حكم احتكار مستلزمات التطهير وأدوات التعقيم

تاريخ الفتوى: 01 مايو 2020 م
رقم الفتوى: 5200
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: مستجدات ونوازل
حكم احتكار مستلزمات التطهير وأدوات التعقيم

ما حكم احتكار مستلزمات التطهير وأدوات التعقيم؟ فبعد اجتياح فيروس كورونا الوبائي بلدان العالم، وجدنا كثيرًا من التجار يستغلون هذا الوباء في مصالحهم الشخصية ومكاسبهم المادية، فاحتكروا المستلزمات الطبية؛ كالكمامات والقفازات ومساحيق التعقيم والتنظيف التي تساعد على عدم انتشار هذا الفيروس، فرفعوا ثمنها، واستغلوا حاجة الناس إليها، فألحقوا بهم المشقَّة والضرر، فما رأي الشرع في ذلك؟

استغلال حاجة الناس في هذه الآونة واحتكارَ احتياجاتهم للمستلزمات الطبية والأدوات الوقائية من أجل زيادة الأسعار وتحصيل المكاسب المادية، هو أمرٌ مُحرَّمٌ شرعًا، يأثم فاعلُه أشدَّ الإثم؛ لما فيه من وقوع الضرر والتضييق على الناس، وعدم الانتماء للوطن، وتخليه عنه في أوقات الشدَّة والمِحَن.

المحتويات

 

خطورة الاحتكار وأثره على الفرد والمجتمع

وَضَعَ الشرعُ الشريف القواعدَ التي تنظِّم علاقةَ الأفراد بعضهم ببعض في البيع والشراء والأخذ والعطاء، وأرْشَدَ إلى طرق الكسب الحلال فيها، ونهى عما يخالفها؛ رعايةً للحقوق، وتحقيقًا للمصالح، ورفعًا للتظالم؛ قال تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]، وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].

ولذلك نهى عن احتكار السلع وحبس المنافعِ بقصد استغلال حاجة الناس والتضييق عليهم فيما يحتاجونه وما تقوم عليه معايشهم، وشدَّد الوعيدَ على من يفعل ذلك؛ فعن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ، ضَرَبَهُ اللهُ بِالْجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ» أخرجه ابن ماجه في "سننه" وأحمد والطيالسي في "مسانيدهما" والبيهقي في "شعب الإيمان" و"دلائل النبوة". وعنه أيضًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ» أخرجه ابن ماجه والدارمي والبيهقي في "السنن" والحاكم في "المستدرك".

قال الإمام زين الدين المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/ 388، ط. مكتبة الإمام الشافعي): [«مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ» أَي: ادخر مَا يَشْتَرِيهِ مِنْهُ وَقت الغلاء ليَبِيعهُ بأغلى «ضَرَبَهُ اللهُ بِالْجُذَامِ» أَي: ألصقه وألزمه بِعَذَاب الجذام «وَالْإِفْلَاسِ» خصهما لأن المحتكر أراد إصلاح بدنه وَكَثْرَة مَاله؛ فأفسد بدنه بالجذام وَمَاله بالإفلاس] اهـ.
وعن معمر بن عبد الله رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ» رواه الإمام مسلم في "صحيحه".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ احْتَكَرَ يُرِيدُ أَنْ يُغَالِيَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ خَاطِئٌ، وَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللهِ» أخرجه الحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "السنن".

قال العلامة القاري في "مرقاة المفاتيح" (5/ 1952، ط. دار الفكر): [وهذا تشديدٌ عظيمٌ وتهديدٌ جسيمٌ في الاحتكار] اهـ.
وعن عمر رضي الله عنه قال: "من احتكر طعامًا ثم تصدَّق برأس ماله والربح، لم يُكَفَّر عنه" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف".

والاحتكار: هو الادخار للمبيع، وطَلَب الربح بتقلب الأسواق؛ كما عرَّفه الإمام الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (5/ 15، ط. مطبعة السعادة)، أو هو حبس الشيء تربصًا لغلائه والاختصاص به؛ كما في "شمس العلوم" للحميري (3/ 1539، ط. دار الفكر)، و"القاموس المحيط" للفيروزآبادي (1/ 378، ط. الرسالة).

