ما حكم المسح على الأكمام في الوضوء بدلًا من غَسْل اليدين؟
غَسْل اليدين إلى المِرفقَينِ من فرائض الوضوء، ولا يُجْزِئ المسح على ظاهر الأكمام؛ للنصوص الدالة على وجوب الغَسْل، وعدم وجود رخصة في المسح على الأكمام مع وجود الحاجة الداعية إليه؛ فإنْ تعذَّر استعمال الماء في الوضوء تيمَّم بَدَلًا عن الوضوء، فإن كان يَقدِر على استعماله في بعض الأعضاء دون بعضٍ، فيغسل ما لا يتضرَّر بغسله ويتيمَّم لما سواه مراعيًا الترتيب والموالاة.
المحتويات
من المقرَّر شرعًا أنَّ الوضوء شرط لصحة الصلاة؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6]، وللحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لاَ تُقْبَلُ صَلاَةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ».
قال الإمام النووي الشافعي في "شرح صحيح مسلم" (3/ 103، ط. دار إحياء التراث العربي): [أجمعت الأمة على تحريم الصلاة بغير طهارة؛ من ماء أو تراب، ولا فرق بين الصلاة المفروضة والنافلة] اهـ.
أجمع الفقهاء على أنَّ الواجب في الوضوء: استيعابُ الوجه واليدين والرجلين بالغَسْل، مع مسح الرأس؛ عَمَلًا بالآية السابقة، وللأحاديث الواردة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ ومنها ما رُوي عن عطاء بن يزيد، عن حمران قال: رأيت عثمان رضي الله عنه توضَّأ فأفرغ على يديه ثلاثًا، ثم تمضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثًا، ثم غسل يده اليسرى إلى المرفق ثلاثًا، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجله اليمنى ثلاثًا، ثم اليسرى ثلاثًا، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضَّأ نحو وضوئي هذا ثم قال: «مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ لاَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَيْءٍ إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» متفق عليه.
الواجب في اليدين هو استيعابهما بالغَسْل، ولا يُجزئ فيهما مجرد المسح؛ للآية والحديث السابقين، ولأنَّه لم يُؤْثَر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رخصة في مسحهما، مع وجود الحاجة الشديدة إليه، كشدة البرد ونحوه، فرخَّص في المَسح على الخفِّ دون غيره.
قال الإمام ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" (1/ 98، ط. دار الفكر): [(قوله: بعد انعقاد الإجماع على ذلك) أي: على افتراض غسل كل واحدة من اليدين والرجلين، وعلى دخول المرفقين والكعبين، وغسل الرجلين لا مسحهما] اهـ.
وقال العلامة المواق في "التاج والإكليل" (1/ 276، ط. دار الكتب العلمية): [من فرائض الوضوء: غسل اليدين إلى المرفقين] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "منهاج الطالبين" (3/ 107، ط. دار إحياء التراث العربي): [وأجمع العلماء على وجوب غسل الوجه واليدين والرجلين واستيعاب جميعهما بالغسل] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 90، ط. مكتبة القاهرة): [وغسل اليدين إلى المرفقين، ويدخل المرفقين في الغسل، لا خلاف بين علماء الأمة في وجوب غسل اليدين في الطهارة، وقد نص الله تعالى عليه بقوله سبحانه: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: 6]] اهـ.
إذا كان -كما تقرَّر سابقًا- غَسْل اليدين إلى المِرفقَينِ من فرائض الوضوء، فإنَّه لا يجزئ المسح على ظاهر الثياب بدلًا منه؛ لما جاء في "الصحيحين" عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: تخلَّف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتخلَّفت معه، فلما قضى حاجته قال: «أَمَعَكَ مَاءٌ؟»، فأتيتُهُ بِمَطهرةٍ، فغسل كفَّيْه ووجهه، ثم ذهب يَحْسِرُ عن ذراعيه فَضَاقَ كُمُّ الجُبَّةِ، فأخرج يده من تحت الُجبَّةِ، وألقى الجُبَّة على مَنكِبَيْهِ، وغسل ذراعيه، ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه.
ووجه الدلالة من الحديث: أنَّ المسح إِنما ورد فيما يُلبس على الرأس والرجلين فقط، فلو كان المسح جائزًا على غيرهما لمسح النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم في مثل هذا الحال على كُمَّيهِ، خاصة مع ضيق الجبة الذي تعذَّر معه حسر الثوب عن يديه الشريفتين، فجعله يلقي الجبة عن منكبيه، على أنَّه لا يصحّ قياس المسح على الأكمام -بدلًا من غَسْل اليدين- على المسح على الخفين؛ لأنَّ المسح على الخفين رخصة، والرخصة استثناء لا يُقاس عليه؛ لأنَّه –أي: الاستثناء- خلاف الأصل؛ إذ الرُّخَص مخالفة للدليل، فالقول بالقياس عليها يؤدي إلى كثرة مخالفة الدليل، وهو أمر لا يجوز. ينظر: "شرح تنقيح الفصول" للإمام القرافي (ص: 416، ط. شركة الطباعة الفنية المتحدة).
