هل الزكاة في أموال الأغنياء حدَّدها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بنسبة 20%؟ حيث يدَّعي البعض أنَّ الله أوجب الزكاة في أموال الأغنياء وحدَّدها في القرآن الكريم بنسبة 20% من صافي أرباح الأغنياء، وليس 2.5% من المال البالغ النصاب، ووجوبها يكون فور حصول الأرباح دون انتظار أن يحول الحول على المال، مستدلًّا على رأيه بالآية الكريمة: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الأنفال: 41]، فهل هذا صحيح؟
الزكاة ركن من أركان الإسلام، فرضها الله عز وجل على المسلمين في أموالهم إذا بلغت النصاب الشرعي، وحال عليها الحول، وكانت خاليةً من الدَّيْن فاضلة عن حاجة المزكِّي الأصلية وحاجة بيته وأولاده ومن تلزمه نفقته، والقدر الواجب إخراجه من المال حينئذٍ هو ربع العشر 2.5% اتِّفاقًا.
المحتويات
الزكاة عبارةٌ عن إيجاب طائفةٍ من المال في مالٍ مخصوص لمالكٍ مخصوص، ومن أنواعها زكاة المال ويشترط لوجوبها: أن يبلغ المال نصابًا وأن يمضي عام هجري كامل عليه من بلوغه النصاب، وزاد بعض الفقهاء أن يكون فائضًا عن حاجة المزكي الأصلية وحاجة من تلزمه نفقته.
ودليل كون مضي الحول شرطًا لإيجاب الزكاة: ما روته أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ فِي الْمَالِ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى".
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «مَنْ اسْتَفَادَ مَالًا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ عِنْدَ رَبِّهِ» أخرجه الترمذي في "سننه".
وكون بلوغ النصاب شرطًا لإيجاب الزكاة: ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ مِنَ الإِبِلِ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» أخرجه الشيخان.
يقول العلامة ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (3/ 445، ط. مكتبة الرشد): [في قوله: «ليس فيما دون خمس أواق صدقة» فائدتان: إحداهما: نفى الزكاة عمَّا دون خمس أواق، والثانية: إيجابها في ذلك المقدار] اهـ.
ونصاب زكاة المال عشرون مثقالًا من الذهب، لما روي عن علي رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ -يَعْنِي- فِي الذَّهَبِ حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا، فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ، فَمَا زَادَ، فَبِحِسَابِ ذَلِكَ» أخرجه أبو داود في "سننه".
وهو بالتقدير المعاصر 85 جرامًا من الذهب عيار 21، إذ المثقال هو الدينار، ووزن الدينار اتِّفاقًا 4.25 جرامات، فالعشرون مثقالًا إذًا تساوي 85 جرامًا من الذهب.
القدر الواجب إخراجه من المال حينئذٍ هو ربع العشر 2.5% اتِّفاقًا، لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه المتقدِّم. ينظر: "بدائع الصنائع" للعلامة الكاساني الحنفي (2/ 18، ط. دار الكتب العلمية)، و"شرح مختصر خليل" للعلامة الخرشي المالكي (2/ 177، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للعلامة النووي الشافعي (6/ 2، ط. دار الفكر)، و"الكافي في فقه الإمام أحمد" للعلامة ابن قدامة المقدسي الحنبلي (1/ 405، ط. دار الكتب العلمية).
أمَّا الاستدلال بقوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الأنفال: 41] على أنَّ القدر الواجب إخراجه من الزكاة 20%، وليس 2.5%، وأن وجوبها يكون على الفور من غير اشتراط الحول، فهو قول جانَبَ الصَّواب وباعَدَه، واستدلال بالنص في غير محله، وخلط بين الغنيمة والزكاة.
فالآية الكريمة إنَّما نزلت مبيِّنةً أحكام الغنيمة، من نحو بيان مستحقيها ومقدار ما يستحقونه. ينظر: "مفاتيح الغيب" للرازي (15/ 484، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"أنوار التنزيل وأسرار التأويل" للبيضاوي (3/ 60، ط. دار إحياء التراث العربي).
