بيان حكم العمرة

تاريخ الفتوى: 02 يونيو 2023 م
رقم الفتوى: 7675
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
بيان حكم العمرة

ما حكم العمرة؟ وهل أكون آثمًا إذا لم أفعلها رغم الاستطاعة؟

العمرة مختلفٌ في حكمها ما بين الوجوب والسُّنِّيَّة، والمختار للفتوى أنها سُنَّة مؤكدة في العمر مرةً واحدةً، وينبغي القيام بأدائها متى توفرت الاستطاعة البدنية والمالية؛ كما هو شرط في وجوب الحج، ولو استطاع المسلم العمرة ولم يستطع الحج؛ فليُبادر بالعمرة.

المحتويات

العمرة في الشرع وبيان فضلها

العمرة شعيرة تشتمل على الإحرام والنية والطواف حول الكعبة المشرفة والسعي بين الصفا والمروة والتحلل بالحلق أو التقصير، وقد تقرر مشروعيتها بالكتاب والسنة والإجماع؛ ولأجل ذلك جاءت الأحاديث النبوية الشريفة التي تحثُّ على فعلها وبيان فضلها. فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ للهِ﴾ [البقرة: 196].

ووجه الدلالة من هذه الآية الكريمة: أنَّه إذا ورد الأمر بالتمام، فإنه يدل على المشروعية مِن باب أولى. فأخرج البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ».

ويُبيِّنُ فضلها أيضًا: ما أخرجه ابن ماجه في "سننه" عن عمر رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، فَإنَّ المُتَابَعَةَ بَيْنَهُمَا تَنْفِي الفَقْرَ والذُّنُوبَ، كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ».

حكم العمرة ووقتها

وقد نقل غيرُ واحدٍ من العلماء الاتفاق على جوازها في كلِّ الأوقات.

ومن ذلك ما ذكره الإمام ابن رشد في "بداية المجتهد" (2/ 90، ط. دار الحديث) حيث قال: [وأما العمرة: فإن العلماء اتفقوا على جوازها في كلِّ أوقات السَّنَة] اهـ.

وقد ذهب الحنفية -في الصحيح من مذهبهم- والمالكية، والشافعية في قولٍ، والحنابلة في روايةٍ إلى أن العمرة سُنَّة مؤكدة في العمر مرة واحدة، وما زاد عن ذلك فهو مندوب.

قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "البناية" (4/ 461، ط. دار الكتب العلمية): [(.. والعمرة سُنَّة) ش: وفي "الينابيع": أي سُنَّة مؤكدة، وفي "البدائع": اختلف أصحابنا فيها.

فمنهم مَن قال: إنها واجبة كصدقة الفطر، والأضحية، والوتر، ومنهم مَن أطلق عليها اسم السُّنَّة، وهي لا تنافي الوجوب، وفي "التحفة"، و"القنية": اختلف المشايخ فيها، قيل: هي سُنَّة مؤكدة، وقيل: واجبة، وقيل في "التحفة": وهما متقاربان، وفي "الذخيرة": لا يوجد في كتب أصحابنا أن العمرة تطوع، إلا في كتاب "الحجر".

وقال بعض المشايخ -ومنهم محمد بن الفضل-: فرض كفاية ذكره في "المنافع"، وبالأول قال الشعبي، والنخعي، ومالك، وأبو ثور رحمهم الله، وهو مذهب ابن مسعود رضي الله عنه، ومنهم مَن قال: العمرة تطوع] اهـ.

وقال الإمام الميداني الحنفي في "اللباب" (1/ 221، ط. المكتبة العلمية): [(والعمرة سُنَّة) مؤكدة في الصحيح، وقيل: واجبة] اهـ. وقال الإمام الخرشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 281، ط. دار الفكر): [وأما العمرة فهي سُنَّة في العمر مرة على المشهور، وهي آكد من الوتر] اهـ.

ودليلهم على ذلك: ما ورد عن جابر رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن العمرة: أَوَاجِبَةٌ هي؟ قال: «لاَ، وَأَنْ تَعْتَمِرُوا هُوَ أَفْضَلُ» أخرجه الإمام الترمذي في "سننه".

