ما حكم بيع الأضحية بعد شرائها وقبل ذبحها؟ فرجلٌ اشترى شاةً للأضحية، إلا أنه احتاج إلى بيعِها قبل دخول وقت الأضحية، فهل يجوز له بيعها قبل ذبحها للحاجةِ إلى ثمنها؟ علمًا بأنه لم يَنذُرها ولم يوجبها على نفسه بأي لفظٍ أو نية.
الأضحية مِن الشعائر المسنونة، ولا تتعين بمجرد نيَّة الأضحية المصاحبة للشِّراء، ويجوز بيعُها لمن اشتراها ثم احتاج إلى التصرف فيها قبل أن يضحي بها ولم يكن قد أوجَبَها على نفسه بنذر أو نحوه، ولا يَلزمه بدلُها حينئذٍ، ومن ثمَّ فإن بيع الرجل المذكور للشاة التي اشتراها للأضحية قبل ذبحها أمرٌ جائزٌ شرعًا ولا حرج عليه في ذلك، مع استحباب شرائه غيرَها بدلَهَا لا تَقِلُّ قيمةً عنها قبل فوات وقتها متى تيسر له ذلك، باعتبار أن تحقيق مصلحةِ الفقير مراعى في تلك الشعيرة.
المحتويات
الأضحية شَعيرةٌ عظيمةٌ من شعائر الدِّين، إذ هي مِن أقربِ القُرباتِ وأرجى الطَّاعات في يوم النَّحر وأيام التشريق، كما أنَّها مَظهَر من مظاهر الفرح والاحتفال وشكر نعمة الله بالتوسعة على الأهل والفقراء، قال الله تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ [الحج: 36].
وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: «ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» متفقٌ عليه.
وقد واظب النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ذبح الأضاحي، ورغَّب فيها، إلا أنَّه لم ينهَ عن تركها، بل ورد ما أفاد إبقاءه لها على التخيير بحسب السعةِ والإرادة، فعن السيدة أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا» أخرجه الإمام مسلم.
المختار للفتوى أنها سُنة مؤكدة على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء: الإمام القاضي أبو يوسف من الحنفية في إحدى الروايتين عنه، والمالكيةُ والشافعيةُ والحنابلةُ. يُنظر: "العناية" للإمام أكمل الدين البَابَرتِي الحنفي (9/ 506، ط. دار الفكر)، و"الشرح الكبير" للإمام أبي البَرَكَات الدَّرْدِير المالكي (2/ 118، ط. دار الفكر)، و"نهاية المحتاج" للإمام شمس الدين الرَّمْلِي الشافعي (8/ 131، ط. دار الفكر)، و"الروض المربِع" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (ص: 292، ط. دار المؤيد).
الشأن في الأضحية تبعًا لسنيَّتها أنها لا تَجِبُ في ذِمَّةِ صاحبها إلا بالنَّذرِ أو الإيجاب الصريح والالتزام لفظًا بأنَّه قد خَصَّصَهَا للأضحيةِ وألزم نفسه بذلك، ولا تلزم بمجرَّد شرائها، كما هو معتمد جماهير المذاهب الفقهية مِن المالكية، والشافعية، والحنابلة في المعتمد، وهو ما جرت عليه الفتوى.
قال الإمام أبو عبد الله الخَرَشِي المالكي في "شرح مختصر الإمام خليل" (3/ 45-46، ط. دار الفكر): [الأضحية إنما تجب بأحد شيئين: إمَّا بالنذر، كما عند القاضي إسماعيل، بأن يقول: نذرتُ لله هذه الأضحية، أو: لله عليَّ أن أضحي بهذه الشاة مثلًا، وإمَّا بالذبح، كما عند ابن رُشْدٍ قال: ولا تتعيَّن عند مالكٍ إلا بالذَّبح] اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن حَجَرٍ الْهَيْتَمِي الشافعي في "تحفة المحتاج" (9/ 345-346، ط. المكتبة التجارية الكبرى، مع "حاشية الإمام الشَّرْوَانِي"): [(لا تجب إلا بالتزام) كسائر المندوبات] اهـ.
