ضوابط النذر المعلق ومدى صحته ونفاذه

تاريخ الفتوى: 19 أغسطس 2014 م
رقم الفتوى: 6236
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: النذور
ضوابط النذر المعلق ومدى صحته ونفاذه

نَذَر رجلٌ وهو بكامل قُوَاه العقلية لأخويه جميعَ ما يملك، وعلَّق النذرَ بما قبل مَرَض موته بثلاثة أيام عملًا بمذهبه الشافعي، وقام بتوثيقه، فهل هذا النذر صحيحٌ عند الشافعية أو لا؟

هذا النذر صحيحٌ شرعًا على مذهب السادة الشافعية؛ لأنَّه مُؤقتٌ بتوقيت صريح، ولأنَّه قد انعقد لغير أحد الأصول أو الفروع، وإنفاذه واجبٌ بناءً على ثبوت شرعيته.

المحتويات

 

صحة النذر بما قبل الموت عند الشافعية

توقيتُ النذر بما قبل مرض الموت صحيحٌ؛ لأنَّه لا ينافي الالتزام؛ أي: الوفاء بما نَذَره، كما أنَّ النذر يُعمل فيه بالشروط ما لم تخالف مقتضاه، والتأقيت بما قبل مرض الموت لا يخالف مقتضاه، وهذه المسألة بخصوصها منصوصٌ عليها في كتب السادة الشافعية، فنصَّ عليها صراحةً العلامة ابن حجر الهيتمي، ونقلها في موضع آخر عن الإمام الزركشي، وذكرها الشيخ البكري الدمياطي أيضًا.

يقول العلامة ابن حجر في "تحفة المحتاج" (10/ 77، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [ويعلم ممَّا مرّ في الاعتكاف أنَّه لو قرن النذر بإلا أن يبدو لي ونحوه بَطَلَ؛ لمنافاته الالتزام من كل وجه، بخلاف: عَلَيَّ أن أتصدَّق بمالي إلا إن احتجته؛ فلا يلزمه ما دام حيًّا؛ لتوقع حاجته، فإذا مات تُصُدق بكل ما كان يملكه وقت النذر، إلَّا إن أراد كلَّ ما يكون بيده إلى الموت فيُتصدق بالكلّ. قال الزركشي: وهذا أحسن ممَّا يفعل من توقيت النذر بما قبل مرض الموت. وأخذ من ذلك بعضهم صحة النذر بماله لفلان قبل مرض موته إلا أن يحدث لي ولد فهو له، أو: إلَّا أن يموت قبلي فهو لي، ولو نذر لبعض ورثته بماله قبل مرض موته بيوم مَلَكَهُ كلَّه من غير مشارك؛ لزوال مِلْكِهِ عنه إليه قبل مرضه. قال بعضهم: وفي نذرت أن أتصدق بهذا على فلان قبل موتي أو مرضي لا يلزمه تعجيله..، فيكون ذكره الموت مثلًا غايةً للحدّ الذي يُؤَخَّر إليه، لكن يمتنع تصرفه فيه وإن لم يخرج عن ملكه؛ لتعلّق حقّ المنذور له اللازم به، ولا تصحّ الدعوى به كالدين المؤجل] اهـ.

ضوابط النذر بما قبل الموت ومدى صحته ونفاذه

توقيتُ النذر بما قبل مرض الموت هو توقيتٌ صريح يصحّ به النذر؛ بخلاف التوقيت غير الصريح الذي يبطل به النذر، ولقد أشار إلى الفرق بينهما العلامة ابن حجر، فقال أيضًا (10/ 76): [ويبطل بالتأقيت: كنذرتُ له هذا يومًا؛ لمنافاته للالتزام السابق الذي هو موضوع النذر؛ فإن قلت: ينافي هذا قول الزركشي الآتي من توقيت النذر بما قبل مرض الموت الصريح في أنَّ التأقيت لا يضر في النذر، وكذا في الصورة التي قبله والتي بعده، قلت: لا ينافيه؛ لأنَّ التأقيت يكون صريحًا، وما مثلت به فهذا هو المبطل لما ذكرته، وقد يكون ضمنيًّا كما في صورة الزركشي والتي قبلها والتي بعدها وهو لا يؤثر؛ لأنه لا ينافي الالتزام] اهـ.