وأيضًا ما ورد عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «الْحَجُّ جِهَادٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ» أخرجه الإمام ابن ماجه في "سننه".

وهذان الحديثان -وإن كان فيهما مقال- لا ينزلان عن درجة الحسن، ولا شك أن الحَسَنَ حجةٌ؛ كما حرَّر الإمام الكمال بن الهمام في "فتح القدير" (3/ 140- 414، ط. دار الفكر).

وذهب الشافعية في الأظهر، والحنابلة في الصحيح من المذهب إلى أنها واجبة؛ كالحج. قال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (3/ 17، ط. المكتب الإسلامي): [في العمرة: قولان، الأظهر الجديد: أنها فرضٌ؛ كالحج، والقديم: سُنَّة] اهـ.

وقال العلامة البُهُوتيُّ الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 376، ط. دار الكتب العلمية): [(وتجب) العمرة (على المكي كغيره) أي غير المكي؛ لقوله تعالى ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: 196].. (ويجبان في العمر مرة واحدة)] اهـ.

وقال العلامة ابن مفلح في "المبدع" (3/ 80، ط. دار الكتب العلمية): [وما ذكره من وجوب العمرة هو نص أحمد، وقول جمهور الأصحاب.. وظاهره لا فرق بين المكي وغيره] اهـ.

وقال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 387، ط. دار إحياء التراث العربي): [والعمرة إذا قلنا تجب فمرة واحدة بلا خلاف، والصحيح من المذهب: أنها تجب مطلقًا، وعليه جماهير الأصحاب، منهم المصنف في "العمدة"، و"الكافي". قال المجد: هذا ظاهر المذهب.

قال في "الفروع": والعمرة فرض كالحج. ذكره الأصحاب.

قال الزركشي: جزم به جمهور الأصحاب، وعنه: أنها سُنَّة، اختاره الشيخ تقي الدين، فعليها يجب إتمامها إذا شرع فيها، وأطلقهما في الشرح، وعنه: تجب على الآفاقي دون المكي، نص عليه في رواية عبد الله، والأثرم، والميموني، وبكر بن محمد، واختارها المصنف في "المغني" والشارح.

قال الشيخ تقي الدين: عليها نصوصه، وأطلقهنَّ في "الفائق"] اهـ.

وقد استدل الشافعية والحنابلة على ما ذهبوا إليه من وجوب العمرة بالآية المذكورة سابقًا في بيان المشروعية من الأمر بإتمام الحج والعمرة من دون شرط الشروع فيهما بخلاف مَن قال بكونها سُنَّةً؛ فالإتمام عنده مشروط بالشروع؛ كما قال الإمام الفخر الرازي في "مفاتيح الغيب" (5/ 296، ط. دار إحياء التراث العربي).

وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 206، ط. دار الكتب العلمية): [(وكذا العمرة) فرض (في الأظهر) لقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: 196] أي ائتوا بهما تامَّيْن] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 218، ط. مكتبة القاهرة): [ولنا قول الله تعالى: ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: 196]، ومقتضى الأمر الوجوب، ثم عطفها على الحج، والأصل التساوي بين المعطوف والمعطوف عليه] اهـ.

وقد أجاب الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (2/ 369، ط. دار الكتب المصرية) على ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة؛ حيث قال: [قالوا: وأما الآية فلا حجة فيها للوجوب، لأن الله سبحانه إنما قرنها في وجوب الإتمام لا في الابتداء، فإنه ابتدأ الصلاة والزكاة فقال: ﴿وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ﴾ [المزمل: 20].

وابتدأ بإيجاب الحج فقال: ﴿وَللهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ﴾ [آل عمران: 97] ولما ذكر العمرة أمر بإتمامها لا بابتدائها، فلو حج عشرَ حجج، أو اعتمر عشرَ عُمَرٍ، لزم الإتمام في جميعها، فإنما جاءت الآية لإلزام الإتمام لا لإلزام الابتداء، والله أعلم] اهـ.

