أرى بعض الناس يصلون ركعتين ويقولون: "أُصَلِّي لله ركعتي الشُّكْر"، فأرجو بيان هل هناك فرق بين سجود الشكر وصلاة الشكر؟
"سجود الشكر" سجدة واحدة يؤديها المسلم عند حصول نعمةٍ له ونزولها به، أو بأحد المسلمين، أو عند اندفاع نقمةٍ وانكشافها عنه أو عن غيره من المسلمين؛ حمدًا لله تعالى وشكرًا وثناء وتَعبُّدًا، وهي مشروعة من حيث كونها قُرْبةً؛ لا سيما وأنَّ الله تعالى أوجب على العبد أن يشكره سبحانه على عظيم نعمته عليه، وإذا كانت هذه السجدة مشروعة عند حصول سببها، فإنَّ المسلم إذا فعل ما هو أعلى منها رُتْبة في الفَضْل والأجر لكان حَسَنًا، كصدقةٍ أو صلاةٍ، لكن لا يُسَمِّي منها شيئًا بإضافته إلى الشكر، فليس هناك صلاة مخصوصة تُسَمَّى بصلاة الشكر، وإنما يُسَنُّ إمَّا سجود الشُّكْر بسببه، أو ما يقوم مقامه كصلاةٍ أو صدقة أو نحوهما مِن سائر الطاعات.
المحتويات
سجود الشكر سجدة واحدة يؤديها المسلم عند حصول نعمةٍ له ونزولها به، أو بأحد المسلمين، أو عند اندفاع نقمةٍ وانكشافها عنه أو عن غيره من المسلمين؛ حمدًا لله تعالى وشكرًا وثناء وتَعبُّدًا.
وقد أوجب الله تعالى على العبد أن يشكره سبحانه على عظيم نعمته عليه، وقَرن سبحانه الذكر بالشكر في كتابه الكريم حيث قال: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152]، مع علو مكانة الذكر التي قال الله تعالى فيها: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت: 45]، ووعد الله تعالى بنجاة الشاكرين من المؤمنين وجزائهم خير الجزاء حيث قال: ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا﴾ [النساء: 147]، وقال تعالى: ﴿وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 145]، وقال تعالى: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7].
ولوجوب شكر نعمة الله تعالى على عباده شُرِعت سجدة الشكر عند حدوث نعمةٍ أو دفعِ بليةٍ، فعن أبي بكرة رضي الله عنه أنَّه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا جاء الشيء يُسَرُّ به خَرَّ ساجدًا شُكْرًا لله تعالى» رواه أبو داود، والترمذي -واللفظ له-، وابن ماجه في "سننهم".
وروى الإمام أحمد في "المسند" بسنده عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتوجَّه نحو صدقته، فدخل فاستقبل القبلة، فخرَّ ساجدًا فأطال السجود، حتى ظننت أن الله عز وجل قد قَبض نفسَه فيها، فدنوتُ منه فجلستُ، فرفع رأسه، فقال: «من هَذا؟»، قلت: عبد الرحمن، قال: «ما شأنك؟»، قلت: يا رسول الله، سجدتَ سجدةً خشيتُ أن يكون الله عز وجل قد قَبض نفسك فيها، فقال: «إنَّ جبريل عليه السلام أتاني فبشرني فقال: إن الله عز وجل يقول: مَن صَلَّى عليك صليتُ عليه، ومَن سَلَّم عليك سلمتُ عليه، فسجدت لله عزَّ وجل شكرًا».
وروى أبو داود بسنده عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكة نريد المدينة، فلما كنا قريبًا من عَرْوَزا -بفتح أوله وسكون ثانيه وفتح الواو، هضبة الجحفة عليها الطريق بين مكة والمدينة- نزل فرفع يديه فدعا الله تعالى ساعة ثم خر ساجدًا فمكث طويلًا، ثم قام فرفع يديه ساعة ثم خر ساجدًا فمكث طويلا، ثم قام فرفع يديه قال: «إني سألت ربي وشفعت لأمتي فأعطاني ثلث أمتي، فخررت لربي شكرًا، ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني الثلث الآخر، فخررت ساجدًا لربي».
