مدى حجية ترك النبي عليه الصلاة والسلام للفعل

تاريخ الفتوى: 24 فبراير 2004 م
رقم الفتوى: 8090
من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
التصنيف: شبهات
مدى حجية ترك النبي عليه الصلاة والسلام للفعل

سائل يقول: أخبرني أحد أصدقائي بأنه سمع شخصًا يقول: كل ما تركه النبي عليه الصلاة والسلام يكون محرمًا؛ فما مدى صحة هذا الكلام؟ وهل ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفعل ما يدلّ بمجرده على تحريمه؟

من المقرَّر شرعًا لدى علماء الأصول أنَّ فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدلّ على عدم التحريم فقط، ويتَّسع للأحكام الأربعة الأخرى الوجوب والندب والإباحة والكراهة؛ فقد صلى الفريضة وهي واجبة، وصلَّى الراتبة وهي مندوبة، وأكل وشرب وهو مباح، وشرب قائمًا وبال قائمًا وهو مكروه؛ ليدلّ على الجواز.

وفي المقابل تَرْك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفعلٍ ما يدل على عدم الوجوب فقط ويتَّسع للأحكام الأربعة الأخرى وهي الحرمة والكراهة والإباحة والندب، فقد ترك الكذب وهو حرام، وترك الإسراف في الوضوء وهو مكروه، وترك أكل الضب وهو مباح، وترك صيام داود عليه السلام يوم ويوم وهو مندوب، وفي ذلك يقول الإمام أبو عبد الله التلمساني في "مفتاح الوصول في بناء الفروع على الأصول": [ويلحق بالفعل في الدلالة الترك؛ فإنَّه كما يستدل بفعله صلى الله عليه وآله وسلم على عدم التحريم يُستدل بتركه على عدم الوجوب] اهـ. (ص: 25، ط. مكتبة الكليات الأزهرية).

وقال الشيخ أبو الفضل عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري في رسالته "حسن التفهم والدرك لمسألة الترك" (ص: 11، ط. مكتبة القاهرة): [والترك وحده إن لم يصحبه نص على أن المتروك محظور لا يكون حجة في ذلك، بل غايته أن يفيد أن ترك ذلك الفعل مشروع، وأما أن ذلك الفعل المتروك محظور، فهذا لا يستفاد من الترك وحده، وإنما يستفاد من دليل يدل عليه] اهـ.

وقال أيضًا (ص: 9-10): [إنه إذا ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئًا فيحتمل وجوهًا غير التحريم منها:

1- أن يكون تركه عادة: قُدِّم إليه صلى الله عليه وآله وسلم ضبٌّ مشويّ فمدّ يده الشريفة ليأكل منه؛ فقيل: إنه ضب، فأمسك عنه، فسُئل: أحرام هو؟ فقال: «لَا، ولكنَّه لَمْ يَكُنْ بأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أعَافُه» والحديث في "الصحيحين"، وهو يدل على أمرين:

أحدهما: أن تركه للشيء ولو بعد الإقبال عليه لا يدل على تحريمه.

والآخر: أن استقذار الشيء لا يدل على تحريمه أيضًا.

2- أن يكون تركه نسيانًا، فقد سها صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة، فترك منها شيئًا، فسئل: هل حدث في الصلاة شيء؟ فقال: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي» أخرجه البخاري ومسلم.

3- أن يكون تركه مخافةَ أن يُفرض على أمته، كتركه صلاة التراويح حين اجتمع الصحابة ليصلوا معه.

4-أن يكون تركه؛ لعدم تفكيره فيه، ولم يخطر على باله، فقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يخطب الجمعة إلى جذع نخلة، ولم يفكر في عمل كرسي يقوم عليه ساعة الخطبة، فلما اقترح عليه عمل منبر يخطب عليه وافق وأقره؛ لأنه أبلغ في الإسماع، واقترح الصحابة أن يبنوا له دكة من طين يجلس عليها؛ ليعرفه الوافد الغريب، فوافقهم ولم يفكر فيها من نفسه.