وفي "فتح المعين" للعلامة المليباري (ص: 312، ط. دار ابن حزم): [ولو نذر لغير أَحَدِ أَصْلَيْهِ أو فروعه من ورثته بماله قبل مرض موته بيوم، مَلَكَه كُلَّه من غير مشارك؛ لزوال ملكه عنه، ولا يجوز للأصل الرجوع فيه] اهـ.

وما دام قد انعقد هذا النذر لغير أحد الأصول أو الفروع، فإنَّه نذرٌ صحيح شرعًا، كما نصّ على ذلك الأئمة وبيّنوه؛ قال الحافظ الدمياطي في حاشيته "إعانة الطالبين" (2/ 413، ط. دار الفكر): [قوله: (ولو نذر لغير أحد أصليه) خرج به ما لو نذر لأحَدِ أَصْلَيْهِ، فلا يصحّ نذره، وهذا بناءً على ما جرى عليه المؤلف تبعًا لجمعٍ من أنَّ النذر لأحد أصوله مكروه، وهو لا يصحّ نذره.

أما على المعتمد من أنَّ محل عدم الصحة في المكروه لذاته فقط، فيصح؛ لأنَّ هذا مكروهٌ لعارض، وهو خشية العقوق من الباقي.

وقوله: (أو فروعه) معطوف على أصليه، فلفظ أحد: مُسَلَّط عليها، أي: أو لغير أحد فروعه، وخرج به ما لو نذر لأحد فروعه، فإنَّه لا يصحّ هذا أيضًا، بناءً على ما جرى عليه المؤلف من أنَّ النذر لأحد فروعه مكروه، وهو لا يصحّ نذره. أمَّا على المعتمد فيصحّ نذره كما سبق، وجرى في "التحفة" على المعتمد في هذه وفيما قبلها، ورد ما جرى عليه جمع، وقد تقدم لفظها عند قول شارحنا: وكالمعصية المكروه.

وقوله: (من ورثته) بيان لغير مَن ذكر، ودخل في الورثة جميع الحواشي كالإخوة والأعمام، ودخل أيضًا النذر لجميع أصوله، أو لجميع فروعه، فإنه يصحّ بالاتفاق؛ وذلك لأنَّ المنفي هو أحد الأصول أو أحد الفروع فقط، فغير هذا الأحد صادق بجميع ما ذكر.

وقوله: (بماله) متعلق بنذر.

وقوله: (قبل مرض موته) متعلق بنَذَر أيضًا. وخرج به ما إذا كان النذر في مرض موته، فإنَّه لا يصحّ نذره في الزائد على الثلث، إلا إنْ أجاز بقية الورثة؛ وذلك لأنَّ التبرعات المنجزة في مرض الموت تصحّ في الثلث فقط، ولا تصحّ في الزائد عليه إلَّا إنْ أجاز بقية الورثة.

(قوله: ملكه كله)؛ أي: ملك المنذور له المال كله.

وقوله: (من غير مشارك)؛ أي: من غير أن أحدًا من الورثة الباقين يشاركه فيه، بل يختص به.

قوله: (لزوال ملكه)؛ أي: الناذر من قبل مرض الموت.

وقوله: (عنه)؛ أي: عن ماله كله الذي نذره.

قوله: (ولا يجوز للأصل الرجوع فيه) انظره مع قوله لغير أحد أصوله أو فروعه، فإن ذلك يفيد أن نذر الأصل لأحد فروعه لا يصح من أصله، وهذا يفيد أنه يصح، إلا أنه لا يصح رجوعه فيه، وبينهما تنافٍ، فكان الصواب إسقاطه، إلا أن يقال: إن هذا مفروض فيما إذا نذر الأصل لجميع فروعه، وهو يصح كما مر وهو بعيد أيضًا، فتأمل.