والغنيمة تفارق الزكاة؛ إذ هي ما كان يحصله المجاهدون من غيرهم أثناء محاربتهم، بينما الزكاة هي ما أوجبه الله تعالى في مال الأغنياء من حقٍّ للفقراء والمستحقين لها.
والمرجع في تقسيم الغنائم وخاصة في ظل الحروب المعاصرة والجيوش الحديثة التي تختلف عن الجيوش في العصور الغابرة- أنها من قبيل السياسات التي يتصرف فيها ولي الأمر بمقتضى المصلحة، وليس من قبيل الأنصبة المقدرة، وهو قول منسوب للإمام مالك، وقال به كثير من المالكية، وبعض الحنابلة.
قال الإمام المازري في "المعلم بفوائد مسلم" (3/ 35، ط. الدار التونسية للنشر): [الغنيمة لا يملكها الغانمون بنفس القِتال على قول كثير من أصحابنا، وللإمام أن يخرجها عن الغانمين، ويمنَّ على الأسرى بأنفسهم وحريمهم وأموالهم] اهـ.
وقال الإمام الماوردي في "الأحكام السلطانية" (ص: 219، ط. دار الحديث): [وقال الإمام مالك: مال الغنيمة موقوف على رأي الإمام، إن شاء قسمه بين الغانمين تسوية وتفضيلًا، وإن شاء أشرك معهم غيرهم ممن لم يشهد الوقعة] اهـ.
وقال العلامة شمس الدين السَّفّاريني الحنبلي في "كشف اللثام" (3/ 457، ط. أوقاف الكويت) بعد الحديث عن إعطاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمؤلفة قلوبهم من الغنائم: [وهذا يؤيد ما ذهب إليه مالك من أنّ خمس الركاز والغنائم والجزية... كل ذلك يجتهد الإمام في مصارفه على قدر ما يراه من المصلحة] اهـ. وينظر أيضًا: "زاد المعاد" للعلامة ابن القيم الحنبلي (3/ 425، 426، ط. مؤسسة الرسالة) اهـ.
وهو ما مال إليه الشيخ تاج الدين ابن الفركاح الشافعي في كتابه "الرخصة العميمة في أحكام الغنيمة" (ص: 78، ط. دار الفلاح) بقوله: [وإذا كان الأمر كذلك فقد حصل من مجموع ما ذكرناه أن الغنيمة كيفما قسمت في هذه الأزمان من الزيادة والنقصان، والإعطاء والحرمان حتى إنه لو أعطى السلطان الفرسان دون الرجالة، أو الرجالة دون الفرسان، أو خص بعض الجيش بالغنيمة، أو خص بعضهم بأكثرها. وبالجملة كيف فعل السلطان الواجب الطاعة لزمه فعله، ونفذ حكمه، وحل ذلك المال لآخذه، وملكه بتسلمه، ولولا ذلك ضاقت على الناس المذاهب، وتعذرت على أكثرهم وجوه المكاسب] اهـ.
هذا، وتجدر الإشارة هنا إلى عدة أمور:
أوَّلًا: ضرورة التفريق بين تشريع الزكاة وتشريع الغنيمة، فالآية المستدل بها على تلك الدعوى إنما هي في تشريعات الغنيمة، ولا علاقة لها بالزكاة.
ثانيًا: أن مرد الشروط والموانع والأسباب -وهي من الأحكام الوضعية- إلى تعيين الشارع لها، وبالتالي فاشتراط الحول والنصاب إنما يكون بتعيين الشارع ولا يكون بالهوى والتَّشهِّي.
ثالثًا: أنَّ اشتراط الشارع الحكيم للحول لا يخلو من حِكمٍ ومقاصد تحقق المصلحة للغني والفقير معًا؛ من نحو: أنَّ الحول مظنة نماء المال وازدياده، فينعم الغني بما ربحه من مال، ويزداد ما للفقير فيه، فلو كانت الزكاة متعلقة بالمال فور تحصيله لوقع الأغنياء في حرجٍ ومشقة وللحقهم الضرر.
