ما حكم النذر المعلَّق على مشيئة الله؟ فقد نذرتُ لله تعالى نذرًا، وعلَّقتُ هذا النذر على مشيئته سبحانه وتعالى بأن قلتُ: نذرتُ لله ذبحَ شاةٍ إن شاء الله، فما الذي يجب عليَّ فعله في هذه الحالة؟
لا يجب شيء على من علَّق النذر على المشيئة بأن قال: نذرت لله ذبح شاة إن شاء الله، ما دام قد وصل الاستثناءَ بالنذر، كما اشترط الحنفية والحنابلة، أو قصد محضَ التعليق لا غيرَهُ كما قال الشافعية، فإن قصد بقوله: "إن شاء الله" التبرك أو الاستعانة بالله على الوفاء، أو أطلق، فإنه يصحُّ نذره، ويلزمه الوفاء به.
المحتويات
النَّذْرُ عبارة عن إِيجاب المرءِ على نفسه فِعْلَ الْبِرِّ من صَدَقَة، أَو عبَادَة، أَو نَحْوهمَا، وقد أوجب الشرع الشريف على المُكلَّف الوفاء بالنذر ما دام المنذور طاعة لله سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾ [البقرة:270]، وقال تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم قال: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ» أخرجه البخاري في "صحيحه".
وقال صلى الله عليه وآله وسلَّم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ»؛ حينما قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنِّي نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ" متفقٌ عليه.
أما النذر المعلق على مشيئة الله تعالى فذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه لا ينعقد، ولا يكون نذرًا يجب الوفاء به أو تلزم عند عدم الوفاء به الكفارة، واشترطوا لذلك أن يتصل الاستثناء أو التعليق بالنذر لفظًا أو حكمًا فلا يضر الانفصال اليسير كانقطاعه بتنفس أو سعال ونحوه.
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (8/ 143، ط. دار المعرفة): [وإذا حلف على يمين أو نذر، وقال: إن شاء الله موصولًا فليس عليه شيء عندنا.. ولكنا نستدل بقوله تعالى: ﴿سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرًا﴾ [الكهف: 69] ولم يصبر، ولم يعاتبه على ذلك، والوعد من الأنبياء عليهم السلام كالعهد من غيرهم، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنِ اسْتَثْنَى فَلَهُ ثُنْيَاهُ»، وعن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم موقوفًا عليهم ومرفوعًا: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدِ اسْتَثْنَى، وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ» ... وإن كان مفصولا لقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ [الكهف: 24]، يعني إذا نسيت الاستثناء موصولا فاستثن مفصولا، ولسنا نأخذ بهذا] اهـ.
وقال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (11/ 25-26، ط. دار إحياء التراث): [قوله: (وإن حلف، فقال:"إن شاء الله" لم يحنث، فَعَلَ أو ترك إذا كان متصلًا باليمين)، يعني بذلك في اليمين المكفرة، كاليمين بالله والنذر والظهار، ونحوه لا غير، وهذا المذهب... وقال: ويشترط الاتصال لفظا أو حكما، كانقطاعه بتنفس أو سعال ونحوه] اهـ.
ووافق الشافعيةُ الحنفيةَ والحنابلةَ في قولهم بعدم انعقاد النذر ولا الوفاء به أو الكفارة عند عدم الوفاء بشرط قصد الناذر محض التعليق، لا التبرك بذكر الله تعالى، أو الاستعانة بالله على الوفاء، أو أطلق اللفظ دون قصد.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" -بـ"حاشية الرملي الكبير"- (1/ 575، ط. دار الكتاب الإسلامي) في بيان عدم وجوب الوفاء بالنذر إذا كان مُعلَّقًا: [(لا إن عَلَّقَ) النذر (بمشيئة الله، أو مشيئة زيد) فلا يصح (وإن شاء) زيد؛ لعدم الجزم اللائق بالقُرَب، نعم: إن قصد بمشيئة الله التبرك أو وَقَعَ حدوث مشيئة زيد نعمةً مقصودة كقدوم زيد في قوله: إن قدم زيد فعلي كذا، فالوجه الصحة، وبه صرح الأذرعي في الْأُولَى] اهـ.
وقال الإمام شهاب الدين الرملي الشافعي في "حاشيته" (1/ 575): [(قوله لا إن علق بمشيئة الله) خرج به ما إذا لم يقصد التعليق بأن قصد التبرك أو الاستعانة بالله على الوفاء أو أطلق فإنه يصح (قوله فالوجه الصحة) أشار إلى تصحيحه] اهـ.
وأما المالكية فالمشهور عندهم وهو المعتمد أن النذر المعلق على مشيئة الله تعالى يصح، ويجب الوفاء به، أو الكفارة عند عدم الوفاء، وذلك ما دام النذرُ غيرَ مبهمٍ، كقوله الإنسان: لله عليَّ شيء.
قال العلامة الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (3/ 92، ط. دار الفكر): [وأما إن علق النذر على مشيئة الله، كإن كلمت فلانًا فَعَلَيَّ المشي إلى مسجد مكة أو عَلَيَّ الحج إن شاء الله ثم كلمه لزمه ذلك على المشهور] اهـ.
وقال الشيخ عليش في "منح الجليل" (3/ 99، ط. دار الفكر): [(وإن قال) المسلم المكلف: عَلَيَّ كذا (إلَّا أن يبدو لي) أن لا أفعل أو إلا أن يشاء الله، فالمشيئة لا تُفيد في النذر غير المبهم مطلقا على المشهور؛ لأنه نص "المدونة" خلافا لما في الجلاب من قوله: تنفعه المشيئة] اهـ.
