ما حكم الصلاة في النِّعال؟ فإن بعض الأشخاص يُصِرُّون على دخول المسجد المفروش بالسجاد والصلاةِ عليه بالنِّعال، بدعوى أن ذلك مِن السُّنَّة، مما يؤدِّي إلى تلويث المسجد بالقاذورات الموجودة أسفَلَ النِّعال.
جواز الصلاة في النعال مبنيٌّ على العرف المناسبِ للزمانِ وجغرافيةِ المكان، وتَهَيُّؤِ المساجد وما يستسيغه الإنسان، فإن جرى العرف بذلك فلا حرج حينئذ في الصلاة فيها، فإن العرف معتبر شرعًا؛ لقول الله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: 199]، ولما ورد في الأثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "مَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ" أخرجه الإمامان أحمد والطيالسي في "المسند".
قال الإمام البَيْضَاوِي في "أنوار التنزيل" (3/ 46، ط. دار إحياء التراث) في تفسير الآية الكريمة: [المعروف: المُستَحسن من الأفعال] اهـ.
أما إذا كان العرف لا يسمح بذلك، بحيث لا يستسيغ الناس الدخول إلى المساجد بالنعال، وكانت نفوسهم تتأذى لهذا الصنيع وتستقبحه، أو كان الدخول إليها بالنعال يُعرِّض فرشها للقذر، ويترك فيها من الأثر ما يخرجها عن نظافتها وبهائها ويذهب برونقها -فلا يجوز حينئذ مخالفة هذا العرف الذي جرى به عمل الناس واستقرت عليه عوائدهم وناسب بيئاتهم؛ سدًّا لباب الفتنة، ومنعًا للشقاق، فإنَّ اختلافَ العرف باختلاف الزمان أو المكان معتبرٌ في تقرير الأحكام، فإذا تغيرت الأعراف تغيرت الأحكام على حسب ما يقتضيه العرف الحادث.
قال الإمام شهاب الدين القَرَافِي في "الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام" (ص: 218، ط. دار البشائر الإسلامية): [إِنَّ إِجراءَ الأحكام التي مُدْرَكُها العوائدُ مع تغيُّرِ تلك العوائد: خلافُ الإِجماع وجهالةٌ في الدّين، بل كلُّ ما هو في الشريعةِ يَتْبَعُ العوائدَ: يَتغيَّرُ الحكمُ فيه عند تغيُّرِ العادةِ إِلى ما تقتضيه العادَةُ المتجدِّدةُ] اهـ.
وهذا الذي قررناه من اعتبار العرف في مسألة دخول المساجد بالنعال والصلاة فيها وأن الحكم بجواز ذلك أو عدمه يدور مع العرف وجودًا وعدمًا إنما هو تطبيقٌ لما تقرر في قواعد أصول الفقه من أنَّ "إِعْمَالَ الدَّلِيلَيْنِ أَوْلَى مِنْ إِلْغَاءِ أَحَدِهِمَا"، كما في "غاية الوصول" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (ص: 83، ط. دار الكتب العربية الكبرى)، ذلك أنَّهُ قَدْ وردت أحاديث تفيد صلاة النبي صَلَّى الله عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في نعله الكريمة المصونة، وأخرى تفيد خلعه إياها عند الصلاة، وقد استظهر ذلك التعارض، حتى قال مفتي المالكية في مكة المكرمة الشيخ محمد علي بن حسين المكي (ت: 1425هـ) بنسخ الأحاديث التي جاءت بمشروعية الصلاة في المساجد بالنعال، وألَّف في الانتصار لذلك رسالته المسماة "فتح المتعال في بيان حكم الصلاة في النعال".
وإعمال هذه الآثار أَوْلى مِن القول بنسخ بعضها بعضًا، وعليه يُحمل دخول النبي صَلَّى الله عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ المسجدَ بالنعال والصلاة فيها على أنه لبيان الجواز، ومراعاة العرف المتبع في وقت من الزمان، ثم استقرَّ آخرُ أمرِهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ على خلعها منشئًا بذلك عرفًا آخر يقرر أنَّ الأدب في بعض الزمان أو المكان قد يقتضي خلعها، فيرفع بذلك الحرج عن أمته صَلَّى الله عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في الحالتين، وَقَدْ نُقِلَ ذلكَ عن الإمام الشافعي رضي الله عنه، حيث اسْتَدَلَّ على ذلك بأنَّ النبيَّ صَلَّى الله عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رُؤِيَ يومَ الفتح يُصلِّي وهو نازع لهما، فعن عبد الله بن السائب رضي الله عنهما «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ الْفَتْحِ، فَوَضَعَ نَعْلَيْهِ عَنْ يَسَارِهِ» أخرجه الإمامان: أحمد في "المسند"، والنسائي في "السنن".
قال الملا علي القَارِي في "مرقاة المفاتيح" (2/ 636، ط. دار الفكر): [قال الخَطَّابِي: وَنُقِلَ عنِ الإمامِ الشافعي: "الأدبُ خلعُ نَعْلَيْهِ فِي الصَّلاةِ".. فالأولى أنْ يُحملَ قولُ الشافعي على أنَّ الأدبَ الذي استقرَّ عليهِ آخرُ أمرهِ عليه السلام: خلعُ نعليهِ، أو الأدبُ في زمَنِنَا] اهـ. فقوله: "في زمننا" يؤكد على أنَّ الأدب هو اعتبار العرف الذي يجري عليه حال الناس في كل زمان ومكان.
ومما ذكر يعلم الجواب عما ورد بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الصلاة للمرأة عند زيادة مدة حيضها عن عادتها الشهرية؟ حيث تقول السائلة: عادتي الشهرية في الحيض سبعة أيام، ولكن الحيض زاد في هذه المرة عن عشرة أيام. فماذا أفعل في صلاتي في هذه الحالة؟
ما حكم التأمين بعد الفراغ من قراءة الفاتحة في الصلاة؟
ما حكم تعدد المساجد فى بلد واحد دون حاجة؟ ففي قريتنا ثلاثة مساجد أحدها المسجد الكبير القديم الذي هو أول مسجد بني في القرية وأقيمت فيه الجمعة، وهذا المسجد الجامع الكبير يسع جميع أهل البلدة وزيادة لصلاة يوم الجمعة، وفي يوم الجمعة يتفرق الناس في المساجد الثلاثة لصلاة الجمعة من غير حاجة أو عذر لهذا التفرق، ويكون الفراغ يوم الجمعة في المسجد الكبير يزيد عن نصف المساحة، والمساجد الأخرى يكون الفراغ في كل مسجد حوالي ربعه، فما حكم صلاة الجمعة في حالة تعدد المساجد لغير حاجة مع إمكان الاجتماع في مسجد واحد لصلاة الجمعة؟ فهل تصح الجمعة، أو لا تصح؟ وإذا كانت صلاة الجمعة لا تصح فهل نصلي الظهر بعد صلاة الجمعة أو لا؟
ما حكم ختم القرآن الكريم كله في صلاة التراويح؟
ما حكم الشرع الحنيف في صلاة التراويح؟ وما عدد ركعاتها في شهر رمضان المعظم؟ وهل تصح صلاتها بثماني ركعات كما هو شائع في المساجد الآن؟
هل هناك شيء خاص يقال عند احتضار المسلم غير تلقين الشهادة؟