ثم إنَّ عدم جواز رجوع الأصل على الفرع فيما نذره هو المعتمد الذي جرى عليه كثيرون] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فهذا النذرُ صحيحٌ شرعًا على مذهب السادة الشافعية ما دام مؤقتًا بتوقيت صريح، وما دام قد انعقد لغير أحد الأصول أو الفروع، وإنفاذه واجبٌ بناءً على ثبوت شرعيته.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

سائل يقول: شخص نذر بأن يذبح إذا رزقه الله وأنجب طفلًا، وقد رزقه الله بالطفل وعنده القدرة على الوفاء بنذره؛ ولكنه لا يريد تنفيذه؛ فهل في ذلك حرج شرعًا؟ 


هل الحلف بالقرآن العظيم كما الحلف بالله تعالى بحيث ينعقد به اليمين ويأثم الحانث به وتلزمه الكفارة أم لا؟


يقول السائل: أقسمت على المصحف الشريف بأن ابني إذا فعل أمرًا معيّنًا لا أساعده في تعليمه من الناحية المادية، ولم يحترم ابني يميني، وقام بفعل هذا الأمر. فما حكم الشرع في ذلك.


هل يجوز للحاج أن يأكل من الهدي الواجب عليه، سواء أكان هديَ تمتعٍ، أو قِرانٍ، أو نذر، أو لارتكاب محظور؟ حيث التبس الأمر عليَّ ولا أدري الصواب، فأرجو الإفادة وجزاكم الله خيرًا.


ما حكم الحلف على ترشيح شخص معين في الانتخابات؟ فردًّا على كتاب هيئة تحرير إحدى المديريات، المتضمن: أن بعض المرشحين لمجلس الأمة يلجأ لوسائل متعددة للحصول على أيمان من الناخبين بتحليف الناخب بالله العظيم ثلاثًا، أو بتحليفه على المصحف، أو بتحليفه على البخاري، بأنه سيمنح صوته عند الانتخاب لمرشح معين، والمطلوب الإفادة عن حكم الدين فيما إذا أقسم مواطن على المصحف، أو يقسم آخر على إعطاء صوته لشخص معين واتضح له بينه وبين ضميره أن المرشح الذي أقسم على انتخابه ليس أصلح المرشحين ولا أكفأهم للنيابة. فهل يحافظ على القسم الذي قطعه على نفسه، وينتخب من أقسم على انتخابه وهو يعلم أنه ليس أصلح المرشحين؟ أو يلبي نداء ضميره وينتخب أصلح المرشحين ولو تعارض مع قسمه؟


هل العبرة بنية الحالف أو المستحلف؟ فإنَّ امرأة مرضت بالشلل، وأرادت بنتها السفر خارج الديار المصرية لزيارة شقيقتها، فخشي والد هذه الفتاة أن تسافر بنته وتبقى هناك وتترك أمها المريضة فأقسمت بنته على المصحف الشريف أنها لن تبقى عند أختها أكثر من شهر ولن تتعاقد على عمل، ولكن بنته سافرت ومكثت أكثر من شهر وتعاقدت على عمل هناك مخالفة بذلك ما أقسمت عليه على كتاب الله الكريم، ولما واجهها والدها بما أقسمت عليه أجابت بأنها لم تحنث في يمينها؛ لأنها أقسمت بنية أخرى غير الذي أقسمت عليه ومن ثم لم تحنث في يمينها.
وطلب السائل بيان: هل هذه الفتاة قد حنثت في يمينها، أم لا؟ وإذا كانت قد حنثت، فما هي الكفارة الواجبة شرعًا؟ وهل اليمين ينعقد بنية الحالف، أم بنية المستحلِف؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 07 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 54
العصر
4:30
المغرب
7 : 55
العشاء
9 :27