لهذه الأحاديث -السابقة- وغيرها ذهب الشافعية والحنابلة ومحمد وأبو يوسف من الحنفية -وعلى قولهما الفتوى في مذهب الحنفية- إلى أَنَّ سجدة الشكر من السُّنَن المستحبة، على خلافٍ بينهم وبين المالكية القائلين بالكراهة -في المشهور عندهم. ينظر: "رد المحتار" لابن عابدين (2/ 119، ط. دار الفكر)، و"حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (1/ 308، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 447، و"الإنصاف" للمرداوي (2/ 200، ط. دار إحياء التراث العربي).
وسبب الخلاف بينهم نظرتهم لسجدة الشكر هل هي عبادة مقصودة أم لا؟ فمَن ذهب إلى قَصْديتها وكونها قُرْبة قال بسُنِّيَّتها، ومن نَظَر إلى عدم قَصْديتها وعدم كونها قُرْبة نَفَى السُّنِّيَّة، أو نَفَى المشروعية مطلقًا. وأيًّا يكن الخلاف: فإنَّ سجدة الشكر لا تخرج عن كونها مشروعةً، فالكراهة -عند مَن قال بها- وإن كان فيها اللومُ على الفعل والحَثُّ على عدم الإقدام عليه، إلَّا أنَّ الأصوليين نَصُّوا على أنَّها لا تخرج عن دائرة المشروعية، بمعنى عدم تَرتُّب الإثم الأخروي، والمعنى مِن ذلك أنَّ المسلم لا يَلْحقه الإثم في فِعْلها.
وإذا كانت هذه السجدة مشروعة عند حصول سببها، فإنَّ المسلم إذا فعل ما هو أعلى منها رتبة في الفضل والأجر، أو ضَمَّ إليها صلاة أو صدقة لكان حَسَنًا، لكن لا يُسَمِّي منها شيئًا باسم الشكر، أي: صدقة الشكر، أو صلاة الشكر، بل ينوي بهذا الفعل التطوع لله عز وجل على حصول سبب هذا التطوع من حدوث النِّعَم أو دفعِ البلايا، وهذا المعنى هو ما نَصَّ عليه الإمام محيي الدين النووي في "المجموع" (4/ 69، ط. دار الفكر) حيث قال: [لو تَصدَّق مَن تجدَّدت له النعمة، أو اندفعت عنه النِّقْمة، أو صَلَّى شكرًا لله تعالى كان حَسَنًا، يعني: مع فعله سجدة الشكر] اهـ.
وزاد ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج" (2/ 217، ط. المكتبة التجارية) على هذا المعنى أنَّه: [لو ضَمَّ للسجود صدقةً أو صلاةً كان أولى، أو أقامهما مقامه فحَسَنٌ] اهـ.
قال الشِّرْواني مُحَشِّيًا: [قد يوهم أنَّه ينوي بالصلاة الشكر، لكن في "ع ش" -حاشية الإمام الشبراملسي على نهاية المحتاج- خلافه، عبارته قوله: "أو صلاة"، أي: بنية التطوع، لا بنية الشكر؛ أخذًا مما ذَكَره في الاستسقاء من أنَّه ليس لنا صلاة سببها الشكر] اهـ.
بناء على ذلك: فـ"سجود الشكر" سجدة واحدة يؤديها المسلم عند حصول نعمةٍ له ونزولها به، أو بأحد المسلمين، أو عند اندفاع نقمةٍ وانكشافها عنه أو عن غيره من المسلمين؛ حمدًا لله تعالى وشكرًا وثناء وتَعبُّدًا، وهي مشروعة من حيث كونها قُرْبةً؛ لا سيما وأنَّ الله تعالى أوجب على العبد أن يشكره سبحانه على عظيم نعمته عليه، وإذا كانت هذه السجدة مشروعة عند حصول سببها، فإنَّ المسلم إذا فعل ما هو أعلى منها رُتْبة في الفَضْل والأجر لكان حَسَنًا، كصدقةٍ أو صلاةٍ، لكن لا يُسَمِّي منها شيئًا بإضافته إلى الشكر، فليس هناك صلاة مخصوصة تُسَمَّى بصلاة الشكر، وإنما يُسَنُّ إمَّا سجود الشُّكْر بسببه، أو ما يقوم مقامه كصلاةٍ أو صدقة أو نحوهما مِن سائر الطاعات.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم اقتداء المرأة وهي في بيتها بإمام التراويح عن طريق مكبرات الصوت؟ فأنا أسكن بجوار المسجد، وتسمع والدتي الإمام في صلاة التراويح من خلال مكبرات الصوت، فهل يجوز أن تصلي وهي في المنزل بصلاة الإمام في المسجد؟ علمًا بأنها تسمع صلاته بشكلٍ كاملٍ.
