة الأولى.
الصورة الثالثة: أن يقدم المؤلف كتابًا مطبوعًا ويحمل اسمه تأليفًا كالصورة الأولى، أو تحقيقًا أو تعليقًا أو شرحًا كالصورة الثانية، ويطلب التعاقد مع الناشر بمبلغ مالي حسب الطريقة الواردة في الصورة الأولى.
وسؤالنا هو:
1- هل أخذ هذا المبلغ من الناشر حلال للمؤلف أم حرام عليه؟ وإذا كان حرامًا فهل يأثم الناشر بتسليمه له؟
2- لو طبع ناشر كتابًا ولم يعط مؤلفه مالًا هل عليه إثم أم لا؟
3- إذا كان للمؤلف حق وعلم الموزع أن الناشر لم يعط المؤلف حقه هل على الموزع إثم في بيع هذا الكتاب، ومن ثم التعامل مع هذا الناشر؟
4- إذا كان للمؤلف حق فمتى ينتهي حقه في هذا الكتاب؟ هل ينتهي حقه لوقت معين كما في القوانين الوضعية؟ وإذا كان ينتهي بفترة معينة فهل يعتبر حقه حق ملكية أم أجرة؟ أم يبقى له ولورثته سلالة بعد سلالة؟ وماذا تكون الحال بمن لم يعرف وارثه سواء من المعاصرين أم القدماء؟
5- يترتب على إخراج الطبعة الأولى من كل كتاب أمور فنية مدفوع عليها أموال من قِبَل الناشر، وتستمر هذه الأمور تفيد كل من طبع الكتاب بعد الطبعة الأولى، منها ما ينتهي بإعادة صف حرف الكتاب، ومنها ما لا ينتهي، ومن هذه الأمور شهرته وتعالم الناس به وهو ما يسمى الآن -دعاية وإعلام- وإخراجه وتصحيح أخطائه بحيث يكون سليمًا من الخطأ وصف حرفه وتشكيله وفهرسته وتقسيم سطوره وتقسيم صفحاته وترتيبه، وهذه أمور يقوم بها الناشر، فهل للمؤلف أن يسلبه حقه بعد انتهاء فترة التعاقد معه كما في الصورة الثالثة، أم تبقى حقا له؟ وهل هذه الأحقية تثبت شركته في الكتاب؟
6- صاحب الكتاب المحقق أو المعلق عليه أو المشروح واقع الحال الآن أنه لا يُعطَى شيئًا من المال كما في الصورة الثانية، فما حكمه؟ هل يسقط حقه بمجرد تعليق أو تحقيق يلحق بكتابه؟ أم أنه لا حق له في الأصل؟
وأن غرضنا الأول من هذا الاستفسار: هو استبيان الوجه الشرعي من الحل والحرمة؛ قال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُون﴾.
وغرضنا الثاني: هو قطع الطريق على تيار القوانين الوضعية في أمور الحقوق بين المسلمين وكشف الغطاء عن الوجه الشرعي لهذه القضية التي كثر الحديث عنها والتعامل بها. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
يقول السائل: وكَّلني شخص بمبلغٍ من المال لقضاء عملٍ ما عند شخص آخر، ولم يتمّ، فسحبت منه المال بدون علم وإرادة صاحبه، وقمت بالتجارة فيه بدون علمه وربحت، وأرجعت إليه ماله فقط، إلَّا أنه عرَف ما فعلت؛ فطالبني بربح هذا المال؛ فما حكم الشرع في ذلك؟
ما حكم قيام العامل أو الموظف بإثبات حضور زميله من دون أن يأتي للعمل؟
ما حكم الانشغال في وقت العمل الرسمي بأعمال خاصة؟ حيث يقوم بعض الأشخاص بإنجاز بعض الأعمال الخاصة في وقت العمل الرسمي؛ فما حكم ذلك شرعًا؟