ما حكم صوم من نزل منها دم في غير موعد الدورة الشهرية؟ فهناك امرأةٌ تأتيها العادةُ خَمْسَةَ أيامٍ كلَّ شهرٍ، وأثناء صيامها في شهر رمضان السابق بعد انقطاع دم الحيض بعشرة أيامٍ، نزل عليها دمٌ طول نهار الصوم ثم انقطع بعد المغرب، ولَم تفطر، فهل صومها في هذا اليوم صحيحٌ شرعًا؟
ما دام دمُ الحيض قد انقطع عن المرأة المذكورة لتمام عادتها، ورَأَت بعده نقاءً مِن الدم، ثم نزل عليها دمٌ قبل مُضِيِّ أقل مِن خمسة عشر يومًا من الطهر التام واستمر نزول هذا الدم مدةَ نهارِ الصوم ثم انقطع، فواصَلَت المرأة صيامَها ولَم تُفطر، فإن صومَها في هذا اليوم صحيحٌ شرعًا، ولا حرج عليها.
المحتويات
الدم الذي يخرج من المرأة لا يخلو أن يكون دم حيضٍ أو نفاسٍ أو استحاضة، إذ قد "أجمعَ العلماءُ أنَّ للدماءِ الطاهرة من الأرحام ثلاثة أحكام: أحدها: دمُ (الحيض) يمنع من الصلاة، والثاني: دمُ (النفاس) حكمه في الصلاة كحكم الحيض بإجماع، والثالث: دمٌ ليس بعادةٍ ولا طبعٍ للنساء ولا خِلْقَةٍ معروفةٍ، وإنمَّا هو عِرْقٌ سالَ دَمُه، فحكم هذا إنْ عَمَدَت المرأة في الأيام التي ينوبها طاهرة، ولا يمنعها من صلاةٍ ولا صومٍ"، كما قال الإمام أبو الحسن ابن القَطَّان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 105، ط. الفاروق الحديثة).
اتفق الفقهاء على أنَّ الدم الذي يخرج مِن المرأة في غير وقت الحيض لا يكون حيضًا، وإنما يكون دم استحاضةٍ، ولا يمنع من الصلاة والصوم كما سبق. ينظر: "حاشية العلامة الطحطاوي الحنفي على الدر المختار" (1/ 661، ط. دار الكتب العلمية)، و"كفاية الطالب الرباني" لنور الدين أبي الحسن المنوفي المالكي (1/ 135، ط. دار الفكر، مع "حاشية العدوي")، و"كفاية الأخيار" للإمام تقي الدين الحِصْنِي الشافعي (ص: 75، ط. دار الخير)، و"كشاف القناع" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (1/ 196، ط. الكتب العلمية).
مع اتفاقهم على أنَّ الدم الذي يخرج من المرأة في غير وقت الحيض لا يكون حيضًا، إلا أنهم اختلفوا في أقلِّ مدة الحيض وأكثرها، وأقلِّ مدة الطهر التي تكون بين الحيضتين.
والذي عليه الفتوى: أنَّ أقلَّ الحيض ثلاثة أيامٍ بلياليهن، وأكثره عشرة أيام بلياليها، وما نقص عن أقله أو زاد على أكثره فهو دم استحاضةٍ، وهو مذهب الحنفية.
كما أنَّ أقلَّ مدة الطهر بين الحيضتين: خَمْسَةَ عَشَرَ يومًا كاملة تَرى المرأةُ فيها نقاءً تامًّا، فإذا رأت الدمَ قبل هذه المدة بعد حيضةٍ تامَّةٍ -كما هي مسألتنا-، فإن هذا الدم يكون استحاضةً، ولا يَمنع نزولُه مِن أداء العبادة.
ويُستَدلُّ لذلك بما رُوي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «أَقَلُّ الْحَيْضِ: ثَلَاثٌ، وأَكْثَرُهُ: عَشْرٌ، وَأَقَلُّ مَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ: خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا» أخرجه أبو يوسف الفسوي في "المعرفة والتاريخ"، والبيهقي في "الخلافيات"، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" من حديث أمير المؤمنين الإمام عليٍّ وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما.
قال كمال الدين ابن الهُمَام في "فتح القدير" (1/ 174، ط. دار الفكر): [(قوله: وأقل الطهر خمسة عشر يومًا)؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَقَلُّ الْحَيْضِ: ثَلَاثَةٌ، وَأَكْثَرُهُ: عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَأَقَلُّ مَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ: خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا» ذكره في "الغاية"، وعزاه قاضي القضاة أبو العباس إلى الإمام، وتقدم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في "العلل المتناهية"، قيل: وأجمعت الصحابة عليه، ولأنه مدة اللزوم فكان كمدة الإقامة] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فما دام دمُ الحيض قد انقطع عن المرأة المذكورة لتمام عادتها، ورَأَت بعده نقاءً مِن الدم، ثم نزل عليها دمٌ قبل مُضِيِّ أقل مِن خمسة عشر يومًا من الطهر التام استمر مدةَ نهارِ الصوم ثم انقطع، فواصَلَت صيامَها ولَم تُفطر، فإن صومَها في هذا اليوم صحيحٌ شرعًا، ولا حرج عليها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الاعتكاف: فرضٌ أمْ سنة؟ وهل يجوز لأحد أن يعتكف لشهرٍ كامل؟ أم لبعض الأيام؟ هل يعتكف في المسجد الجامع أم في المسجد الذي بجوار البيت، ويصلي مع ذلك صلاة الجمعة في هذا المسجد الذي في جانب البيت؟
ما حكم أخذ حقن الأمصال واللقاحات للأمراض المختلفة أثناء الصيام؟ كأخذ الحُقن التي تحتوى على الأمصال ومضادات الحمى وغيرها من الأمراض في شهر رمضان المبارك.
ما حكم استعمال المرضع الحليب الصناعي لطفلها من أجل الصيام؟ فأنا أرضع طفلي البالغ من العمر ثلاثة أشهر رضاعة طبيعية، وأريد صيام شهر رمضان. فهل يجوز لي إعطاء طفلي حليبًا صناعيًّا خلال شهر رمضان حتى أتمكن من الصيام؟
ما مدى اشتراط تبييت النية في صيام الست من شوال؟ فقد استيقظتُ من نومي صباحًا بعد صلاة الفجر في شهر شوال، وأَرَدتُ أن أصوم يومًا من أيام الست من شوال، فهل يصح مني هذا الصوم، أو يشترط أن أَنْويَ ذلك ليلة الصوم؟
نظرًا لاقتراب موسم الحج لسنة 1364 هجرية سأل وكيل الوزارة المختصة في قرارهم بإصدار تعليمات إلى الجهات بقبول الطلبات من الراغبين في السفر إلى الأقطار الحجازية؛ لأداء فريضة الحج وزيارة الروضة الشريفة، ولما كانت التعليمات المشار إليها تقضي -ضمنًا- باتخاذ الإجراءات الصحية نحو مقدِّمِي هذه الطلبات؛ وذلك بتطعيمهم ضد الجدري وحقنهم ضد الكوليرا والتيفويد، وأن هذه الإجراءات ستتخذ نحوهم في خلال شهر رمضان المعظم؛ لذلك نرجو التفضل بإبداء الرأي فيما إذا كانت الإجراءات الصحية المشار إليها تبطل الصوم إذا اتخذت أثناء النهار مع الصائم، أم لا تبطل صحته؟ وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.
هل يجب الصيام على مريض الزهايمر، أو يجوز له أن يُفطر؟ وهل يجب عليه القضاء إذا أفاق؟