واستدلوا أيضًا بما أخرجه الأئمة: الترمذي والنسائي وابن ماجه في "السنن" عن رَزِينٍ العُقَيْلِيِّ، أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج، ولا العمرة، ولا الظعن، قال: «حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ».

وهذا الحديث عمدة أدلة الشافعية والحنابلة في وجوب العمرة؛ حتى قال عنه الإمام أحمد: "لا أعلم في إيجاب العمرة حديثًا أجود من هذا ولا أصح منه ولم يُجوِّده أحد كما جوده شعبة"؛ كما نقله عنه غيرُ واحدٍ من العلماء، ومنهم: الإمام البيهقي في "السنن الكبرى".

ثم إن العمرة سواءً أكانت على سبيل السُّنِّيَّة أم على سبيل الوجوب -قد اتفق جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة- يُشترط فيها الاستطاعة كما تُشترط في الحج. أنظر: "بدائع الصنائع للكاساني" (2/ 121، 227، ط. دار الكتب العلمية)، "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص: 107، ط. دار الكتب العلمية)، "البيان" للعمراني (4/ 25، ط. دار المنهاج)، "الكافي" لابن قدامة (1/ 464، ط. دار الكتب العلمية).

الخلاصة

وبناءً على ما سبق: فإن العمرة حكمها مختلفٌ فيه ما بين الوجوب والسُّنِّيَّة، والمختار للفتوى أنها سُنَّة مؤكدة في العمر مرةً واحدةً، وهو مذهب جمهور الفقهاء.

وفي واقعة السؤال: ينبغي أن تؤدي العمرة متى توفرت الاستطاعة البدنية والملاءة المالية، وكذلك الحج، ولو استطاع المسلم العمرة ولم يستطع الحج؛ فليبادر بالعمرة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم لبس الحذاء الطبي للمحرم المعاق؟ فالسائل معاق، وساقه اليسرى أقصر من اليمنى، ويقوم بتعويض ذلك بحذاء طبي، وقد أكرمه الله سبحانه بالحج هذا العام، فهل يجوز له لبس الحذاء الطبي وهو يؤدي المناسك داخل المسجد الحرام من طواف وسعي؟ وهل عليه فدية في ذلك أم لا؟ وهل رباط الحذاء يعتبر مخيطًا أم لا؟


نحيطكم عِلمًا بأن صندوق خاص بإحدى الجهات الرسمية يقوم بتنظيم بعثة سنوية للحج، وذلك حسب البرنامج التالي ذكره، فبرجاء التفضل بإبداء الرأي في مدى صحة هذا البرنامج من الناحية الشرعية:
تقوم البعثة بالسفر بالملابس العادية إلى المدينة أولًا، وتمكث البعثة بالمدينة لمدة خمسة أيام، قبل التوجه إلى مكة لأداء مناسك الحج، ونقوم بشراء صكوك الهدي من المدينة، والإحرام من فندق الإقامة بنية القران بين الحج والعمرة.
ثم نقوم بعد ذلك بالتوجه إلى الحرم المكي لأداء طواف القدوم والسعي بعده، فهل يجزئ هذا السعي عن سعي الحج؟
في يوم التروية نذهب ليلًا مباشرة إلى عرفة، ولا نبيت بمِنى ولا ندخلها، ونبيت ليلة عرفة بمقر البعثة بعرفة والذي يكون داخل حدود عرفة، ونمكث بالمخيَّم داخل عرفة دون الذهاب إلى جبل الرحمة، وعند غروب الشمس نبدأ في التحرك إلى المزدلفة، فنصل إليها ليلًا، ونصلي المغرب والعشاء جمع تأخير مع قصر العشاء، ونسرع بجمع الحصى من المزدلفة، ثم نبادر بعد ذلك وفي منتصف الليل بمغادرة المزدلفة إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى، ويمكن لكبار السن والسيدات التوكيل في رمي الجمرات، ثم نتوجه إلى مكة المكرمة لطواف الإفاضة، وبعدها نتوجه إلى الفندق لأخذ قسط من الراحة.
ثم نتوجه في ظهيرة يوم النحر من مكة إلى منى للمبيت بها حتى الساعة 12 صباحًا، ثم نقوم برمي الجمرات ليلة أول أيام التشريق وثاني أيام العيد، ثم التوجه إلى فندق الإقامة لمَن يرغب. وفي ظهر أول أيام التشريق وثاني أيام العيد نتوجه إلى منى ونقيم بها حتى نرمي جمرات اليوم الثاني من أيام التشريق في حدود الساعة 12 صباحًا، ونتعجل اليوم الثالث، ونقوم بمغادرة مِنى إلى مكة ليلة ثاني أيام التشريق بعد رمي الجمرات.
ننصح الكثير من أعضاء البعثة وخاصة كبار السن بالذهاب بعد العشاء بساعة أو ساعتين ليلة 12 من ذي الحجة بالذهاب إلى الجمرات ورمي جمرات اليوم الأول، ثم يمكثون إلى أن ينتصف الليل ويرمون لليوم الثاني. كما ننصح كبار السن والنساء ومن لا يستطع الذهاب إلى منى أن يبقى بمكة ويوكِّلَ من يرمي عنه الجمرات. ويمكن لمن أحب عمل أكثر من عمرة أن يقوم بذلك بعد الرجوع إلى مكة والتحلّل الأكبر، ويقوم أعضاء البعثة بطواف الوداع في يوم 13 من ذي الحجة، أي: قبل المغادرة بيوم.
كما ننصح كبار السن والمرضى أن يجمعوا في طواف الإفاضة بين نية الإفاضة ونية الوداع.
وتفضلوا سيادتكم بقبول فائق الاحترام
 