قال العلامة عبد الحميد الشَّرْوَانِي مُحَشِّيًا عليه: [نيَّة الشراء للأضحية لا تصير به أضحيةً؛ لأن إزالة المِلك على سبيل القُربة لا تحصل بذلك.. فإن قال: لله عليَّ إن اشتريتُ شاةً أن أجعلها أضحيةً، واشترى، لزِمَه أن يجعلها... (قوله: أو هذه أضحية... إلخ) ينبغي أن يكون محلُّه ما لم يقصد الإخبارَ، فإن قصده -أي: هذه الشاة التي أريد التضحية بها- فلا تعيين] اهـ.
وقال الإمام علاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (4/ 89، ط. دار إحياء التراث العربي): [ويتعين الهدي بقوله: هذا هدي، أو بتقليده وإشعاره مع النية، والأضحية بقوله: هذه أضحية) وكذلك قوله: هذا لله، ونحوه من ألفاظ النذر، هذا المذهب] اهـ. فأفاد أنها لا تتعين إلا باللفظ المقترن بنية الإيجاب من المضحِّي.
بيع الأضحية بعد شرائها وقبل ذبحها ما لم تتعيَّن في حقِّ صاحبها بالتزام اللسان بالإيجاب أو النذر هو أمرٌ جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، ولو باعها لا يجب عليه أن يأتي ببدلها حينئذٍ؛ لأنها لم تخرج عن مِلكه بنذر أو ما في حكمه كما سبق بيانه، إلا أنه يكره عدم الإتيان ببدلها في ظاهر مذهب المالكيَّة، كما نصَّ عليه العلامة العَدَوِي في "حاشيته على شرح مختصر الإمام ضياء الدين خليل" (3/ 45).
قال الشيخ علي بن خَلَف المُنُوفِي المالكي في "كفاية الطالب الرباني" (1/ 573-574، ط. دار الفكر، مع "حاشية العلامة العَدَوِي"): [(ولا يُباع) على جهةِ المنع (شيءٌ مِن الأضحية) التي تجزئ بعد الذبح... وبِبَعد الذبح احترازًا من قبل الذبح، فإن المشهورَ أنها لا تَتَعَيَّن إلا بالذبح] اهـ.
قال العلامة العَدَوِي محشِّيًا عليه: [أمَّا إن لم يذبحها فهي مالٌ مِن أموالِهِ يَصنَعُ بِهَا مَا يَشاءُ] اهـ.
وقال الإمام العِمْرَانِي الشافعي في "البيان" (4/ 453، ط. دار المنهاج): [إذا اشترى شاةً بنية أنها أضحية مَلَكها بالشراء، ولم تَصِر أضحية.. دليلُنا: أن عقد البيع يوجب المِلك، وجَعْلها أضحيةً يزيل المِلك، والشيء الواحد لا يوجب المِلكَ وزوالَهُ في وقتٍ واحدٍ معًا] اهـ. فأفاد إباحة التصرف في الحيوان المشترَى للأضحية من غير قيدٍ ولا حرجٍ ولا شرط الإتيان بمثلها، انطلاقًا من مبدأ المِلك وشرعيَّة إطلاق اليد بالتصرف فيه بيعًا وإجارةً وغير ذلك من التصرفات المشروعة.
وقال الإمام علاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (4/ 89): [الهدي والأضحية إذا تَعَيَّنَا لم يَجُز بيعُهما ولا هبتُهُما، إلا أن يبدلهما بخيرٍ منهما، وهو أحد الأقوال، اختاره الخِرَقِي، وصاحبُ "المنتخب"، والمصنف، والشارح، وابن عَبْدُوس في "تذكرته"، وغيرهم... قال الزَّرْكَشِي: عليه عامة الأصحاب، قال في "المذهب"، و"مسبوك الذهب": هذا المذهب، وجزم به في "الوجيز" وغيرِه، وقدَّمه في "الفروع" وغيره] اهـ. فأفاد إلزامُ المضحي بالبدل في حالة تعيينه للأضحيةِ أنَّ الأضحيةَ غيرَ المعيَّنةِ يجوز التصرف فيها مِن باب أَوْلَى، وأنه لا يلزم صاحبَها أن يأتي ببدلها؛ لعدم تعيُّنها في حقِّه.
