ما حكم الطواف حول الكعبة المشرَّفة مِن (الطابق) الدَّور الثاني أو الثالث للمسجد الحرام؟
الطواف حول الكعبة المشرَّفة مِن الطوابق المرتفعة عن الأرض (الدَّور الثاني والثالث) للمسجد الحرام جائزٌ وصحيحٌ شرعًا، ولا حرج على فاعِلِهِ ولو ارتَفَع في طوافه عن حَدِّ سَقْفِ الكعبة؛ لأن هَوَاءُ الكعبة المشرَّفة يأخذ حُكمَها، وما ارتَفَعَ عن الأرض مِن بِنَاءِ المسجد الحرام يأخذ حُكمَه، وتكون الطوابِقُ مَهْمَا عَلَتْ مِنَ المسجد، ويَصح الطوافُ فيها قياسًا على صحةِ صلاةِ مَن تَوَجَّهَ نحو الكعبة وهو في مكانٍ مُرْتَفِعٍ عنها، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية في المعتمد، والحنابلة، وهو المختار للفتوى.
المحتويات
الطواف لغةً: الاسْتِدَارَةُ بالشيء والدَّوَرَانُ حَوْلَهُ، يقال: طاف بالشيء يَطُوف طَوْفًا وطَوَافًا أي: استدار به، والمطاف: موضع الطواف؛ كما في "المصباح المنير" للعلامة الفيومي (2/ 380، ط. المكتبة العلمية)، و"لسان العرب" للعلامة جمال الدين ابن منظور (9/ 225، ط. دار صادر).
واصطلاحًا: الدَّوَرَانُ حول الكعبة المشرفة بصفةٍ مخصوصةٍ؛ كما في "المبسوط" لشمس الأئمة السَّرَخْسِي (4/ 44، ط. دار المعرفة)، و"العناية" لأكمل الدين البَابَرْتِي (3/ 50، ط. دار الفكر).
الطواف بالكعبة المشرَّفة قربةٌ مشروعةٌ، وعبادةٌ لذاتها مقصودةٌ؛ قال الله تعالى في مُحْكَم التنزيل: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
وأخرج الشيخان في "صحيحيهما" عن أمِّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: «أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ -حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى أَقْبَلَ إِلَى الْحَجَرِ، فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ طَافَ بِهَذَا البَيْتِ أُسْبُوعًا فَأَحْصَاهُ، كَانَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ»، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لَا يَضَعُ قَدَمًا وَلَا يَرْفَعُ أُخْرَى إِلَّا حَطَّ اللهُ عَنْهُ خَطِيئَةً، وَكَتَبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةً» أخرجه الإمامان: الترمذي في "سننه" وَحَسَّنَهُ واللفظ له، وأحمد في "مسنده".
الأصل في الطواف حول الكعبة أن يكون داخل المسجد الحرام، وأن يطوف الطائفُ حال كونه على الأرض أو غيرَ مرتفِعٍ عن حدِّ سَقْفِ الكعبة، فإذا طافَ مِن الطابق الأعلى (الدَّور الثاني أو الثالث) للمسجد الحرام صَحَّ طوافُهُ ولو ارتَفَع الطابقُ عن الكعبة؛ لأنَّ هَوَاءَ الشيء المستقِرِّ على الأرض يأخذ حُكمَه، فكذا هَوَاءُ الكعبة المشرَّفة يأخذ حُكمَها، وما ارتَفَعَ عن الأرض مِن بِنَاءِ المسجد الحرام يأخذ حُكمَه، وتكون الطوابِقُ مَهْمَا عَلَتْ مِنَ المسجد، ويَصح الطوافُ فيها قياسًا على صحةِ صلاةِ مَن تَوَجَّهَ نحو الكعبة وهو في مكانٍ مُرْتَفِعٍ عنها، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية في المعتمد، والحنابلة، وهو المختار للفتوى.
قال علاء الدين الحَصْكَفِيُّ الحنفي في "الدر المختار" (ص: 160، ط. دار الكتب العلمية): [واعْلَمْ أنَّ مكانَ الطواف داخلُ المسجد ولو وَرَاءَ زمزم لا خارجه؛ لِصَيْرُورَتِهِ طائفًا بالمسجد لا بالبيت] اهـ.
قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (2/ 497، ط. دار الفكر) مُحَشِّيًا عليه: [(قوله: ولو وراء زمزم) أو المقام، أو السَّوَارِي، أو على سَطْحِهِ ولو مُرتَفِعًا على البيت "لُباب"] اهـ.