ما حكم وضع الطيب للمرأة إذا أرادت الإحرام؟ حيث تقول السائلة: نويتُ أداء العمرة، وكنت قد تعطَّرت قبل الإحرام، ثم وجدت بعد الإحرام رائحة العطر باقية، فما الحكم في ذلك؟ وهل يختلف الحكم في حق الشابَّة عن المرأة الكبيرة؟


سئل فيمن أُمر بالحج عن الغير، فقصد الحج، حتى إذا قارب الوصول إلى أرض الحجاز حصل له مانع سماوي، مثل: اصطدام السفينة بشعب في البحر، بحيث أُحصر مدَّة، إلى أن نُقل إلى سفينة أخرى أوصلته إلى أرض الحجاز، وعند وصوله قبل إحرامه وجد الحج قد فاته، ثم رجع إلى وطنه الذي خرج منه. فهل -والحالة هذه- يضمن ما صرفه في الرجوع، أم يحسب من بدل الحج المأمور به؛ لداعي إحصاره بالعارض السماوي، أم كيف الحال؟ أفيدوا الجواب.


ما حكم تحديد الجهات المنظمة للحج لأعداد الحجيج وسنِّهم واشتراط حصولهم على اللقاحات؟ فمع اقتراب موسم الحج وفي ظل تزايد أعداد مريدي الحج، نجد أن الجهات المعنية بشئون الحج والعمرة تقوم بإِصْدار قرارات تنظيمية لفريضة الحج، نحو: تحديد أعداد الحجيج وأعمارهم، واشتراط حصولهم على بعض اللقاحات، فهل هذا متفق مع أحكام الشريعة ومقاصدها الإسلامية؟


ما حكم تغيير نية النسك بعد دخول مكة؟ فهناك رجلٌ نَوَى العُمرة متمتِّعًا بها إلى الحج، وبعد دخوله مكةَ مَرِضَ، فلم يَتمكن مِن أداء العُمرة حتى دَخَل يومُ التَّرْوِيَة، ولا يُريد أن يُجهِد نَفْسه بالعُمرة في هذا اليوم قبل الوقوف بعرفة، فهل يجوز له شرعًا أن يحوِّل نِيَّة الإحرام مِن التمتُّع إلى القِرَان؟ علمًا بأنه لا يزال مُحرِمًا، ولَم يطُف بالبيت الحرام.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 06 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 54
العصر
4:30
المغرب
7 : 54
العشاء
9 :27