ولَمَّا كان المضحي محتاجًا إلى ثمن الشاة التي اشتراها للأضحية ولم يذبحها -كما هي مسألتنا-، ولم يكن قد نذرَهَا أو عيَّنها أو ألزم نفسه بها لفظًا، فإنَّه يجوز له حينئذٍ أن يبيعَها وينتفع بثمنها، بلا أدنى حرجٍ أو مشقَّة؛ لعموم قول الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78]، مع استحباب شِرائِهِ لمثلها أو خيرٍ منها للتضحية بها متى تيَسَّر له ذلك قبل خروج وقت الأضحية؛ طلبًا للأجر والمثوبةِ، وتحقيقًا لمصلحة الفقراء والمحتاجين، فإن تَعسَّر عليه الإتيان بأضحيةٍ غيرها فلا بأس بذلك؛ لأنها عبادة مندوبة، ولا تلزم المندوبات إلا بالشروع فيها عند مَن يرى وجوبها به، والشروع في الأضحية لا يتحقق بشرائها بل بذبحها، وما ذكره بعض المالكية من الكراهة مرتفعٌ بالحاجة؛ عملًا بما تقرَّر في قواعد الفقه مِن أن الكراهة تنتفي وتزول بأدنى حاجة، فقد يكون الشيء مكروهًا في أصله، فإذا اقتضته الحاجة انتفت كراهتُه، كما أفاده الإمامُ برهان الدين بن مَازَه الحنفي في "المحيط البرهاني" (2/ 192، 5/ 403، ط. دار الكتب العلمية)، ونقله العلامة العَبْدَرِي المالكي في "التاج والإكليل" (6/ 153، ط. دار الكتب العلمية) وغيرُه عن الإمام مالك، والإمامُ النَّوَوِي الشافعي في "المجموع" (1/ 486، ط. دار الطباعة المنيرية)، والعلامةُ السَّفَّارِينِي الحنبلي في "غذاء الألباب" (2/ 22، ط. مؤسسة قرطبة).
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالأضحية مِن الشعائر المسنونة، ولا تتعين بمجرد نيَّة الأضحية المصاحبة للشِّراء، ويجوز بيعُها لمن اشتراها ثم احتاج إلى التصرف فيها قبل أن يضحي بها ولم يكن قد أوجَبَها على نفسه بنذر أو نحوه، ولا يَلزمه بدلُها حينئذٍ، ومن ثمَّ فإن بيع الرجل المذكور للشاة التي اشتراها للأضحية قبل ذبحها أمرٌ جائزٌ شرعًا ولا حرج عليه في ذلك، مع استحباب شرائه غيرَها بدلَهَا لا تَقِلُّ قيمةً عنها قبل فوات وقتها متى تيسر له ذلك، باعتبار أن تحقيق مصلحةِ الفقير مراعى في تلك الشعيرة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم من نذر ولا يستطيع الوفاء بالنذر؟ حيث وقع السائل في مشكلة ونذر لله تعالى إن هو نجَّاه منها أن يصوم شهر رجب طول عمره، وظل يصوم هذا الشهر لمدة تسع سنين متصلة، والآن قد تقدمت به السن ويخشى ألَّا يستطيع الوفاء بنذره فيما بعد، فماذا يفعل؟
ما الذي يجب على المضحي إذا ضاعت أو ماتت الأضحية قبل يوم العيد؟ فقد اشترى والدي قبل عيد الأضحى بأسبوع خروفًا لنذبحه كأضحية، وحافظنا عليه في مكان مغلق داخل فناء المنزل، لكن الخروف هرب من المنزل قبل يوم العيد، وأخذنا نبحث عنه فلم نجده، حتى تبين لنا في اليوم الثاني من عيد الأضحى أنه اصطدم بسيارة في طريق سريع فمات على إثر ذلك، فهل يجب علينا أن نضحي بغيره؟ علمًا بأن ظروف والدي المادية لا تسمح بذلك الآن.
