ما حكم قضاء المرأة الصلاة التي فاجأها الحيض في آخر وقتها؟ حيث إن هناك امرأةً فاجأَها الحيضُ قبل أذان العصر بزمنٍ يسيرٍ، ولم تكن قد أدَّت صلاة الظهر، فهل يلزمها قضاء صلاة الظهر بعد طُهرها من الحيض؟
لا يجب على المرأة التي فاجأَها الحيضُ قَبل خروج وقت الصلاة بزمنٍ يسيرٍ يزيد على الزمن الذي يَسَع أداء تكبيرة الإحرام أنْ تَقضيَها، ولا حرج عليها في ذلك شرعًا.
المحتويات
جَعَل الشرعُ الشريفُ للصلوات المفروضة أوقاتًا مخصوصةً، بحيث لا يجوز للمكلَّف أنْ يأتي بالصلاة المفروضة في غير وقتها المحدَّد لها إلا لعذرٍ شرعيٍّ؛ لقول الحق تبارك وتعالى في كتابه العزيز: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103].
قال العلامة الشوكاني في "فتح القدير" (1/ 588-589، ط. دار ابن كثير): [﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ أَيْ: محدودًا معيَّنًا، يقال: وَقَتَهُ فهو موقوت، وَوَقَّتَهُ فهو موقَّت. والمعنى: إنَّ الله افترض على عباده الصلواتِ، وكَتَبَهَا عليهم في أوقاتها المحدودة؛ لا يجوز لأحد أن يأتي بها في غير ذلك الوقت إلا لعذرٍ شرعيٍّ مِن نومٍ أو سهوٍ أو نحوهما] اهـ.
وتيسيرًا على المكلَّفين: وسَّعَ الشارع الحكيم في أوقات الصلوات، فجَعَل لها أوَّلًا وآخِرًا، وجَعَل أداءها في أيِّ جزءٍ من هذه الأوقات مُجْزِئًا، وهذا ما بيَّنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سنته؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ لِلصَّلَاةِ أَوَّلًا وَآخِرًا، وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، وَآخِرَ وَقْتِهَا حِينَ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ، وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ حِينَ يَدْخُلُ وَقْتُهَا، وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ، وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ، وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ يَغِيبُ الْأُفُقُ، وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ العِشَاءِ الْآخِرَةِ حِينَ يَغِيبُ الْأُفُقُ، وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ يَنْتَصِفُ اللَّيْلُ، وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْفَجْرِ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ، وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، والترمذي والنسائي في "السنن".
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه صَلَّى في أول الوقت وفي آخِره؛ فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا، قَالَ: فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ وَالنَّاسُ لَا يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالظُّهْرِ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدِ انْتَصَفَ النَّهَارُ، وَهُوَ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُمْ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالْمَغْرِبِ حِينَ وَقَعَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَخَّرَ الْفَجْرَ مِنَ الْغَدِ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ، ثُمَّ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ بِالْأَمْسِ، ثُمَّ أَخَّرَ الْعَصْرَ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدِ احْمَرَّتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى كَانَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفَقِ، ثُمَّ أَخَّرَ الْعِشَاءَ حَتَّى كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ، ثُمَّ أَصْبَحَ، فَدَعَا السَّائِلَ، فَقَالَ: «الْوَقْتُ بَيْنَ هَذَيْنِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
فأفاد ذلك جواز أداء الفريضة في أيِّ وقتٍ ما بين أول وقت الصلاة وآخِره، ولا يكون المكلف عاصيًا بتأخيره أداء الفريضة إلى آخر وقتها.
المختار للفتوى: أنَّ وقت وجوب الصلاة في ذمة المكلف هو آخر الوقت؛ لأنه الوقت الذي لا يَسَعه تأخير الصلاة عنه، وإلا أَثِم إن أخَّرها عن ذلك الوقت، فدلّ ذلك على أنه وقت الوجوب، ولا يأثم المكلَّف بتركه أمرًا إلا الواجب، وآخِر الوقت الذي لا يسع المكلف فيه تأخير الصلاة عنه هو مقدار ما يَسَع تكبيرة الإحرام، وهو مختار مذهب الحنفية.
قال الإمام أبو بكر الجَصَّاص في "الفصول في الأصول" (2/ 130، ط. أوقاف الكويت): [لزوم فرض الوقت عندنا متعلق بآخره؛ وهو مقدار ما يلحق فيه الافتتاح، وما قبله ليس بوقت للوجوب] اهـ.
وقال علاء الدين الحَصْكَفِي في "الدر المختار" (ص: 106، ط. دار الكتب العلمية) في ذكر ضابط الوقت الذي يتعلق به وجوب الصلاة عند بيان أحكام صلاة المسافر: [(والمعتبر في تغيير الفرض: آخِر الوقت) وهو قَدْر ما يَسَع التحريمة؛ (فإن كان) المكلَّف (في آخِره مسافرًا: وَجَب ركعتان، وإلا فأربع)؛ لأنه المعتبر في السببية عند عدم الأداء قَبله] اهـ.
قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (2/ 131، ط. دار الفكر) مُحَشِّيًا عليه: [(قوله: والمعتبر في تغيير الفرض)؛ أي: مِن قصرٍ إلى إتمامٍ وبالعكس. (قوله: وهو) أي: آخِر الوقت قَدْر ما يَسَع التحريمة؛ كذا في "الشُّرُنْبُلَالِيَّة"، و"البحر"، و"النهر"] اهـ.
مقتضى ذلك: أنه لا تجب الصلاة على المكلَّف إلا إذا كان خاليًا من الأعذار قبل خروج وقت الصلاة بقدر ما يَسَع تكبيرة الإحرام، فإذا حاضت المرأة قبل ذلك المقدار فلا يجب عليها فَرْضُ هذه الصلاة، ولا تصير دَيْنًا في ذمتها، بل هي في وقت أداء الصلاة وتعذر عليها الأداء بسبب الحيض، وذلك غير ملزمٍ للقضاء؛ لأنه لم يتقرر وجوب فرض الصلاة في حقها، وما دام الوجوب لم يتقرر فلا تطالب المرأة بالقضاء.
قال شمس الأئمة السَّرَخْسِي في "المبسوط" (2/ 14-15، ط. دار المعرفة): [وإذا أدركها الحيض في شيءٍ مِن الوقت وقد افتَتَحَت الصلاةَ أو لم تَفْتَتِحْهَا: سقطَت تلك الصلاة عنها.. ما بقي شيءٌ مِن الوقت؛ فالصلاة لم تَصِرْ دَيْنًا في ذمتها، بل هي في الوقت عين، وإنما تعذر عليها الأداء بسبب الحيض وذلك غير موجب للقضاء، فأما بخروج الوقت: فتصير الصلاة دَيْنًا في ذمتها، والحيض لا يمنع كون الصلاة دَيْنًا في ذمتها، وقد بَيَّنَّا فيما سبق أن الوجوب يتعلق بآخِر الوقت؛ لكونه مخيرًا في أول الوقت، وما لم يتقرر الوجوب لا يجب القضاء] اهـ.
وقال افتِخار الدين طاهِرٌ البخاري في "خلاصة الفتاوى" (مخطوط: 1021، لوحة: 73ب، وقف شيخ الإسلام فيض أفندي): [فإنْ أدركها الحيضُ في شيءٍ مِن الوقت وقد افتَتَحَت الصلاةَ أو لَم تَفتَحْها سقَطَت تلك الصلاةُ عنها.. ولو افتَتَحَت الصلاةَ في آخِر الوقت ثُم حاضت لا يَلزمُها قضاءُ هذه الصلاة عندنا] اهـ.
وقال برهان الدين ابن مَازَه في "المحيط البرهاني" (2/ 40، ط. دار الكتب العلمية): [وإذ سافر أول الوقت أو آخره قصر إذا بقي منه مقدار التحريمة، وهذا مذهبنا؛ لأن الوجوب يتعلق بآخر الوقت عندنا؛ لأنه في أول الوقت، مخير بين الأداء والتأخير، وإنه يبقى الوجوب، ولهذا لو فات في أول الوقت لقي الله تعالى، ولا شيء عليه فدل أن الوجوب يتعلق بآخر الوقت، وإذا كان هو مسافرًا في آخر الوقت كان عليه صلاة السفر، وعلى هذا الأصل مسائل: أحدُها هذه المسألة.. والخامسة: الطاهرة إذا حاضت في هذا الوقت] اهـ.