والمحتكر: هو المحتجن للشَّيْء المستبد بِهِ؛ كما قاله ابن دريد في "جمهرة اللغة" (1/ 520، ط. دار العلم).

والاحتكار بهذه الصفة لم يكن محصورًا في الطعام بخصوصه كما في بعض الروايات وأقوال بعض أهل العلم، وأن ذكر الطعام فيه على اعتبار أنه أظهر ما يصدق عليه هذا المفهوم؛ لشدَّة حاجة الناس إليه وديموميتها من جهة، ومن جهة أخرى أن الطعام أكثر ما يجري فيه الاحتكار من الاحتياجات الضرورية، خاصَّة في الأزمنة السابقة، فيكون ذكر الطعام فيها من باب التغليب، ويدخل فيه تحريم اختزان سائر ما يحتاج إليه الناس في معايشهم من غير قَصرٍ لذلك على القوت؛ لأن العلَّة هي الإضرار بالناس، وهي متحققة في كل ما يحتاجون إليه وما لا تقوم معيشتهم إلا به.

قال العلامة المرغيناني الحنفي في "الهداية" (4/ 377، ط. دار إحياء التراث العربي): [وقال أبو يوسف رحمه الله: كل ما أضرَّ بالعامَّة حبسه فهو احتكار وإن كان ذهبًا أو فضة أو ثوبًا] اهـ.

وقال الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار" (5/ 262-263، ط. دار الحديث): [والتصريح بلفظ: (الطعام) في بعض الروايات لا يصلحُ لتقييد بقيَّة الروايات المطلقة، بل هو من التنصيص على فرد من الأفراد التي يطلق عليها المطلق؛ وذلك لأن نفيَ الحكم عن غير الطعام إنما هو لمفهوم اللقب، وهو غير معمول به عند الجمهور، وما كان كذلك لا يصلحُ للتقييد على ما تقرَّر في الأصول.. والحاصل: أن العلَّة إذا كانت هي الإضرار بالمسلمين لم يحرم الاحتكار إلا على وجه يضر بهم، ويستوي في ذلك القوت وغيره؛ لأنهم يتضررون بالجميع] اهـ بتصرف.

نصوص الفقهاء الواردة في التحذير من الاحتكار

الفقهاء متفقون على محظورية الاحتكار؛ لما فيه من الإضرار بالناس، والتضييقِ عليهم في حوائجهم.

قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (5/ 129، ط. دار الكتب العلمية): [(وأما) حكم الاحتكار فنقول: يتعلَّق بالاحتكار أحكام، (منها): الحُرمةُ؛ لما رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إِنَّ الْمُحْتَكِرَ مَلْعُونٌ، وَالجَالِبَ مَرْزُوقٌ»، ولا يلحق اللعن إلا بمباشرة المُحَرَّم، ورُوي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «مَنِ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللهِ، وَبَرِئَ اللهُ مِنْهُ»، ومثل هذا الوعيد لا يلحق إلا بارتكاب الحرام، ولأنَّ الاحتكارَ من باب الظلم؛ لأن ما بيع في المصر فقد تعلَّق به حقُّ العامة، فإذا امتنع المشتري عن بيعه عند شدة حاجتهم إليه فقد منعهم حقهم، ومنع الحق عن المستحق ظلم، وأنه حرام، وقليل مدَّة الحبس وكثيرها سواء في حق الحرمة؛ لتحقق الظلم] اهـ.

ويزداد الأمر حُرمة ويزداد صاحبه إثمًا إذا اشتدَّت الحاجة وتفاقمت كما هو الحال في هذا الوباء، ولا خلافَ بين الفقهاء حينئذ على حرمته.

قال الإمام ابن بطال المالكي في "شرح صحيح البخاري" (6/ 259، ط. مكتبة الرشد): [قال مالك: وأما إذا قل الطعام في السوق، فاحتاج الناس إليه، فمن احتكر منه شيئًا فهو مضر بالمسلمين، فليخرجه إلى السوق وليبعه بما ابتاعه ولا يزدد فيه، فعلى هذا القول تتفق الآثار، ألا ترى أن الناس إذا استوت حالتهم في الحاجة، فقد صاروا شركاء، ووجب على المسلمين المواساة في أموالهم، فكيف لا يمنع الضرر عنهم وقد جمع النبي عليه السلام الأزواد بالصهباء عند الحاجة، ونهى عن ادخار اللحوم بعد ثلاث للدافَّة، وجمع أبو عبيدة أزواد السَّرِيَّة وقسمها بين من لم يكن له زاد وبين من كان له زاد، وأمر عمر أن يحمل في عام الرمادة على أهل كل بيت مثلهم من الفقراء، وقال: إن المرء لا يهلك عن نصف شبعه] اهـ.

