ما حكم أخذ المتمتع من شعره وأظافره في ذي الحجة قبل الإحرام؟ فرجلٌ أحرم بالحج متمتعًا في الرابع مِن ذي الحجة، وظلَّ يأخذ مِن شَعره وأظفاره مِن أول الشهر قبل الإحرام، فهل ما فَعَلَه جائزٌ شرعًا أو يدخل في النهي الوارد عن الأخذ مِن الشعر والأظفار في عشر ذي الحجة حتى يذبح هدي التمتع؟
إذا عَزَم الرجل على الحج متمتِّعًا، فلا مانع شرعًا مِن الأخذ مِن شَعره وأظفاره في الأيام الأُوَلِ مِن شهر ذي الحجة قبل إحرامه بالحج، ولا حرج عليه، بل هو المستحبُّ في حقِّه تَأَهُّبًا للإحرام؛ والأمر بالإمساك عن الشَّعر والأظفار مختصٌّ بمَن سيُضَحِّي ومحمولٌ على الاستحباب، ولا يشمل المُتَمَتِّع الذي لا يَسُوق الهدي.
المحتويات
مِن المقرر شرعًا أنه يُستحب التنظُّف عند التأهب للإحرام بالأخْذ مِن الشَّعر والأظفار؛ لأنهما مما يحظر بعد الإحرام، وذلك باتفاق الفقهاء؛ كما في "مراقي الفلاح" للعلامة الشُّرُنْبُلَالِي الحنفي (ص: 276، ط. المكتبة العصرية)، و"إرشاد السالك إلى أفعال المناسك" للعلامة ابن فَرْحُون المالكي (1/ 266-267، ط. مكتبة العبيكان)، و"عمدة السالك" للعلامة ابن النقيب الشافعي (ص: 126، ط. أوقاف قطر)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامة الحنبلي (3/ 120، ط. دار إحياء التراث العربي).
والامتناع عن أخذ شيءٍ مِن الشَّعر والأظفار مِن أول ذي الحجة إنما هو في خصوص مَن أراد أن يُضَحِّي؛ لحديث أم المؤمنين السيدة أم سلمة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه". وفي روايةٍ: «فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ، وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ».
وهو محمولٌ على الندب والاستحباب، لا الحتم والإيجاب، على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء مِن الحنفية، وأكثر المالكية، والشافعية، والحنابلة في وَجهٍ؛ كما في "رد المحتار" للعلامة ابن عابدين الحنفي (2/ 181، ط. دار الفكر)، و"التوضيح" لضياء الدين خليل المالكي (3/ 278، ط. مركز نجيبويه)، و"مغني المحتاج" للعلامة الخطيب الشربيني الشافعي (6/ 124، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (9/ 346)، و"الإنصاف" لعلاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي (4/ 109، ط. دار إحياء التراث العربي)، وهو المختار للفتوى.
وأجمعوا على أنَّ أَخْذَ المضحي مِن شَعره وأظفاره مِن أوَّل شهر ذي الحجة حتى يضحِّي لا يوجب عليه فديةً ولا إثمًا، و"سواءٌ فَعَلَه عمدًا أو نسيانًا"؛ كما قال الإمام ابن قُدَامة في "المغني" (9/ 346).
أجمع الفقهاء على وجوب الهدي على المتمتع، فإن لم يجد فعليه الصيام؛ كما في "الإجماع" للإمام ابن المُنْذِر (ص: 56، ط. دار المسلم).
وكذلك "اتَّفَقُوا أنَّ مَن لَبَّى، ونَوَى الحجَّ والعُمرةَ مَعًا، وسَاق الهَدي مع نَفْسه حين إحرامه، فإنه قَارنٌ"؛ كما قال الإمام ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص: 48، ط. دار الكتب العلمية).
أما المتَمتِّع الذي لا يَسُوقُ الهدي في زماننا -كما هي مسألتنا- فإنه غير مُطالَبٍ بالإمساك عن شَعره وأظفاره مِن أول شهر ذي الحجة كالمضحي؛ لعموم حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: «فَتَلْتُ قَلَائِدَ بُدْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا وَأَشْعَرَهَا وَأَهْدَاهَا، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ أُحِلَّ لَهُ» متفق عليه.