ما حكم أخذ الوكيل فرق السعر من البائع لنفسه دون علم الموكل؟ فهناك رجلٌ وكَّل صديقَه في شراء سيارةٍ مِن نوعٍ معيَّن -لخبرته في هذا المجال- بمقابلٍ معلومٍ مِن المال، فذهب هذا الصَّديق (الوكيل) إلى أحد معارِض السيارات، وبعد معاينة السيارة والاتفاق على ثمنها عاد وأخبر الرجل (الموكِّل) بما اتفق عليه مع صاحب المعرض، فوافَقَ وأعطاه ثمن السيارة ليشتريها، ولَمَّا عاد الوكيلُ إلى صاحب المعرض أَلَحَّ عليه في عمل تخفيضٍ مِن ثمنها، فوافق صاحبُ المعرض وخَصَم له مبلغًا لا بأس به مِن المتَّفَق عليه مُسبَقًا، ويسأل: هل يجوز له أَخْذُ هذا المبلغ الذي تم خصمُه بعد تَعَبٍ ومجاهَدَةٍ مع صاحب المعرض دون إخبار الموكِّل بما جَرَى؟
ما حكم عمل منصة إلكترونية للترويج للسلع وبيعها؟ حيث تقوم شركة متخصصة بتصميم المنصات الإلكترونية بعمل منصة تجارة إلكترونية مخصصة لعرض المنتجات وبيعها لإحدى الشركات التي أطلقت سوقًا إلكترونيًّا خاصًّا بها، مع الاتفاق على التزام الشركة بتقديم التكنولوجيا اللازمة لتطوير وتشغيل المنصة كما يتراءى للعميل، ولا يتعدى دور الشركة القيام بالجانب التقني، المتضمن: تصميم البنية البرمجية، وواجهة الاستخدام، وأدوات إدارة المحتوى، ونظام المعاملات الإلكترونية، ثم عمل التطوير والتعديل البرمجي اللازم لاحقًا بحسب ما يتراءى للعميل، من دون علم منها بطبيعة هذه المنتجات.
وهذه المنصة لا يعدو دورُها دورَ الواجهة التي يعرض عليها آلاف البائعين منتجاتهم وبضائعهم، وقد وُجد أن عددًا قليلًا منهم يعرض على القسم الخاص به من المنصة منتجات محرَّمة، وليس لشركة البرمجيات أي سلطة على اختيار المنتجات المعروضة أو إدارتها، أو أي مشاركة في عمليات الشحن والتخزين ونحوها، ولا يتعدَّى دورُها تطويرَ البرمجيات بشكل مستمر بناءً على طلب العميل، وتسليمها في مواعيدها المتفق عليها، وتقديم الدعم الفني للمنصة التقنية بما يضمن تشغيل النظام بشكل سلس، وحل أي مشكلات تقنية طارئة، فهل هناك أي مخالفة شرعية فيما تقوم به الشركة من أعمال في هذا الخصوص؟
ما حكم المشاركة المتناقصة بحيث يبيع الشريك حصته لشريكه شيئا فشيئا؟ فقد تشاركت أنا وصديقي واشترينا محلًّا تجاريًّا، وقسَّمناه إلى 10 أسهم (بلاطات)، أنا اشتركتُ بسبعة أسهم، وصديقي بالثلاثة الباقية، ثم اتفقنا على أن يبيع لي نصيبَه المذكور في المحل سهمًا فسهمًا بثمن معلوم على ثلاثة مواسم معلومة، على أن يتم سدادُ ثمنِ كلِّ سهمٍ عند إتمام بيعه، وتم توثيق ذلك بيننا وتحديد مواعيد السداد، وأنا قد اشتريتُ محلًّا آخر بالتقسيط ورتبتُ مواعيد الأقساط على مواعيد سداد المبالغ المستحقة لي لدي شريكي.
ما حكم التعامل بالشيء الذي يكون له استعمالان؟ سمعت أن الشيء الذي يكون له استعمالان -بيعه جائز والإثم على المستعمل، فهل هذا صحيح؟ وهل له شروط؟