وقال الإمام الباجي المالكي في "المنتقى شرح الموطأ" (5/ 16، ط. السعادة):
[الباب الثاني: في بيان معنى الوقت الذي يمنع فيه الادخار: إن لذلك حالتين:
أحدهما: حال ضرورة وضيق. فهذا حال يمنع فيها من الاحتكار، ولا خلاف نعلمه في ذلك.
والثاني: حال كثرة وسعة. فهاهنا اختلف أصحابنا] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المنهاج" (11/ 43، ط. دار إحياء التراث): [قال العلماء: والحكمة في تحريم الاحتكار دفع الضرر عن عامَّة الناس، كما أجمع العلماء على أنه لو كان عند إنسان طعام واضطر الناس إليه ولم يجدوا غيره أُجبر على بيعه؛ دفعًا للضرر عن الناس] اهـ.

حكم احتكار مستلزمات التطهير وأدوات التعقيم

ما يقوم به التجارُ من استغلال هذه الظروف العصيبة لتحقيقِ مكاسبَ مادية عن طريق احتكار المستلزمات الطبية من كمامات أو قفازات ومساحيق التنظيف والتعقيم، ونحوها من الأدوات الوقائية يمنع الفقير من شرائها، فيلجأ بذلك إلى التخلي عنها لعدم استطاعته، وبذلك يفقد الأخذ بالاحتياط والحذر وتجنُّب المرض، وهو بذلك يعرِّضُ نفسَه وغيره لهذا الفيروس الوبائي، فيعود الخطرُ عليه أيضًا؛ فيلحق الضرر به وبغيره، وقد نهى الشرع الشريف عن ذلك؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ، مَنْ ضَارَّ ضَارَّهُ اللهُ، وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللهُ عَلَيْهِ»، رواه الحاكم في "المستدرك" وصححه على شرط مسلم، والدارقطني والبيهقي في "السنن"، والدينوري في "المجالسة".

والتضييقُ على الناس، وحبْسُ ما يحتاجون إليه في هذه الآونة العصيبة من المستلزمات الطبية ونحوها من أدوات التعقيم، من أجل زيادة الأسعار وتحصيل المكاسب المادية، جمع من أبواب الإثم والمحاذير الشرعية أكثرها؛ حيث إنه يضر بالناس ويشقُّ عليهم، ويشتمل على الغش والخداع، ويتضمن أكل أموال الناس بالباطل.

فعن أبي بَكرةَ رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَليْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا» أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما". وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» أخرجه مسلم في "صحيحه".

كما حذَّر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من إيقاعِ الناس في المشقَّة ودعا عليه أن يوقعه الله تعالى في الضيق؛ فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يقول في بيتي هذا: «اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
إضافة إلى ما في هذه الأفعال الذميمة من الخيانة والكراهية الدفينة تجاه الوطن والتخلي عنه وقتَ الحاجة وعدم المبالاة لما تمرُّ به البلاد من الأزمات التي تستوجب التعاون والتكاتف بين أفراد المجتمع الواحد حتى يحصل الأمن من المخاطرِ، وتعود الحياة إلى طبيعتها، ولا يتمُّ ذلك إلا بالتعاون على الخير ومنع الاستبداد والاستغلال لحاجة الناس؛ عملًا بقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2].

قال الإمام أبو بكر الجصاص الحنفي في "أحكام القرآن" (2/ 381، ط. دار الكتب العلمية): [وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ نهيٌ عن معاونة غيرنا على معاصي الله تعالى] اهـ.