وقد استقر القول والعمل بهذا الحديث عند جمهور أهل العلم وأئمة الفتوى في عدم مُطالَبَةِ مَن قَلَّد الهديَ وأَرْسَلَه قَبْل إحرامه بالإمساك عن الشعر والأظفار أو غيرها مما نُهي عنه المُحرِمُ وجوبًا، أو المضحي استحبابًا؛ كما في "الاستذكار" للإمام ابن عبد البَرِّ (4/ 84، ط. دار الكتب العلمية)، فيكون عدمُ الإمساك عنهما أَوْلَى وآكَدَ في حقِّ مَن لم يُقلِّد الهدي قبل إحرامه مُتمتِّعًا.
وحديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها صريحٌ في المسألة ومختصٌّ بها، بخلاف حديث السيدة أم المؤمنين السيدة أم سلمة رضي الله عنها فإنه وَرَدَ في خصوص الأضحية؛ كما في "المغني" للإمام ابن قُدَامة (9/ 346)، و"شرح منتهى الإرادات" لأبي السعادات البُهُوتِي (1/ 614، ط. عالم الكتب)، و"لمعات التنقيح" لِوَلِيِّ الله الدَّهْلَوِي (3/ 576- 577، ط. دار النوادر).
بناءً على ذلك: فإنَّ الأمر بالإمساك عن الشَّعر والأظفار محمولٌ على الاستحباب، ومختصٌّ بمَن سيُضَحِّي، ولا يشمل المُتَمَتِّع الذي لا يَسُوق الهدي.
وفي واقعة السؤال: ما فَعَلَه الرجلُ المذكورُ الذي عَزَم على الحج متمتِّعًا، مِن الأخذ مِن شَعره وأظفاره في الأيام الأُوَلِ مِن شهر ذي الحجة قبل إحرامه بالحج -جائزٌ شرعًا، ولا حرج عليه، بل هو المستحبُّ في حقِّه تَأَهُّبًا للإحرام.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الدعاء بعد التلبية؟ حيث إن هناك رجلًا اعتمر منذ شهرين، وبعدما أحرَمَ ولَبَّى دعا بما فتح الله عليه من خَيْرَي الدنيا والآخرة، فما حكم الدعاء بعد التلبية في الحجِّ والعمرة؟ وهل يُثاب عليه شرعًا؟
ما حكم الشك في عدد أشواط الطواف؟ فقد حججت هذا العام، وفي طواف الإفاضة تعبت في الشوط الثاني؛ لأني أشتكي من آلام حادة في الركب، وتم الطواف من الطابق الثاني، فاستعنت بصبي يقود الكرسي المتحرك وركبت عليه، ومن شدة الألم لم أتيقن هل أكمل ما تبقى من الأشواط ستة أم سبعة أشواط؟ علمًا بأن ذلك الصبي أقر بأنه أتم سبعة أشواط وأنا أشك في ذلك. ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي.
ما حكم إهداء ثواب الطواف للأحياء؟ فأنا عندي ابن بارٌّ بي يعمل بمكة المكرمة وأحيانًا كثيرة أوصيه بالدعاء لي وأن يهب لي عملًا صالحًا؛ كالصدقة ونحوها، وقد أخبرني أنه قد طاف سبعة أشواط حول الكعبة المشرفة ووهب ثوابها لي، أرجو الإفادة عن حكم ذلك، وهل يكون الثواب في صحيفة أعمالي رغم أنني ما زلت على قيد الحياة؟
ما حكم من اعتمر عن نفسه وحج عن غيره؟ فهناك رجلٌ اعتمر في أَشْهُر الحج ولم يخرج مِن الحرم، ثم أَحْرَم بالحج نيابةً عن ميت، هل هذا تَمَتُّع؟ وهل يجب عليه هدْيُ تَمَتُّع؟ ومَن الذي يجب عليه الهدي في هذه الصورة؟
هل يجب على المسلم أن يغتسل قبل إحرامه بالحج أو العمرة؟
ما حكم التطوع بالطواف من غير الحاج والمعتمر؟ حيث إن هناك شخصًا قد دخل المسجد الحرام لصلاة فريضة الظهر، وكان الوقت قبل الصلاة كبيرًا، فأراد أن يتطوع بطواف البيت. فهل يجوز له ذلك مع كونه غير قاصدٍ لنسكٍ من حجٍ أو عمرة؟