وقال المُلَّا علي القارِي في "المَسْلَك المُتَقَسِّط في المَنْسَك المتوسِّط" (ص: 66، ط. الترقي الماجدية): [(فصلٌ في مكان الطواف: مكانُه: حَوْل البيت، لا فيه) أي: لا في داخله كما مَرَّ (داخل المسجد) أي: سواءٌ كان قريبًا من البيت أو بعيدًا عنه بَعْدَ أن يكون في المسجد، (ويجوز) أي: الطواف (في المسجد) أي: في جميع أجزائه (ولو مِن وراء السَّوَارِي) أي: الأسطوانات (وزمزم) وكذا المقامات (ولو طاف على سَطح المسجد ولو مُرتفِعًا عن البيت) أي: مِن جدرانه كما صرَّح به صاحبُ "الغاية" (جازَ) لأنَّ حقيقةَ البيت هو الفضاءُ الشاملُ لِمَا فَوق البِنَاءِ مِن الْهَوَاء، ولذا صحَّت الصلاةُ فَوق جبل أبي قُبَيْسٍ إجماعًا، حتى لو انْهَدَمَ البيتُ -نَعوذُ بالله- جازَ الصلاةُ إلى البُقعة] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 39، ط. دار الفكر): [قال الرافعي: فإنْ جُعِلَ سَقفُ المسجد أَعْلَى مِن سَطْح الكعبة، فقد ذَكَرَ صاحبُ "العُدَّة" أنه لا يجوزُ الطوافُ على سَطْح المسجد، وأَنكَرَه عليه الرافعيُّ، وقال: لو صَحَّ قولُهُ لَزِمَ مِنه أنْ يُقال: لو انهَدَمَت الكعبةُ -والعياذُ بالله- لم يَصِحَّ الطوافُ حول عَرْصَتِهَا، وهو بعيدٌ، وهذا الذي قاله الرافعيُّ هو الصَّوَاب، وقد جَزَم القاضي حسينٌ في "تَعليقِهِ" بأنه لو طاف على سَطْح المسجد صَحَّ وإن ارتَفَع عن مُحاذاة الكعبة، قال: كما يَجوزُ أن يُصلي على أبي قُبَيْسٍ مع ارتفاعِهِ على الكعبة، والله أعلم] اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن حَجَر الهَيْتَمِي الشافعي في "تحفة المحتاج" (4/ 82، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [المصرح بجوازه فيه (داخل المسجد) ولو على سَطْحه وإنْ كان أَعلى مِن الكعبة على المعتمد؛ لأنه يَصْدُقُ أنه طائفٌ بها؛ إذ لِهَوَائِهَا حُكمُها] اهـ.
وقال شمس الدين ابن مُفْلِح الحنبلي في "الفروع" (6/ 38، ط. مؤسسة الرسالة): [وإنْ طاف على سَطْح المسجد تَوَجَّهَ الإجزاءُ؛ كصَلَاتِهِ إليها] اهـ.
بناءً على ذلك: فإنَّ الطواف حول الكعبة المشرَّفة مِن الطوابق المرتفعة عن الأرض (الدَّور الثاني والثالث) للمسجد الحرام جائزٌ وصحيحٌ شرعًا، ولا حرج على فاعِلِهِ ولو ارتَفَع في طوافه عن حَدِّ سَقْفِ الكعبة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل ما يُقَال من أنّ المتابعة بين العمرة والحج تنفي الفقر والذنوب صحيح؟
ما حكم نفقة حج الزوجة والحج عن الميت من التركة؟ حيث لي أخ كان قد وعد زوجته بأداء فريضة الحج معًا، ولكنه توفي قبل موعد الحج، فقامت زوجته بالحج وأخذت أخاها معها مَحرمًا لقضاء الحج عن شقيقي، وقامت بخصم مصاريف الحج من تَرِكته، ثم قامت بتقسيم التركة بعد خصم مصاريف الحج، وليس لأخي أولاد، وله أخت شقيقة، وتدخل بعض علماء الأزهر بالقرية وأفهموها أن الحج لا بد أن يكون من حقها الشرعي وليس من جملة التَّرِكة، فرفضت، ورفضت تكليف أحد أقاربنا بالسعودية لقضاء الحج عن أخي، وأصرت على موقفها، فأرجو الإفادة عن الحكم الشرعي.
ما الحكم لو مسَّ المُحْرِمُ شيئًا من الطّيب الموجود على الكعبة المشرفة؟
ما حكم الحج عن المتوفاة إذا كان مال تركتها لا يكفي؟ حيث سألت سيدةٌ وقالت:
أولًا: كانت والدتي رحمها الله تعتزم الحج، إلا أن الأجل وافاها قبل أن تتمكن من تأدية هذه الفريضة، فهل من الممكن -والحالة هذه- أن أقوم أنا بدلًا منها بإتمام الحج على أن يحتسب للمرحومة؟ علمًا بأن ظروفي العملية تمنعني أنا شخصيًّا من تأدية هذه الفريضة لنفسي.
ثانيًا: إن ما ورثته عن المرحومة أمي لا يكفي كل مصاريف الحج وعليه، فهل يجوز لي أن أكمل هذه المصاريف مما ادخرته لمستقبل ابنتي الطفلة ولمستقبلي كأرملة؟
ما حكم الحج عن المريض الذي لا يثبت على وسائل الانتقال؟ فقد حاولت أمي الحج أكثر من مرة ولم يحالفها التوفيق لذلك، وقد حججت أنا عن نفسي، ثم حججت عنها من مالها وهي على قيد الحياة، ولكنها كانت وقتها تبلغ من العمر ثمانية وستين عامًّا ولا تتحكم في البول ويأتيها دوار من ركوب السيارة. فهل حجي عنها صحيح؟
ما حكم من اعتمر عن نفسه وحج عن غيره؟ فهناك رجلٌ اعتمر في أَشْهُر الحج ولم يخرج مِن الحرم، ثم أَحْرَم بالحج نيابةً عن ميت، هل هذا تَمَتُّع؟ وهل يجب عليه هدْيُ تَمَتُّع؟ ومَن الذي يجب عليه الهدي في هذه الصورة؟