فعدم معاونة التجار والبائعين المستغلين للمستلزمات الطبية وحصولهم عليها بغير استحقاق، أو الاستيلاء عليها بطريقة غير مشروعة، أو الحيلولة بين هذه السلع وبين مستحقيها، هو مطلبٌ شرعيٌّ ومقصدٌ مرعي، يصبح فاعله من المتعاونين على البر والتقوى، والبعيدين عن الوقوع في الإثم فلا يشملهم عقاب المولى سبحانه، ما لم يتعاونوا مع هؤلاء فيصيروا أمثالهم.

ولا شكَّ أن الله سبحانه وتعالى لا ينسى فعلهم، بل هو أهل لرد الجميل الذي قُدِّم لخلقه؛ فييسر لهم أسباب رزقه الحلال ويرزقهم من حيث لم يحتسبوا، قال سبحانه: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ۞ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2-3]، ومن ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه، وفي الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلَّهِ إِلَّا بَدَّلَكَ اللهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ» أخرجه أحمد وابن أبي شيبة وابن أبي أسامة والشهاب القضاعي في "مسانيدهم" والبيهقي في "الكبرى" و"الأدب المفرد" و"شعب الإيمان".
كما أن الكسب الذي يأتي من خلال الاستيلاء على السلع وبيعها في السوق السوداء لزيادة الأسعار، أو المساعدة في ذلك، هو كسبٌ خبيثٌ محرَّمٌ، وقد توعَّد الله تعالى صاحبه؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ، إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ النَّارُ أَوْلَى بِهِ. يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ، النَّاسُ غَادِيَانِ: فَمُبْتَاعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا، وَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُوبِقُهَا» أخرجه أحمد في "مسنده" والدارمي في "سننه" مختصرًا، والبيهقي في "شعب الإيمان".

وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «أَيُّمَا لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرَامٍ، فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ» أخرجه الحاكم في "المستدرك" والبيهقي في "شعب الإيمان" وابن قانع في "معجم الصحابة".
ولولي الأمر أن يتَّخذ ما يراه مناسبًا للردع والزجر عن احتكار السلع واستغلال حاجة الناس إليها في هذه الأيام، وقد قرن المولى سبحانه وتعالى طاعة ولي الأمر بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 59].
قال الإمام النووي الشافعي في "شرح صحيح مسلم" (12/ 222، ط. دار إحياء التراث العربي): [أجمع العلماء على وجوبها -أي: طاعة الأمراء- في غير معصية، وعلى تحريمها في المعصية، نقل الإجماعَ على هذا القاضي عياض وآخرون] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنَّ استغلالَ حاجة الناس في هذه الآونة واحتكارَ احتياجاتهم للمستلزمات الطبية والأدوات الوقائية من أجل زيادة الأسعار وتحصيل المكاسب المادية، هو أمرٌ مُحرَّمٌ شرعًا، يأثم فاعلُه أشدَّ الإثم؛ لما فيه من وقوع الضرر والتضييق على الناس، وعدم الانتماء للوطن، وتخليه عنه في أوقات الشدَّة والمِحَن.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما المطلوب من المسلم فعله تجاه هذه الأزمات؟ وما الآداب التي يجب أن يتحلَّى بها؟


ما حكم نشر الأشخاص تفاصيل حياتهم الخاصة على مواقع التواصل؟ فقد انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة "اليوتيوبرز" الذين يقومون بنشر مقاطع فيديو مُصوَّرة عن تفاصيل حياتهم الشخصية لهم ولأسرهم. فما حكم ذلك؟


ما مشروعية تخصيص جزء من المسجد أو إنشاء دور علوي ليكون مصلًّى خاصًّا بالنساء وحدهن؟ هل هو بدعة؟