والمختار للفتوى هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والحنابلة من عدم انعقاد النذر المعلق على مشيئة الله، وهو الموافق لقول الشافعيَّة حالة قصد الناذر محض التعليق، ومن ثمَّ لا يجب الوفاء به، وذلك لغلبة جريان لفظ المشيئة على ألسنة الناس بعد كل كلام، ولو وجب الوفاء بالنذر لما كان للتعليق معنىً، ولحقهم الحرج الشديد، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78]، وقال أيضا: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾ [المائدة: 6]، ولأن إعمال الكلام أولى من إهماله، ما لم يقصد التبرك أو الاستعانة بالله على الوفاء فإنه يصح نذره، ويلزمه الوفاء به.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا يجب شيء على من علَّق النذر على المشيئة بأن قال: نذرت لله ذبح شاة إن شاء الله، ما دام قد وصل الاستثناءَ بالنذر، كما اشترط الحنفية والحنابلة، أو قصد محضَ التعليق لا غيرَهُ كما قال الشافعية، فإن قصد بقوله: "إن شاء الله" التبرك أو الاستعانة بالله على الوفاء أو أطلق فإنه يصح نذره، ويلزمه الوفاء به.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم بيع الأضحية بعد شرائها وقبل ذبحها؟ فرجلٌ اشترى شاةً للأضحية، إلا أنه احتاج إلى بيعِها قبل دخول وقت الأضحية، فهل يجوز له بيعها قبل ذبحها للحاجةِ إلى ثمنها؟ علمًا بأنه لم يَنذُرها ولم يوجبها على نفسه بأي لفظٍ أو نية.
ما حكم تحويل جهة النذر؟ حيث نذر شخص لله بعد أن شفاه من مرضه بأن يقوم بإحياء ليلة لأحد أولياء الله الصالحين، وأن يقوم بإطعام أهل القرية، وأن يحضر القراء والمبتهلين ويعمل مجلس ذكر. ويوجد بالقرية مسجد آيل للسقوط ويريد أهل القرية بناؤه، ويُقرّر السائل أن عنده ذبيحة؛ فهل يجوز أن يدفع مصاريف تلك الليلة في تكملة بناء المسجد، وأن يذبح الذبيحة ويوزع لحمها على الفقراء وأهل البلدة أو أن يبيع هذه الذبيحة ويدفع ثمنها هو الآخر في تكملة بناء المسجد؟
ما حكم الحلف بالله كذبًا؟
ما حكم النذر إذا تم بغير قبض المنذور؟ فقد توفي رجلٌ عن ثلاث بنات وله مال، فنذر لبنتٍ منهنَّ بجميع المال الذي في جهة إقامتها سواء كان له بطريق الإرث من مورثيه أو غيره أو بطريق الشراء أو غيره، وكان الناذر متَّصفًا بأكمل الصفات المعتبرة شرعًا، فهل النذر صحيحٌ ولا عبرة بكونها من جملة الورثة، أو فاسدٌ لا يعتبر لكونها من الورثة المستحقين في إرث أبيهم؟
وهذه صورة النذر: "إنه في يوم كذا بمصر، أنا مقيم بمصر أشهد على نفسي طائعًا مختارًا بأني قد نذرت لبنتي جميع ما أمتلكه بناحية كذا بحقِّ القسمة بيني وبين أخي المرحوم من ديارٍ ومالٍ ونخلٍ ونحاسٍ وفراشٍ وزبورٍ وأرضٍ ومصاغٍ، وكل ما سمي مالًا سواء كان ما أمتلكه في الجهة المذكورة كان إرثًا أو شراءً أو غير ذلك، كما نذرت لها أيضًا جميع ما جرَّه الإرث الشرعي إليَّ من ابن أخي المتوفى بهذه الناحية، وكذا جميع ما آل إليَّ من ابن أخي المذكور في الحجاز سواء كان بمكة المكرمة أو بجدة على الشيوع في جميع ذلك.
وأُقرُّ بأني لم يحصل مني أدنى تصرف في الأعيان المذكورة إلى تاريخه. وذلك نذرٌ صحيحٌ شرعيٌّ قُربةً لله تعالي وابتغاءَ مرضاته، وقد صدر مني هذا وأنا بأكمل الأوصاف المعتبرة شرعًا، وقد تحرر هذا مني نذرًا بذلك بحضور شهادة الشهود الموقِّعين أدناه. والله تعالى خير الشاهدين".
ما حكم الاشتراك في عجل للوفاء بالنذر؟ حيث تقول السائلة: نذرتُ أن أذبح شاةً بعد شفاء أخي، ونذرتْ أختي أن تذبح هي الأخرى إذا شفاها الله من مرضها، ولما تقابلنا وتحدثنا معًا ظهر لنا أن نشترك في ذبح عجل بدل أن تذبح كل واحدة منا شاة. فما الحكم؟
ما حكم اليمين والقسم على الإخلاص في العمل؟ حيث تم انتخاب مجلس إدارة جمعية خاصة بجهة ما، يتكوَّن من تسعة أعضاء وتم اختيار سبعة أعضاء منهم واستبعاد اثنين وأدى الأعضاء السبعة اليمين وقرأوا فاتحة الكتاب على أن يخلصوا في عملهم. فما حكم اليمين الذي أقسموه وقراءة الفاتحة؟