ما حكم شهادة الزور؛ فقد تقدَّم رجلٌ لجهة عمله بشكوى بخصوص ملاحظات أبداها؛ لتصحيح انحرافات وأخطاء، فطلب الخصم شهادة شاهدين، فشهدا زورًا وادَّعيا أن هذا الشخص صاحب الشكوى مثيرٌ للشغب، وسيئ الخلق، فصدر جزاءٌ للشخص المشهود عليه بناء على ذلك، فما حكم الشرع في هذه الشهادة وما ترتب عليها من أذى لشخص بريء؟
شهادة الزور من أكبر الكبائر، ويجبُ على شاهد الزور التوبة؛ بالاعتراف بأنَّ شهادته كانت شهادة زور أمام جمعٍ من الناس، ويعتذر لمَنْ شهد ضده أمام مَنْ شهد أمامهم زورًا، ويضمن شاهدُ الزور ما ترتب على شهادته من إلحاق الضرر المالي والأدبي بالمشهود عليه كذبًا وزورًا، هذا إذا أقرَّ شاهد الزور أو ثبت أنَّ شهادته زورًا، فإن تمَّ رفع الأمر للقضاء، وثبت أن شهادته زورًا بالبينة أو الإقرار أمام القاضي عَزَّره القاضي بما يراه ملائمًا له من العقوبات، ورد اعتبار المشهود عليه زورًا بضمان ما لحقه من ضرر مادي ومعنوي؛ فالفصل في ذلك للقضاء.
المحتويات
قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين﴾ [التوبة: 119]. أي: اصدقوا والزَمُوا الصِّدق تكونوا من أهله وتنجوا من المهالك، ويجعل لكم فرجًا من أموركم ومخرجًا.
وقال جل شأنه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70-71].
في هذين النصين الكريمين يأمر الله عباده بتقواه وأن يعبدوه عبادة مَن كأنه يراه، وأن يقولوا قولًا صادقًا مستقيمًا لا اعوجاج فيه ولا انحراف، ووعدهم أنهم إذا صَدَقُوا في أقوالهم أثابهم وأصلح أعمالهم ووفقهم لصالح الأعمال وغفر لهم ذنوبهم.
الصدق منجاة يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، أما الكذب فرذيلة قبيحة يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار.
حذرنا ربُّ العزة سبحانه من رذيلة الكذب فعدَّه من الكبائر؛ فعن أنس رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكبائر أو سُئِل عن الكبائر فقال: «الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ» وَقَالَ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ» قَالَ: «قَوْلُ الزُّورِ، أَوْ قَالَ: شَهَادَةُ الزُّورِ».
وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟» ثَلَاثًا «الْإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ - أَوْ قَوْلُ الزُّورِ -» وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئًا، فَجَلَسَ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ. متفق عليهما.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَنْ تَزُولَ قَدَمُ شَاهِدِ الزُّورِ حَتَّى يُوجِبَ اللهُ لَهُ النَّار» رواه ابن ماجه.
مما سبق يَبِينُ أن قول الزور وشهادة الزور من أكبر الكبائر؛ وذلك لما يترتب عليها من ضياع الحقوقِ وإلحاق الأذى بالناس، ولما يترتبُ عليها من بذر الشقاق والحقد والعداوة بين الناس، فكان وعيدًا شديدًا وجزاءً وفاقًا لشاهد الزور أنْ أوجب الله له النار قبل أن ينتقل من مكانه، وقبل أن يجوز الصراط، فإذا ما استيقظ ضمير شاهد الزور وثاب إلى رشده وأراد أن يتوب توبة مقبولة فعليه أن يعترف بشهادته أنها كانت شهادة زور أمام جمعٍ من الناس، ويعتذر لمن شهد ضدَّه أمام من شهد أمامهم زورًا، فإذا ما لحق المشهود ضده بشهادة الزور ضررٌ مالي وأدبي كأن كان قرار مجازاته خصم بعض أيام من مرتبه؛ كما تبيَّن لنا من واقعة السؤال ضمن شاهد الزور ما ترتب على شهادته، هذا إذا أقرَّ شاهد الزور أو ثبت أنَّ شهادته زور، وإلا وجب رفع أمره للقضاء، فإذا ما ثبت أن شهادته زور بالبينة أو الإقرار أمام القاضي عزره القاضي، ورأى الإمام مالك والشافعي وأحمد أن شاهد الزور يُعَزَّر ويعرف بأنه شاهد زور، وزاد الإمام مالك فقال: "يشهر به في الجوامع والأسواق ومجتمعات الناس؛ عقوبةً له وزجرًا لغيره". انظر كتاب "مجمع الضمانات" (ص: 154).
على ذلك ففي واقعة السؤال: إذا ما ثبت وظهر أنَّ الشهادة على المشهود عليه كانت زورًا وترتَّب عليها إلحاق المشهود عليه بضرر مالي وأدبي، ضمن شاهدا الزور ذلك الضرر بنوعيه؛ بأن يدفعا للمشهود عليه ما خُصِمَ من مرتبه نتيجة شهادتهما زورًا، ويُرَدّ اعتبار المشهود عليه أمام الناس، ولن يَقْبَلَ الله توبتهما من شهادة الزور حتى يُقِرَّا ويعترفا ويندما على ما حدث منهما زورًا وبهتانًا، والله يحب التوابين ويحب المتطهرين.
فإذا ما رُفِع الأمر للقضاء عزَّر القاضي شاهدي الزور بما يراه ملائمًا لهما من التشهير والضرب والحبس، وردّ اعتبار المشهود عليه زورًا بضمان ما لحقه من ضرر مالي؛ فالفصل في ذلك للقضاء.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إلقاء السلام على الذاكر والداعي وحكم رده؟ حيث مرت بي إحدى صديقاتي وأنا أذكر الله تعالى وأتوجه إليه بالدعاء، فجلستْ بجانبي حتى انتهيتُ، وأخبرتني أنها كانت مترددة في إلقاء السلام عليَّ والحالة هذه، فهل يلزمها إلقاء السلام؟ وإذا فَعَلَتْ، هل يلزمني الرد؟
سائل يقول: ورد في الشرع الشريف الحث على الوفاء بالعهد، والتحذير من الغدر ونقض العهد؛ فنرجو من فضيلتكم بيان ذلك.
ما حكم الشرع في اختلاء المسجون بزوجته؟
ما حكم عادة الجلوس للسلام على الكبير؛ فقد اعتادَ الناس في بلادنا عادات وتقاليد ورثوها أبًا عن جدٍّ؛ يحاولون بها إظهار التعظيم من الصغير للكبير، ومن الطالب لأستاذه، ومن الزوجة لزوجها، وتتجسَّد هذه العادة في صورة أنه إذا أراد الصغير السلامَ على الكبير فإنه يجلس أمامه أولًا كهيئة الجلوس بين السجدتين، جاثيًا على ركبتيه، ثم يَمُدُّ يدَه ليُسلِّمَ على من يقف أمامه؛ بحيث يكون أحدهما جالسًا جاثيًا على ركبتيه وهو المُسَلِّمُ، والآخر واقفًا مستقيمًا أمامه وهو المُسَلَّمُ عليه.
فهل هذا العملُ مخالف لتعاليم وآداب الشريعة الإسلامية؟ وهل هذا الجُثوُّ على الركب يُعدُّ من فعل الأعاجم الذين يُعظمُ بعضهم بعضًا، والذي نهى عنه رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم؟ أفيدونا أفادكم الله.
ما حكم إلقاء السلام وردِّه؟
ما تفسير قول الحق سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الحج: 25]؟ وما المراد بالإرادة في قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ}؟