وكذلك في اشتراط النصاب مراعاةٌ للغني والفقير، حتَّى لا يوجب الشرع الزكاة على من به عِوَز ولا يملك كفايته، وحتى لا يكون الأمر خاضعًا لهوى الأغنياء وتشهيهم.
قال العلامة ابن الهمام الحنفي في "فتح القدير" (2/ 155، ط. دار الفكر): [المقصود من شرعية الزكاة مع المقصود الأصلي من الابتلاء مواساة الفقراء على وجهٍ لا يصير هو فقيرًا بأن يعطي من فَضْلِ ماله قليلًا من كثير، والإيجاب في المال الذي لا نماء له أصلًا يؤدي إلى خلاف ذلك عند تكرر السنين خصوصًا مع الحاجة إلى الإنفاق] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 67، ط. مكتبة القاهرة): [يحقق هذا أن الزكاة إنما وجبت مواساة للفقراء، وشكرًا لنعمة الغنى... وليس من الحكمة تعطيل حاجة المالك لحاجة غيره] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالزكاة ركن من أركان الإسلام، فرضها الله عز وجل على المسلمين في أموالهم إذا بلغت النصاب الشرعي، وحال عليها الحول، وكانت خاليةً من الدَّيْن فاضلة عن حاجة المزكِّي الأصلية وحاجة بيته وأولاده ومن تلزمه نفقته، والقدر الواجب إخراجه من المال حينئذٍ هو ربع العشر 2.5% اتِّفاقًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال السائل: نتلقى الزكوات من أهل الخير على مدار العام ولدينا خطة توزيع على الفقراء طوال العام، وفي نهاية العام المالي يتبقى لدينا مبلغٌ في بنك ناصر الاجتماعي يتم ترحيله للعام المالي الجديد. فهل يجوز ذلك؟
رجل كبير في السن مريض، عليه فدية عن أيام أفطرها من رمضان، ويسأل:
هل يجوز له شرعًا أن يعطي فدية الأيام التي أفطرها في رمضان لأخيه الذي يبلغ من العمر 76 عامًا، والمقيم بدار مسنين، والمصاب بضغط دم مرتفع، ويحتاج إلى أموال يشتري بها الأدوية اللازمة له؟
ما حكم دفع الزكاة للسجناء الفقراء المفرج عنهم؟ ففي إطار اهتمام وزارة الداخلية بالجوانب الإنسانية في مجال رعاية أسر السجناء المفرج عنهم باعتبارهم ركائز إعادة التأهيل في برامج إصلاح السجناء فقد تساءلت بعض الهيئات والأفراد عمَّا إذا كانت المساعدات التي تقدم لأسر السجناء والمفرج عنهم الفقراء المعدمين تدخل ضمن زكاة المال من عدمه؟ ويطلب السائل الرأي في ذلك.
ما حكم الزكاة الشرعية في نشاط صناعة الدواجن المبين على النحو التالي:
هناك خطان رئيسان للإنتاج في هذه الصناعة، هما: دجاج اللحم "للتسمين والأكل"، ودجاج إنتاج البيض، وكلا الخطين له عدة مراحل:
فأما بالنسبة للجدود والأمهات: فيكون عمر الدجاجة تقريبًا خمسة وستين أسبوعًا تقسم على النحو الآتي:
1- منها ثلاثة وعشرون أسبوعًا للتربية، وفيها يتم تربية الدجاجة من عمر يوم وحتى تصل إلى عمر النضوج الجنسي عند الأسبوع الثالث والعشرين.
2- واثنان وأربعون أسبوعًا للإنتاج، وفيه يقوم الذكور -الديوك- بإخصاب الإناث، ويتم إنتاج البيض المخصب على مدار هذه الأسابيع بنسب إنتاج متفاوتة تختلف حسب عمر القطيع حيث إنه كلما زاد العمر قل الإنتاج نسبيًّا.
ملحوظة: البيض الناتج من هذه الأنواع يستخدم أساسًا في إنتاج الدجاج للمرحلة التي تلي المرحلة المنتِجة ويتم إرساله إلى معمل التفريخ لإنتاج كتكوت الأمهات.
