حكم البيع في المتاجر الإلكترونية (دروب شيبنج)

تاريخ الفتوى: 13 فبراير 2022 م
رقم الفتوى: 6464
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
حكم البيع في المتاجر الإلكترونية (دروب شيبنج)

ما حكم البيع  في المتاجر الإلكترونية؛ ففي عصر الرقمنة أصبح لدينا نوع جديد من التجارة تسمى "دروب شيبنج"؛ حيث يمكن للبائع عرض سلعة لا يملكها في متجر إلكتروني، وعندما يشتري الزائر السلعة فإنها ترسل إليه مباشرة من عند مُوَرِّد السلعة، علمًا بأنَّ البائع لا يملك هذه السلعة في الأصل، ويمكن للزبون (المشتري) إعادة السلعة إن كان فيها خلل ما واستعادة نقوده.

فما حكم الشرع في هذا النوع الجديد من المعاملات؟

التعاملُ بالبيع والشراء داخل المتاجر الإلكترونية بما يُسَمَّى بـ(الدروب شيبنج) جائز شرعًا؛ لكونها هذه المعاملة داخلة في عموم إباحة البيع والتجارة تحقيقًا لحاجة الناس، ولكن بشرط انتفاء الغرر والضرر ورفع الجهالة عن المبيع مع مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لمثل هذه المعاملات.

المحتويات

 

مفهوم معاملة الدروب شيبنج

معاملة الدروب شيبنج (Drop Shipping) الوارد ذكرها في السؤال: هي صورة من صور التجارة الإلكترونية المستحدثة، والتي تعني في ترجمتها: "إسقاط عملية الشحن"، وهي عبارة عن إنشاء حساب إلكتروني (موقع تجاري) يقوم فيه مالكه بعرض سلعة معينة موصوفة بكل ما يُعَرِّفها وصفًا منضبطًا ينفي الجهالة عنها، فإن ارتضى العميل (المشتري) نوعًا من السلع المعروضة، قام بعمل طلبٍ لشراء هذه السلعة إلكترونيًّا، وبناءً على طلب المشتري يقوم (الفريق القائم على خدمات الموقع) بدفع ثمن السلعة المطلوبة للطرفِ الثالثِ وهو (تاجر الجملة أو المصنع)، ليرسلها بدوره مباشرةً إلى المشتري، إلا أنها تُغلَّف وتُعَبَّأُ باسم الموقع التجاري ويكون عليها شعاره المعروف به.

حكم البيع  في المتاجر الإلكترونية (دروب شيبنج)

هذه المعاملة في جملتها تندرج تحت حقيقة "بيع المرابحة" -في صورته التي نصَّ عليها الإمام الشافعي في "الأم" (3/ 29، ط. دار المعرفة)- إلا أنها تفترق عنه في معلومية أصل ثمن السلعة ومقدار الربح المزيد عليه لكلا الطرفين؛ وصورته: أن يُرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ السِّلْعَةَ فيقول: اشتر هذه وأُربحك فيها كذا، فيشتريها الرجل؛ فالشراء جائز، والذي قال: أربحك فيها؛ بالخيار إن شاء أحدث فيها بيعًا، وإن شاء تركه.

وهكذا إن قال: اشتر لي متاعًا ووَصَفَه له، أو متاعًا أَيَّ مَتَاعٍ شئت، وأنا أربحك فيه فكل هذا سواء؛ يجوز البيع الأول، ويكونان بالخيار في البيع الآخر؛ فإن جَدَّدَاهُ جاز.

والعلة في اشتراط معلومية أصل ثمن السلعة ومقدار الربح المزيد عليه تفصيلًا لكلا الطرفين قبل إتمام بيع المرابحة إنما هي للتحرّز من الجهالة المؤدية إلى الغرر والنزاع بين المشتري طالب السلعة والمرابح؛ قال العلامة ابن مودود الموصلي في "الاختيار" (2/ 29، ط. الحلبي): [ولا بد أن يكون الربح أو الوضيعة معلومًا؛ لئلًا يؤدي إلى الجهالة والمنازعة] اهـ.

ولذا فقد نُقل عن الإمام مالكٍ كراهةُ عدم استيفاء هذا الشرط مع القول بصحة البيع؛ قال الإمام أبو الوليد ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (8/ 220، ط. دار الغرب الإسلامي): [ولو أنَّ رجلًا سأل رجلًا أن يبتاع طعامًا أو متاعًا بعينه إلا أنَّه لم يُسَمِّ له ما اشترى به ولم يُسَمِّ له ما يربحه فيه فإني سمعت مالكًا أيضًا يقول فيها: إني أكره أن يعمل به، فأما أنْ أبلُغَ به الفسخ فلا، وأمضاه] اهـ.

