ما مدى صحة مقولة: "اختلاف العلماء رحمة"؟
الأصل في التشريع الإسلامي أنه جاء لتحقيق الرحمة، ودفع المشقة؛ قال الله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185].
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ اختلاف الصحابة رحمة، وأنَّ الهداية حاصلة بالأخذ بقول أي واحد منهم؛ فعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ؛ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ» أخرجه الآجري في "الشريعة"، وابن بطة في "الإبانة الكبرى".
وروى الحافظ البيهقي في "المدخل" من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَهْمَا أُوتِيتُمْ مِنْ كِتَابِ الله فَالْعَمَل بِهِ؛ لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ فِي تَرْكِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ الله فَسُنَّةٌ مِنِّي مَاضِيَة، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُنَّتِي فَمَا قَالَ أَصْحَابِي؛ إِنَّ أَصْحَابِي بِمَنْزِلَةِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ، فَأَيّمَا أَخَذْتُمْ بِهِ اهْتَدَيْتُمْ، وَاخْتِلَافُ أَصْحَابِي لَكُمْ رَحْمَةٌ».
فالتخيير بين أقوال المجتهدين هو من جزيل مواهب الله تعالى على عباده؛ ولذلك قال الحافظ السيوطي في كتابه "جزيل المواهب في اختلاف المذاهب" (ص: 21، ط. دار الاعتصام): [في هذا الحديث فوائد:
إخباره صلى الله عليه وآله وسلم باختلاف المذاهب بعده في الفروع، وذلك من معجزاته؛ لأنه من الإخبار بالمغيَّبات، ورضاه بذلك، وتقريرُه عليه، ومدحُه له؛ حيث جعله رحمة، والتخيير للمكلف في الأخذ بأيها شاء من غير تعيين لأحدها.
واستُنبِط منه: أنَّ كل المجتهدين على هُدى، فكلهم على حق، فلا لَوْمَ على أحد منهم، ولا ينسب إلى أحد منهم تخطئة؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَأَيّمَا أَخَذْتُمْ بِهِ اهْتَدَيْتُمْ»، فلو كان المصيب واحدًا والباقي خطأ، لم تحصل الهداية بالأخذ بالخطأ] اهـ.
وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: "مَا سَرَّنِي لَوْ أَنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ لَمْ يَخْتَلِفُوا؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَخْتَلِفُوا لَمْ تَكُنْ رُخْصَةٌ".
وفي لفظٍ آخر عنه: "مَا يَسُرُّنِي بِاخْتِلَافِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حُمْرُ النَّعَمِ؛ لَأَنَّا إِنْ أَخَذْنَا بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ أَصَبْنَا، وَإِنْ أَخَذْنَا بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ أَصَبْنَا" أخرجهما الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه".
وقال الإمام عبد الوهاب الشعراني في "الميزان" (1/ 74، ط. عالم الكتب): [الشريعة المُطهرة جاءت شريعةً سمحاءَ واسعةً شاملةً قابلةً لسائر أقوال أئمة الهُدى مِن هذه الأمة المُحمَّدية، وأنَّ كُلَّا منهم –فيما هو عليه في نفسه- على بصيرةٍ من أمره وعلى صراطٍ مستقيم، وأنَّ اختلافهم إنَّما هو رحمة بالأمة، نشأ عن تدبير العليم الحكيم] اهـ.
ولذلك نصَّ العلماء في قواعد الفقه وأصوله أنَّ الشأن في المسائل الخلافية أنه لا إنكار فيها.
وبناءً على ذلك: فإنَّ المقولة المذكورة صحيحة شرعًا؛ لأنَّ الأصلَ في التشريع الإسلامي أنه جاء لتحقيق الرحمة، ودفع المشقة، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ اختلاف الصحابة رحمة، وأنَّ الهداية حاصلة بالأخذ بقول أيّ واحد منهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما الحكم الشرعي في الموسيقى منفردة معزولة عن أي لون من ألوان الفنون التي تصاحبها عادة بعد أن أُثير هذا واختلف بين محرم ومبيح؟
أنا مقبلٌ على الزواج ولا أعلم أحكامه؛ فنصحني البعض بضرورة تعلم أحكام عقد الزواج؛ حتى لا أوقع نفسي أو غيري في حرج أو إثم بسبب عدم علمي بذلك، وذلك من خلال الدورات التي تنظمها الجهات المتخصصة في هذا الشأن؛ فما قولكم في ذلك، وهل يجب عليَّ ذلك؟
ما حكم الشرع في إعادة صياغة قواعد النحو العربي في صورة أناشيد، ثم تلحينها وغناؤها بمصاحبة الموسيقى وبصوت أطفال صغار، وذلك من خلال عمل كتاب مُدَقَّق من الناحية العلمية والعملية، وذلك في أجزاء للصفوف المختلفة، وسيصاحب الكتاب تسجيل يحوي الأناشيد المغناة.
فما رأي الشرع حول مصاحبة الموسيقى لهذه الأناشيد؟
ما حكم التصوير الفوتوغرافي؛ فأنا أقوم بتأليف كتابٍ عن حياة شخص وأتناول في ثنايا هذا الكتاب صورًا شخصية للمؤلف هو وزوجته بكامل حجابها، فهل يحل لي -بعد موافقة أسرة شخصية الكتاب- أن أضع مثل هذه الصور أم لا؟
نرجو منكم بيان كيف حث الشرع الشريف على التواصل العلمي والحضاري مع الآخرين والاستفادة من خبراتهم.
هل يجوز أخذ المال مقابل الإجارة على تعليم بعض العبادات أو القيام بها كإمامة الناس في الصلاة ونحو ذلك؟