فإن تعذَّر استعمال الماء في غَسْل اليدين، سواء كان لشدة برد يُخْشَى معه تلف العضو أو تضرره، ولم يجد ما يسخن به الماء، أو لمرضٍ، أو بطء بُرْءٍ، أو غير ذلك من الأعذار؛ تيمَّم بَدَلًا عن الوضوء، فإن كان يقدر على استعماله في بعض الأعضاء دون بعض، فيَغسِل ما لا يتضرَّر بغسله ويتيمَّم لما سواه مراعيًا للترتيب والموالاة؛ عملًا بالقاعدة الفقهية "الميسور لا يسقط بالمعسور". ينظر: "مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" للشرنبلالي (ص: 51، ط. المكتبة العصرية)، و"حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (1/ 149، ط. دار الفكر)، و"منهاج الطالبين وعمدة المفتين" للنووي (ص: 17، ط. دار الفكر)، و"كشاف القناع" للبهوتي (1/ 162، ط. دار الكتب العلمية).
بناءً على ما سبق: فإنَّ غَسْل اليدين إلى المِرفقَينِ من فرائض الوضوء، ولا يجزئ المسح على ظاهر الثياب بَدَلًا منه؛ للنصوص الدالة على وجوب الغسل، وعدم وجود رخصة في المسح على الأكمام مع وجود الحاجة الداعية إليه؛ فإن تعذَّر استعمال الماء في الوضوء تيمَّم بَدَلًا عن الوضوء، فإن كان يَقدِر على استعماله في بعض الأعضاء دون بعضٍ، فيغسل ما لا يتضرَّر بغسله ويتيمَّم لما سواه مراعيًا للترتيب والموالاة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم استخدام جهازٍ في غسل القدم في الوضوء؟ فإنه يوجد جهاز لغسل الرجلين، وذلك بوضع القدم على دوَّاسة الجهاز، ويتم الضغط قليلًا فتندفع المياه من ستة مخارج من الجهاز تصل من فوق الكعبين حتى أسفل القدم.
كيف تكون الطهارة لمن بُترَت بَعْضُ أطرافه وركّب أطرافا صناعية؟ فهناك شخصٌ ابتُلِي بِفَقْدِ أحدِ أطرافه، ورَكَّب أطرافًا تعويضيةً متصلةً بالجسم، ويسأل عن كيفية الطهارة، وضوءًا واغتسالًا.
ما حكم نزول قطرة بول بعد الوضوء؟ فقد تجاوزتُ الرابعة والستين، وعندي حالة قديمة جدًّا تسمى التنقيط في البول، ولا يتم التنقيط إلا بعد التبول وفي غضون 10 دقائق أو ربع ساعة عقب التبول، على الرغم من حرصي الشديد جدًّا على الاستبراء من البول وغسل الموضع بالماء عدة مرات عقب كل مرة، ورغم ذلك وبعد الوضوء وارتداء ملابسي الداخلية يَحدُث أن يتم نزول نقطة أو أقل رغمًا عني، وفي الآونة الأخيرة منذ عدة أشهر فكَّرتُ في وضع ثلاث طبقات من المناديل الورقية على الموضع بعد التبول وبعد الاستبراء والغَسل الجيدين، وأضع هذه الطبقات الورقية بين العضو والشورت.
-فهل يكفي ذلك الطهارةَ للصلاة؟
-وهل يجوز أثناء الصلاة وجود هذه الطبقات الثلاث الورقية؟
-وهل إذا نسيت التخلص من هذه الطبقات الورقية قَبْل كل صلاة تكون صلاتي صحيحة؟
-وهل صلواتي السابقة طوال سنوات عمري صحيحة قبل أَن أضع هذه الطبقات الورقية؟
رجل في الصحراء ومعه قليل من الطعام الذي يحتاج إلى طبخ وقليل من الماء وليس معه خبز مطلقًا. فهل يستعمل الماء الذي معه في طبخ الطعام ويتيمم، أو يتوضأ بالماء ولا يتيمم؟ علمًا بأن بينه وبين الماء أكثر من المسافة المحددة لسبب التيمم.
ما حكم المسح على الجبيرة وكيفيته؟ فقد قرأت حديث جابر رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا أصابه حَجَرٌ فَشَجَّهُ في رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ؛ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لي رُخْصَةً في التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ. فَاغْتَسَلَ؛ فَمَاتَ. فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللهُ، أَلاَّ سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِىِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ أَوْ يَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ».
فما حكم المسح على الجبيرة؟ وهل هذا الحديث يعمل به؟ وما فائدة التيمم في الحديث الشريف ما دام أنه سيمسح بالماء على الجبيرة الموضوعة على رأسه المجروح، ويغسل سائر جسده؟
ما حكم صوم المرأة التي نزل عليها دم قبل الولادة بيوم وهي صائمة؟ فهناك امرأةٌ حاملٌ، ونَزَل عليها دَمٌ قَبْل الولادة بيومٍ مصحوبًا بشيءٍ مِن الآلام التي تَسبِقُ الولادة، وكان ذلك في نهار رمضان وهي صائمة، فهل تُكمِل صومها أو تفطر بسبب نزول هذا الدم؟