وقال زين الدين ابن نُجَيْم في "البحر الرائق" (2/ 149، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(قوله: والمعتبر فيه آخر الوقت)؛ أي: المعتبر في وجوب الأربع أو الركعتين عند عدم الأداء في أول الوقت: الجزء الأخير من الوقت؛ وهو قدر ما يَسَع التحريمة، فإن كان فيه مقيمًا: وجب عليه أربع، وإن كان مسافرًا: فركعتان.. وفائدة إضافته إلى الجزء الأخير: اعتبار حال المكلف فيه، فلو بلغ صبي، أو أسلم كافر، أو أفاق مجنون، أو طهرت الحائض أو النفساء في آخر الوقت بعد مضي الأكثر: تجب عليهم الصلاة، ولو كان الصبي قد صلَّاها في أوله، وبعكسه: لو جُنَّ أو حاضت أو نَفِست فيه: لم يجب؛ لفقد الأهلية عند وجود السبب] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا يجب على المرأة المذكورة التي فاجأَها الحيضُ قَبل خروج وقت صلاة الظهر بزمنٍ يسيرٍ يزيد على الزمن الذي يَسَع أداء تكبيرة الإحرام أنْ تَقضيَها، ولا حرج عليها في ذلك شرعًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إجراء العبادات وقراءة القرآن بالقلب من دون تحريك الشفتين بالنسبة للمريض؟ فهناك رجل مريض لا يستطيع أن يعبد الله جهرًا ولا سرًّا بلسانه، وإذا تعبد بذلك تعب قلبه تعبًا شديدًا، وتُنْهَك قواه، ويُصَاب بدوران شديد في رأسه؛ ولذلك فهو يعبد الله بقلبه، ويقرأ القرآن كثيرًا بقلبه؛ فما حكم قراءته للقرآن بالقلب سرًّا دون تحريك اللسان والشفتين؟
ما حكم التغيب عن الجمعة خوفا من الإصابة بكورونا؟ ففي ظل انتشار "فيروس كورونا المستجد" واتجاه دول العالم إلى ضرورة التعايش مع ظروف هذا الوباء، ودراسة الأجهزة المعنية في الدولة آلية وضوابط العودة التدريجية لصلاة الجمعة؛ فهل يجوز لـمَنْ غَلَب على ظنه الإصابة بهذا الفيروس أن لا يحضر لصلاة الجمعة؟ وهل عليه إثم في ذلك؟
ما حكم المواظبة على قراءة سورة السجدة في فجر الجمعة؟
ما حكم صلاة الفريضة على الكرسي؟ حيث يقول السائل: إن ظاهرة صلاة الفريضة جماعة في المسجد على الكرسي هي من الأمور المحدثة التي تفتقد الشرط الثاني للعبادة، وهو الموافقة للشرع وسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وإن ظهور بعض الفتاوى بصحَّة صلاة الجماعة على الكرسي، مستندةً إلى حديث صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مسافرًا على الدابة لصلاة النافلة، وليس الفريضة، في حين أن هذا لا ينطبق على صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا نفلًا ولا فرضًا ولا مقيمًا ولا مسافرًا، فلم يثبت عنه ذلك الأمر ألبتة، كل ذلك دفعني إلى أن أبيِّن أدلة عدم صحة الصلاة للجالس على الكرسي؛ فالكرسي كان موجودًا فعلًا في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كرسي يستعمله في غير الصلاة، ولم يستعملْه ألبتة هو وأصحابه في الصلاة حال الصحَّة أو المرض ولا في الفريضة ولا في النافلة ولا في السفر ولا في الحضر، وحين مرض الرسول مرضًا شديدًا أعجزه عن الصلاة قائمًا قَعَدَ على الأرض ولم يجلسْ على كرسي أو غيره، وثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى النافلة مسافرًا على الدابة، فإذا حضرت الفريضة نَزَلَ واستقبل القبلة وصلَّى قائمًا، ولم يستعمل كرسيًّا ولا غيره. كما أن الصلاة بالجلوس على الكرسي تؤدِّي إلى مفاسدَ كثيرةٍ، منها:
إسراف العوام والمقلدين من الأمة في استعمال الكرسي في الصلاة دون ضوابطَ شرعيةٍ.
عدم استواء الصف وما له من أثر في قبول الصلاة.
تضييق المجال على الصف خلف الكرسي في السجود.
إسراف بعض المصلين في بعض البلدان باستخدام أرائكَ طويلةٍ مثل التي في الكنائس، مما يؤدِّي إلى تحوُّل المساجد في مظهرها إلى كنائسَ، وهذا محظورٌ شرعًا بلا جدال؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ [نوح: 23].
أنها تمنع من السجود على الأرض الواجب لصحة الصلاة لمن يقدر عليه.
فعدمُ استعمال النبي للكرسي في الصلاة وعدمُ ترخيصه بذلك لصحابته، بالإضافة إلى المفاسد الناجمة عن استعمال الكرسي في الصلاة، كلُّ هذا يشير إلى أن من يجيز استعمالَه فإنه يتعدَّى بذلك تعدِّيًا عقديًّا عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو على خطرٍ عظيم وحافة هاوية يكاد يقع فيها مَن يتبنى مثلَ هذا الرأي.
ما حكم تسويد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الأذان والتشهد والإقامة؟ وما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الأذان؟
هل يمكن لفجر القاهرة أن يسبق فجر مكة ؟ فقد أثار بعض الناس التشكيك في صحة توقيت الفجر في مصر؛ بدعوى أن الأذان في مكة المكرمة يحين في بعض الأحيان بعد القاهرة مع أنها تقع غرب مكة بنحو تسع درجات طولية، وكل درجة طولية تستغرق حوالي أربع دقائق زمنية، فكان يقتضي ذلك أن يكون الفجر في القاهرة بعد مكة بأكثر من نصف ساعة.
وكمثال على ذلك: يوم الاثنين (12 رمضان 1439هـ، الموافق 28 مايو 2018م)؛ حيث حان أذان الفجر في القاهرة الساعة 3:12 صباحًا، بينما حان في مكة المكرمة الساعة 3:13 صباحًا بتوقيت القاهرة. فكيف نرد على هذا الاعتراض؟