فإذا عُلِمَ ثمن السلعة إجمالًا واتفق عليه بين الطرفين فإنَّ هذا يحقق المعنى المرجو من الشرط وهو: رفع الجهالة، ونفي الغرر، ومنع النزاع، وقد تقرَّر في القواعد الفقهية أنَّ "الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا"؛ كما في "شرح الزركشي على مختصر الخرقي" (3/ 504، ط. دار العبيكان).

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ البيع الإلكتروني قد أصبح من أساسيات الحياة المعاصرة التي تستوعبها مرونة الإسلام وتتقبلها ما دامت تُحَقِّق مصالح العباد، ولا تشتمل على مُحَرَّم بنصٍّ قطعيٍّ أو قاعدةٍ كليةٍ، ومعاملة الدروب شيبنج (Drop Shipping) الوارد ذكرها في السؤال هي: نوع من المعاملات المستحدثة القريبة في جملتها من بيع المرابحة الذي نص على مشروعيته الفقهاء، وهي جائزة شرعًا؛ لكونها داخلة في عموم إباحة البيع والتجارة تحقيقًا لحاجة الناس، بشرط انتفاء الغرر والضرر، ووجوب مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لمثل هذه المعاملات.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الضرائب التي تفرضها الدولة؟ حيث تسأل جامعة الإمام أبي الحسن الأشعري بداغستان -بعد شرح موجز لأحوال المسلمين هناك-: ما حكم الضرائب التي تفرضها علينا الحكومة على تجارتنا وصناعتنا وحتى على أرضنا وبيوتنا التي نسكنها، وقد بنيناها بأيدينا وعلى حسابنا الخاص وليس للحكومة فيها أيُّ شيء؟


ما حكم تمويل الجمعيات والمؤسسات للمشروعات متناهية الصغر؟ حيث تقوم بعض الجمعيات بدعم المشروعات متناهية الصغر، عن طريق الصندوق الاجتماعي للتنمية، وهذا المشروع يخدم قطاعًا كبيرًا من المواطنين، ويوفِّر فرص عمل لكثير من الشباب والنساء، وقد تناثرت أقاويل كثيرة بأنَّ هذا المشروع محرم شرعًا؛ نظرًا لأنه بفائدة. فما حكم هذه المعاملة شرعًا؟


ما كيفية إخراج الشركاء زكاة أموالهم في شركة الأشخاص؟ فأنا شريك في شركة أشخاص ومجال عملها نشاط تجاري ونسبتي في رأس مالها 25%، فهل تحسب الزكاة في أموال الشركة كلها، أو تحسب الزكاة في نصيبي فقط؟ وإذا حُسبتِ الزكاة في مال الشركة فهل تسقط بذلك عني؟


ما حكم تصوير المنتج وإعلانه عبر مواقع التواصل قبل تملكه؟ فهناك شخصٌ يُصَوِّر بعضَ المنتَجات بالمحلات بعد إذن أصحابها مِن التُّجَّار، ثم يَعرِضُها على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة به، مُشيرًا إلى أنه سيُوَفِّرُها حسب الطلب، فإذا طلب المنتَجَ أحدُ المتابعين لصفحاته، فإن هذا الشخص المُعلِن يشتري المنتَجَ المطلوب مِن التاجر صاحب المحل الذي سَبَق أنْ أَذِنَ له بعَرْض مُنتَجه، ثم يبيعه للشخص الذي طلبه مِن خلال صفحته بزيادة عن السعر الذي اشتراه به من المحل، على أن يتم دفع ثمن السلعة عند الاستلام، فما حكم ذلك شرعًا؟


ما حكم شراء سيارة عن طريق مبادرة إحلال السيارات؟ فقد أطلقت وزارة التجارة والصناعة المصرية برامج إحلال السيارات، والذي يتبنَّاه البنك المركزي المصري عن طريق تمويل شراء سيارة جديدة تعمل بالغاز الطبيعي، وذلك في إطار المبادرة القومية لإحلال السيارات؛ فهل شراء السيارات بالتقسيط عن طريق هذه المبادرة جائزٌ شرعًا؟


ما حكم توفير سلعة معينة لشركة مقابل نسبة من قيمة السلعة؟ فقد أعلنت شركة حاجتها لشراء سلعة بمواصفات معينة، على أن مَن يوفرها لها يأخذ نسبة مئوية من قيمة السلعة المعلومة المحددة، فما حكم هذه المعاملة وأخذ هذه النسبة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 07 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 54
العصر
4:30
المغرب
7 : 55
العشاء
9 :27