ما حكم اشتراك المضحي مع غير المضحي في ذبيحة واحدة؟
يجوز اشتراك المضحي مع غيره في ذبيحة واحدة، سواء كان المشارك له مريد قربة كالعقيقة والنذور أو غير قربة كمريد اللحم، بشرط أن تكون الذبيحة مما يصح فيها الاشتراك كالإبل والبقر، وأن يعين المضحي نيته عند الشراء أو الذبح.
المحتويات
إن من أفضل الأعمال عند الله وأرجاها للقبول إطعام الطعام؛ لما فيها من الثواب العظيم، وإبرازًا للقيم المثلى من التعاون والتكافل وسد الحاجة والمؤازرة بين الناس، وقد أثنى الله على عباده المؤمنين فقال عز وجل: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ [الإنسان: 8].
ومن صور إطعام الطعام في الإسلام ذبح الأضاحي من الإبل والبقر والغنم يوم عيد الأضحى وأيام التشريق، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أَن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتي يَوْمَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ، قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» أخرجه الترمذي -واللفظ له- وابن ماجه والبيهقي.
قد مضت سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنحر الأضاحي في الأيام المخصصة لها، فقد روي أنه كان يتولى الذبح بنفسه، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ، فَقَالَ لَهَا: «يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّي الْمُدْيَةَ»، ثُمَّ قَالَ: «اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ»، فَفَعَلَتْ، ثُمَّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ»، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ. رواه مسلم.
وهي سُنَّة مؤكَّدة في حق المسلم القادر كما ذهب إليه جمهور الفقهاء، وهو المختار في الفتوى، كما في "المعونة" للقاضي عبد الوهاب المالكي (ص: 657، ط. المكتبة التجارية)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (8/ 385، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام موفق الدين ابن قدامة الحنبلي (9/ 435، ط. مكتبة القاهرة).
يجوز اشتراك المضحي مع غيره في ذبيحة واحدة كما قرره جمهور الفقهاء بشرط: أن تكون الذبيحة من جنس البقر أو الإبل، ولا يجوز الاشتراك في الشياه، وأن لا يقل نصيب كل مشترك عن سبع الذبيحة؛ لأن البقرة والبدنة تجزئ عن سبعة، ودليل ذلك ما جاء عن جابر رضي الله عنه قال: "نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ" رواه مسلم.
قال الإمام ابن مودود الموصلي الحنفي في "الاختيار" (5/ 17-18، ط. الحلبي): [(وإن اشترك سبعة في بقرة أو بدنة جاز إن كانوا من أهل القربة) يعني مسلمين، (ويريدونها) يعني يريدون القربة] اهـ.
وقال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (6/ 126، ط. دار الكتب العلمية): [(والبعير والبقرة) يجزئ كل منهما (عن سبعة)؛ لما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج، فأمرنا أن نشترك في الإبل والبقر، كل سبعة منا في بدنة»] اهـ.
وقال الإمام البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (6 / 386، ط. طبعة وزارة العدل السعودية): [(و) تجزئ كل من (البدنة والبقرة عن سبعة)... (فأقل) أي: وتجزئ البدنة والبقرة عن أقلّ من سبعة بطريق الأولى] اهـ.
إذا اشترك المضحي مع غير مريد الأضحية في ذبيحة واحدة، فحال الغير إما أن يريد بها قربة أو غيرَ قُربةٍ كَلَحْمٍ وشَحْمٍ، فإن أراد قربة كذبح للعقيقة: جاز على ما ذهب إليه الحنفية والشافعية والحنابلة؛ لأن مقصودَ الكلِّ التقربُ، فاتَّحدَت الجهة.
قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "البناية" (12/ 15، ط. دار الكتب العلمية): [والبدنة تُجزئ عن سبعةٍ إذا كانوا يريدون بها وجه الله سبحانه وتعالى، وكذلك البقرة] اهـ.
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج" (9/ 349، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [(و) يجزئ (البعير والبقرة) الذكر والأنثى منهما، أي كل منهما (عن سبعة) من البيوت هنا ومن الدماء وإن اختلفت أسبابها كتحلل المحصر؛ لخبر مسلم به] اهـ.
وقال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (4/ 76، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله: (والبدنة والبقرة عن سبع، سواء أراد جميعهم القربة أو بعضهم والباقون اللحم) وهذا المذهب نصَّ عليه، وعليه الأصحاب؛ لأن القسمة إفراز، نص عليه"] اهـ.
وأما إن أراد المشارك غيرَ قربةٍ كَلَحْمٍ ونحوه، فذهب الشافعية والحنابلة إلى جواز ذلك، وإجزاء ما كان بنية القربة عنها، وتحصيل المشارك نسبته على نيته من غير أن ينقص في جزاء مريد التضحية وإجزائه؛ لأن كل إنسان منهم إنما يجزئ عنه نصيبه، فلا تضره نية غيره في عُشره، وهو المختار للفتوى.
قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (7/ 502، ط. دار الفكر): [ولو اشترك جماعةٌ في ذبح بدنةٍ أو بقرةٍ وأراد بعضهم الهدي وبعضهم الأضحية وبعضهم اللحم: جاز] اهـ.
وقال الإمام الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (6/ 126): [(والبعير والبقرة) يجزئ كل منهما (عن سبعة)؛ لما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه، قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج، فأمرنا أن نشترك في الإبل والبقر، كل سبعة منا في بدنة»... وظاهره أنهم لم يكونوا من أهل بيت واحد، وسواء اتفقوا في نوع القربة أم اختلفوا، كما إذا قصد بعضهم التضحية، وبعضهم الهدي، وكذا لو أراد بعضهم اللحم وبعضهم الأضحية ولهم قسمة اللحم؛ لأن قسمته قسمة إفراز على الأصح كما في "المجموع"] اهـ.
وقال الإمام موفق الدين ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (9/ 437-438، ط. مكتبة القاهرة): [وتُجزئ البدنة عن سبعة وكذلك البقرة، وهذا قول أكثر أهل العلم.. فسواء كان المشتركون من أهل بيت أو لم يكونوا، مفترضين أو متطوعين، أو كان بعضهم يريد القربة وبعضهم يريد اللحم] اهـ.
بناءً على ذلك: فيجوز اشتراك المضحي مع غيره في ذبيحة واحدة، سواء كان المشارك له مريد قربة كالعقيقة والنذور أو غير قربة كمريد اللحم، بشرط أن تكون الذبيحة مما يصح فيها الاشتراك كالإبل والبقر، وأن يعين المضحي نيته عند الشراء أو الذبح.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الاشتراك في قيمة الأضحية؟
ما حكم بيع ما يؤكل من الحيوان وتحديد ثمنه بالوزن وهو حي؟ فرجلٌ يعمل في تجارة المواشي، ويقدِّر ثمن الحيوان حيًّا بحسب وزنه بالكيلو جرام القائم ساعة بيعه وفقًا للعُرف الجاري بين التُّجار، على أن الكيلو جرام القائم بكذا، بحيث يَزِنُهُ قبل البيع، ويحدد ثمنه بضرب ثمن الكيلو جرام الواحد في الوزن القائم، ويَعرضه على المشتري فيرضى به أو يُفاوضُه فيه، ثم يتم بينهما البيع بالثمن الذي يَتَرَاضَيَان عليه، فهل يصحُّ هذا البيع شرعًا؟
ما حكم صيام أيام التشريق للمتمتع؟ حيث إن هناك بعض الحجاج يحُجُّون متمتعين ولا يقدرون على شراء هدي التمتع، ويريدون أن يصوموا عِوَضًا عن الهدي ثلاثة أيام في الحج، فهل يجوز صيام هذه الأيام الثلاثة في أيام التشريق؛ الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة؟
اشتريتُ أُضحيةً واكتشفت أن بها عيبًا فقمتُ ببيعها وصرفتُ الثمن دون أن أُخرج منه صدقة. فما رأي الدين؟
ما حكم إعطاء الجزار من الأضحية؟ فقد اشتركنا جماعة في ذبح عجل كأضحية، واتفقنا مع الجزار على أجرة معينة، فذَبَحَ الأضحية وأخذ حق الذبح، وأخذ أيضًا الرأس والرجلين، ثم اكتشفنا أنه لا يحق له أخذ شيءٍ من الأضحية، فرجعنا له نطالبه بما أخذ فقال بأنه قد باعها لينتفع بثمنها، فما حكم ما أخذه الجزار من الأضحية بهذه الطريقة، وهل يؤثر ذلك على قبول الأضحية؟ وهل لنا أن نسترد هذه الأموال من الجزار؟ أفيدونا أفادكم الله.
اطلعنا على كتاب مدير العلاقات العامة بوزارة الأوقاف الذي طلب فيه الإفادة بالرأي على ما نشر بجريدة الأخبار ضمن باب يوميات الأخبار بعنوان "قرآن عربي بحروف لاتينية"، وملخص ما نشر بالجريدة المذكورة: أن أحد المحاسبين يقوم بإعداد مشروع يرمي إلى تمكين المسلمين في كل أقطار العالم من قراءة القرآن الكريم وتلاوته تلاوة صحيحة مهما اختلفت جنسياتهم ولغاتهم؛ وذلك عن طريق كتابته بحروف لاتينية تطابق في نطقها النطق العربي السليم للآيات الكريمة مع الاستعانة بتسجيلات صوتية للتلاوة والتفسير يستعين به قارئو الكتاب الكريم، ويقول المحاسب: إن عملية التمويل سيقوم بها بنك الأفكار بالإضافة إلى بعض الحكومات الإسلامية التي تبدي اهتمامها بالإسهام في هذا العمل.