5- أن يكون تركه لدخوله في عموم آيات أو أحاديث، كتركه صلاة الضحى وكثيرًا من المندوبات؛ لأنها مشمولة بقوله تعالى: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الحج: 77]، وأمثال ذلك كثيرة.

6- أن يكون تركه خشية تغيير قلوب الصحابة أو بعضهم:

قال صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة رضي الله عنها: «لَوْلاَ حَدَاثَةُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْبَيْتَ ثُمَّ لَبَنَيْتُهُ عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَإِنَّ قُرَيْشًا اسْتَقْصَرَتْ بِنَاءَهُ» وهو في "الصحيحين"، فترك صلى الله عليه وآله وسلم نقض البيت وإعادة بنائه حفظًا لقلوب أصحابه القريبي العهد بالإسلام من أهل مكة، ويحتمل تركه صلى الله عليه وآله وسلم وجوهًا أخرى تعلم من تتبع كتب السنة، ولم يأت في حديث ولا أثر تصريح بأنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا ترك شيئًا كان حرامًا أو مكروهًا] اهـ. ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

كيف نوفق بين حديث: «لا وصية لوارث» والعطاء للأبناء حال الحياة؟ لأن أبي كتب لأخي الصغير ثلث ممتلكاته، فما حكم ذلك شرعًا؟ وهل يتعارض ذلك مع قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكَ أَنْ تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ»، وقوله: «لا وَصِيةَ لوارِثٍ»؟


نعرف المقولة الشهيرة التي أطلقت على الإمام مالك رضي الله عنه: "لا يُفتى ومالك في المدينة"، ولكننا سمعنا أن سبب إطلاقها أن امرأة ماتت، فغسلتها امرأة أخرى، فطعنت في عفاف الميتة، فالتصقت يدها بها، فاحتار الناس في الحكم؛ هل يقطعون يد المرأة القاذفة، أو جسد المرأة الميتة؟ حتى قال مالك: "اجلدوها حد القذف"، بعد أن علم بقصتها، ففعلوا، فانفصلت اليد، فقيلت في حقه هذه المقولة من ساعتها. فما مدى صحة هذا الكلام؟


يقول السائل: هناك مَن يدَّعِي بطلان حديث لعب الأحباش في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام في يوم عيد؛ بحُجّة أنَّ هذا لا يليق بالمساجد عامة فكيف يليق بمسجد النبي عليه الصلاة والسلام؛ فنرجو منكم بيان ذلك.


أيهما أفضل عند الله تعالى الغِنى أم الفقر؟ حيث دارَ حوارٌ بيني وبين أحد أصدقائي حول المفاضلة الأخروية بين الغنى والفقر، فكان ممَّا احتجَّ به قول النبي عليه السلام: «يدخل الفقراء الجنَّة قبل الأغنياء بخمسمائة عام نصف يوم»، معقِّبًا بأنَّ هذا النصَّ النبوي خير دليلٍ في مدح الفقر وأهله، فوقع في نفسي حينئذٍ أنَّ هذا الحديث قد يحمل بعض الناس على التكاسل وترك العمل والركون إلى الفقر لتحصيل ذاك الثواب، مع أنِّي أعلم تمام العلم أنَّ الشريعة الغراء تدعو دائمًا إلى العمل وتحثُّ على الإنتاج وتحذِّر من التكاسل؛ فما قولكم في ذلك؟


كيف نردُّ على من يشكك في فضل ليلة النصف من شعبان بحجّة أن هناك ضعفًا في أسانيد الأحاديث الواردة في فضلها؟


سائل يسأل: بم نُجيب إذا سُئلنا: أين الله، وهل مكانه سبحانه وتعالى فوق العرش كما ورد في القرآن الكريم؟ حيث خرج علينا بعضُ من يقول بذلك القول مستندًا إلى حديث الجارية التي سألها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال لها: «أين الله؟» قالت: في السماء.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 04 يونيو 2025 م
الفجر
4 :9
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 53
العصر
4:29
المغرب
7 : 53
العشاء
9 :26