حكم قراءة صحيح البخاري وكتب السنة لرفع الوباء حيث ورد سؤال يقول صاحبه: في ظِلِّ ما يمرُّ به العالمُ من تفشِّي وباء كورونا يقومُ بعضُ العلماء وطلبة العلم بتنظيم قراءة "صحيح البخاري" بتقسيمه على من يحِبُّ المشاركةَ في ختمه، عن طريق وسائلِ التواصل الاجتماعي؛ تبرُّكًا وتوسُّلًا إلى الله تعالى لكشْف وباء كورونا، جريًا على ما اعتاده علماءُ الأزهر من قراءته في الملمَّات والنوازل: كدفع الوباء، وكشف البلاء، ومواجهة الغلاء.
لكن خرج بعضُ مدَّعي العلمِ على بعض المواقع زاعمًا أن التَّعبُّدَ بتلاوة صحيح البخاري لمجرد التِّلاوة بدعة، وأن التبرُّك والتوسُّل به حرام، وأنه لا فرقَ في ذلك بين "صحيح البخاري" و"مسلم" مثلًا، وأنها مجرَّد طقوس ابتدعها بعض الجهلة لمواجهة الأوبئة، وأنَّ توظيف "صحيح البخاري" للاستشفاء والتحصين لرفع البلاء أمرٌ متكلَّف، وأنَّ من ضرورياتِ الدين أنَّ المقصودَ مِن كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم هو العمل بِمَا فيهما مِن الأوامرِ والنَّواهي، والإيمان بِمَا فيهما مِن الأخبار، وليس المقصود مجرَّد تلاوتهما ألفاظًا وتعبُّدًا.. فبَيِّنوا لنا الصوابَ في ذلك مشكورين.
1- عادة إقراء "صحيح البخاري" عند النوازلِ من الكوارثِ والأوباء قديمة، جرت على لسان السراج البلقيني في اليقظة والمنام.
2- لعل أمر هذه الظاهرة يعودُ إلى أقدم من وباء الطاعون الذي عمَّ الدنيا سنة 749هـ، واشتهرت هذه الظاهرة عند قدوم تيمورلنك إلى بلاد المسلمين.
3- أشهر الإمام سراج الدين البلقيني العمل بها، ودوَّنتها كتب التراجم والتأريخ، ونقلنا ذلك عنه فيما مضى.
4- التحقيق أن هذا العمل ليس موصولًا بعصور السلف، وأنَّ شيوعَه وذيوعَه بحكم وقوعه ووجوده لا يعطيه الحجِّية، وأنه ما زال يحتاجُ للدليل، وأن مجرَّد رؤيةِ النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يأمرُ به لا يكفي مُستَدلًّا؛ فالمنامات يُسْتَأنس بها وليست -عند أهل السنة والجماعة- حجةً وبرهانًا، وأن الاتِّكاء عليها مع ترْك الأخْذ بالأسباب بدعةٌ في الدين، ومضادَّة لمقاصدِ الشريعة الكلية، والله المستعان وهو الواقي والعاصم.


ما حكم عمل سجادة للصلاة تقوم بِعَدِّ ركعات الصلاة أثناء الصلاة؛ وذلك لكبار السن وغيرهم ممَّن يكثر سهوُه ونسيانُه؟


ما حكم ترقيع الجلد التالف للإنسان الحي بجلد الميت؟ حيث تعرضتُ لحادث تسبب في تهتك وتشوه أجزاء كبيرة من جلدي وفي أماكن متفرقة، ولشدة التهتك وعمقه يصعب تجدُّد الجلد في هذه الأماكن مرة أخرى؛ بسبب تلف الخلايا التي تعمل على تجدُّده، وذلك مما يعرضني  لمشاكل صحية ومخاطر كبيرة؛ خاصة أنه قد وصل هذا التهتك إلى الأوعية الدموية والعضلات، إضافة إلى الضرر النفسي الذي يصيبني حال رؤية هذا التشوه في جسدي، وقد قال لي الطبيب المعالج إنه لا وسيلة للتداوي من هذا التهتك والتشوه، إلا بزراعة طبقة من الجلد تغطي الجزء المصاب، وبعد إجراء فحوصات عديدة تبين أنه لن يتناسب معي إلا زراعة جلد بشري مناسب لطبيعة جلدي حتى تغلب نسبة نجاح هذه الزراعة، ويتعذر مع ذلك أخذ ذلك الجلد مني لكبر وتعدد الأماكن المصابة، إضافة لسوء حالتي الصحية التي لا تسمح بمزيد من الجروح والآلام، فهل يجوز لي في هذه الحالة الانتفاع بجلد مَن مات حديثًا خاصة من الأشخاص الذين يبيحون التبرع بأعضائهم بعد وفاتهم؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 03 يونيو 2025 م
الفجر
4 :9
الشروق
5 :54
الظهر
12 : 53
العصر
4:29
المغرب
7 : 53
العشاء
9 :25