كنت أصلي وابني الصغير يلعب أمامي وتركت شيئًا على موقد النار (البوتاجاز) فذهب ابني ناحيته فخشيت عليه من الخطر، فقطعت صلاتي لإنقاذه؛ فما حكم ذلك؟
ما حكم الجهر بالبسملة في الصلاة؛ أهو واجب ضروري بحيث لا يُصلَّى خلف من لا يجهر بها، أم أن الجهر والإسرار بها سواء؟
هل يمكن لفجر القاهرة أن يسبق فجر مكة ؟ فقد أثار بعض الناس التشكيك في صحة توقيت الفجر في مصر؛ بدعوى أن الأذان في مكة المكرمة يحين في بعض الأحيان بعد القاهرة مع أنها تقع غرب مكة بنحو تسع درجات طولية، وكل درجة طولية تستغرق حوالي أربع دقائق زمنية، فكان يقتضي ذلك أن يكون الفجر في القاهرة بعد مكة بأكثر من نصف ساعة.
وكمثال على ذلك: يوم الاثنين (12 رمضان 1439هـ، الموافق 28 مايو 2018م)؛ حيث حان أذان الفجر في القاهرة الساعة 3:12 صباحًا، بينما حان في مكة المكرمة الساعة 3:13 صباحًا بتوقيت القاهرة. فكيف نرد على هذا الاعتراض؟
سائل يقول: أنا أضطر إلى جمع الصلوات جمع تأخير بسبب ظروف عملي؛ حيث إنني أعمل خبازًا، وأبدأ العمل قبل صلاة الظهر ولا أنتهي منه إلا بعد العصر، فهل يجوز لي الجمع؟
ما حكم صلاة الفريضة على الكرسي؟ حيث يقول السائل: إن ظاهرة صلاة الفريضة جماعة في المسجد على الكرسي هي من الأمور المحدثة التي تفتقد الشرط الثاني للعبادة، وهو الموافقة للشرع وسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وإن ظهور بعض الفتاوى بصحَّة صلاة الجماعة على الكرسي، مستندةً إلى حديث صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مسافرًا على الدابة لصلاة النافلة، وليس الفريضة، في حين أن هذا لا ينطبق على صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا نفلًا ولا فرضًا ولا مقيمًا ولا مسافرًا، فلم يثبت عنه ذلك الأمر ألبتة، كل ذلك دفعني إلى أن أبيِّن أدلة عدم صحة الصلاة للجالس على الكرسي؛ فالكرسي كان موجودًا فعلًا في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كرسي يستعمله في غير الصلاة، ولم يستعملْه ألبتة هو وأصحابه في الصلاة حال الصحَّة أو المرض ولا في الفريضة ولا في النافلة ولا في السفر ولا في الحضر، وحين مرض الرسول مرضًا شديدًا أعجزه عن الصلاة قائمًا قَعَدَ على الأرض ولم يجلسْ على كرسي أو غيره، وثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى النافلة مسافرًا على الدابة، فإذا حضرت الفريضة نَزَلَ واستقبل القبلة وصلَّى قائمًا، ولم يستعمل كرسيًّا ولا غيره. كما أن الصلاة بالجلوس على الكرسي تؤدِّي إلى مفاسدَ كثيرةٍ، منها:
إسراف العوام والمقلدين من الأمة في استعمال الكرسي في الصلاة دون ضوابطَ شرعيةٍ.
عدم استواء الصف وما له من أثر في قبول الصلاة.
تضييق المجال على الصف خلف الكرسي في السجود.
إسراف بعض المصلين في بعض البلدان باستخدام أرائكَ طويلةٍ مثل التي في الكنائس، مما يؤدِّي إلى تحوُّل المساجد في مظهرها إلى كنائسَ، وهذا محظورٌ شرعًا بلا جدال؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ [نوح: 23].
أنها تمنع من السجود على الأرض الواجب لصحة الصلاة لمن يقدر عليه.
فعدمُ استعمال النبي للكرسي في الصلاة وعدمُ ترخيصه بذلك لصحابته، بالإضافة إلى المفاسد الناجمة عن استعمال الكرسي في الصلاة، كلُّ هذا يشير إلى أن من يجيز استعمالَه فإنه يتعدَّى بذلك تعدِّيًا عقديًّا عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو على خطرٍ عظيم وحافة هاوية يكاد يقع فيها مَن يتبنى مثلَ هذا الرأي.