بالنسبة للمصاريف يمكن تقسيمها طبقًا لهاتين المرحلتين إلى:
1- مصاريف فترة التربية "23 أسبوعًا": - الثروة الداجنة "الكتاكيت التي تم شراؤها". - الأدوية. - الأعلاف. - صيانة. - التحصينات. - المطهرات. - وقود وزيوت (مصاريف التدفئة). - مصاريف تشغيل (كهرباء). - تحاليل دورية لمتابعة الحالة الصحية للقطيع. - نشارة خشب "يتم فرشها في أرضية المزرعة قبل دخول الدواجن". - مصاريف إدارية "تليفونات - مستلزمات نظافة للأفراد - ...". - إهلاك "وهي قسط الإهلاك للمعدات والمباني ويتم تقسيمه على حصة سنوية ثم شهرية طبقًا للعمر الافتراضي لكل معدة أو منشأة". - الأجور والحوافز. - مصاريف تشغيل.
2- مصاريف فترة الإنتاج:
"نفس بنود مصاريف التربية باستثناء الثروة الداجنة"، ويضاف على هذه البنود إهلاك مصاريف التربية "حيث يتم توزيع مصاريف التربية على أسابيع الإنتاج".
• المنتج النهائي هنا هو البيض الصالح للتفريخ، وتكون تكلفته هي تكلفة الإنتاج مضافًا لها قسط الإهلاك من مصاريف التربية.
معمل التفريخ:
- يتم إرسال البيض للمعمل ليتم تفريخه ويدخل ماكينات التفريخ ويظل بالماكينات لمدة واحد وعشرين يومًا تحت درجة حرارة ودرجة رطوبة محددة حتى يتم إنتاج كتكوت بعد هذه الفترة، وهو المنتج الذي يتم بيعه.
- ليس كل البيض المرسل للمعمل يُنتَج، ولكن المنتج النهائي -وهو الكتكوت- قد يمثل أربعين بالمائة من عدد البيض الداخل للماكينات كما في الجدود وأمهات البياض، وقد يصل إلى ما بين ثمانين بالمائة وخمسة وثمانين بالمائة في أمهات التسمين، وهذه النسبة تسمى نسبة الفقس.
يوجد مصاريف بالمعمل تعرف بمصاريف التفريخ، وهي كالآتي: - مصاريف المعمل "كهرباء، مطهرات". - أجور عمال المعمل. - مصاريف التسويق "سيارات توصيل الكتاكيت إلى العملاء، مرتبات الأطباء البيطريين لمتابعة الدجاج لدى العملاء".
دجاج إنتاج بيض المائدة "بيض الأكل": يتم معاملته في المصاريف مثل دجاج الجدود والأمهات، ولكنه في النهاية بدلًا من أن يتم إرسال البيض لمعمل التفريخ يتم إرساله للجمهور للاستهلاك.
دجاج التسمين: ويكون عمر هذا الدجاج تقريبًا خمسة وأربعين يومًا، ينمو خلالها من كتكوت عمر يوم إلى دجاجة وزنها ما بين كيلو وثمانمائة جرام إلى 2 كيلو جرام، وهو ناتج من فقس بيض أمهات دجاج اللحم "التسمين"، ومصاريفه كالآتي: - الثروة الداجنة "قيمة الكتاكيت التي تم شراؤها". - الأعلاف. - مصاريف تشغيل "كهرباء". - التحصينات. - الأدوية. - المطهرات. - وقود وزيوت "مصاريف التدفئة". - خدمات بيطرية "تحاليل، إشراف فني". - إيجار أو إهلاك "الإيجار عندما تكون المزرعة غير مملوكة، والإهلاك عندما تكون مملوكة". - أجور وحوافز.
هل يجوز توجيه أموال الزكاة من القادرين لتوصيل خدمة مياه الشرب والصرف الصحي لغير القادرين على سداد تكاليف توصيل هذه الخدمات؟
هل يُعَدّ اللقيط كاليتيم في الحكم ويكون كافله ككافل اليتيم مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الجنة؟ وهل يستحق شيئًا من أموال الزكاة؟