ما حكم تيمّم المرأة التي تضع مستحضرات التجميل (المكياج)؟ فهناك امرأة متزوجة منذ خمس سنوات وتستخدم المكياج لتظهر بالمظهر اللائق أمام زوجها، فهل يجوز لها إذا أرادت الصلاة أن تتيمم بدلًا عن الوضوء؛ نظرًا لأنها إذا توضأت اضطرت إلى أن تزيل كل المكياج الذي تزيَّنت به، والذي أنفقت عليه مالًا كثيرًا، ويستغرق وقتًا طويلًا في وضعه؟ أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرًا.
لا يجوز شرعًا للمُكلَّفِ أن ينتقل من فرض الوضوء أو الغسل إلى رخصة التَّيَمُّمِ إلا عند فَقْدِ الماءِ حقيقةً أو حُكْمًا بعدم القدرة على استعمال الماء مع وجوده، ولا يجوز للمرأة التَّيَمُّمُ إذا وضعت أي مسحوقٍ من مساحيق التجميل (المكياج)، إلا إذا كان استعمال الماء سيترتب عليه ضَرَرٌ بالغٌ كتأخُّرِ الشفاء حالة المرض، أو زيادة المرض بسبب استعمال الماء أو فَقْدِ الماء حقيقةً، فيباح لها التيمم حينئذٍ، وإذا تيممت لغير عذر يبيح لها التيمم فصلاتها غير صحيحة، ويلزمها قضاؤها.
المحتويات
إنَّ المتأمَّلَ في الشريعةِ الإسلامية الغرَّاء يجدُ أنَّها راعت في تكاليفها ما يحقِّقُ ميولَ الإنسانِ ورغباته المباحة فيما يتعلَّق بالأمور التي جُبِلَتْ عليها نفسه البشرية، فأمرت بتحصيل تلك الرغبات دون إفراطٍ أو تفريط، ومن تلك الرغبات رغبة رؤية الجمال الحسي بين الزوجين، وقد بين الشرع الحنيف أنَّ من أسباب السعادة والسرور في الحياة الرزق بزوجةٍ صالحة يُسَرُّ الزوج بالنظر إليها، فأمر الزوجة بالتزيُّنِ والتَجَمُّلِ للزوج وطلب الحُسْنِ في نظره، حتى يُعِفَّه ذلك عن التردِّي في منافذ الشيطان التي قد تغويه بالتطلُّعِ والانجراف إلى الشهوات المُحرَّمة ما لم يشبع شهوته الحلال، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «الَّتي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ» رواه الإمام النسائي.
قال العلَّامة الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (5/ 2132، ط. دار الفكر): [(قال: الَّتي تَسُرُّهُ)؛ أي: زوجها، والمعنى تجعله مسرورًا (إِذَا نَظَرَ)؛ أي: إليها ورأى منها البشاشة وحسن الخلق ولطف المعاشرة، وإن اجتمعت الصورة والسيرة فهي سرورٌ على سرورٍ، ونورٌ على نورٍ] اهـ.
وقال الإمام المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 528، ط. مكتبة الإمام الشافعي): [(إِذَا نَظَرَ) إليها؛ لأنَّ ذَات الجمال عونٌ لَهُ على عِفَّته ودِينه] اهـ.
وحذَّر المرأة -لا سيَّما الزوجة- أشد التحذير من الابتذال والإهمال في أمر الزينة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ يكره للمرأة أن تكون مرهاء أو سلتاء أو عطلاء» ذكره العلَّامة عبد الملك بن حَبِيب الإلبيري القرطبي في "أدب النساء" (ص: 207-208، ط. دار الغرب الإسلامي) وقال: [الـمَرْهَاء من النساء: غير المكتحلة، والسَّلْتَاءُ: غير المختضبة، والعَطْلَاءُ: غير المتحلية] اهـ.
مساحيق التجميل (المكياج) من حيث نفوذ الماء وعدمه إمَّا أن تكونَ لها جِرْمٌ رقيق بحيث لا تخرج عن كَوْنِها ألوانًا طبيعيةً أو صناعيةً تَصْبغُ الجلدَ بلونها كالحناء والصبغات، ولا تمنع من نفوذ الماء إلى البشرة ويمتصها الجلد كالكريمات وما شابه.
وإمَّا أن تكونَ لها جِرْمٌ كثيف يُشكِّلُ طبقةً عازلةً على الجلد تمنع من وصول الماء إلى البشرة، وبالتالي تكون حاجزًا بين الماء والبشرة كالشمع وما يشبهه الذي لا يمكن للجلد امتصاصه بحال.
فأمَّا الأول: فلا مانع من الوضوء والغسل حال وجوده ما دام لا يحول بين الماء والجلد؛ إذ الحائل الذي يمنع مَسَّ الماء للعضو هو الجِرْمُ الكثيف الجامد الذي يُكوِّن طبقةً فوق الجلد تفصله عما حوله، أمَّا الألوان والصبغات التي لا تَسُدّ مسام الجلد فتُكوِّنُ طبقةً رقيقة على الجلد تكون كالجزء منه، وهذه لا تمنع من وصول الماء للعضو، كالحناء والكريمات الرقيقة... إلخ، وبالتالي الوضوء والغسل معها صحيحان.
وأمَّا الثاني: فلا يمكن معه الطهارة -الوضوء أو الغسل- بحال، خاصةً وأنَّه يُشَكِّلُ جِرْمًا كثيفًا على الجلد يمنع من وصول الماء إلى العضو، فيجب شرعًا على من شرعت في الطهارة إزالته عن الجلد قبل مباشرة الطهارة بنوعيها، حتى يصل الماء إلى البشرة؛ لا سيَّما وأنَّ من شروط صحة الوضوء التي لا خلاف عليها بين الفقهاء عَدَمَ وجود عازلٍ يمنعُ من وصول الماء إلى البشرة حال مباشرة الطهارة، سواءٌ كان هذا العضو مأمورًا بغسله أو مسحه، وقد نصَّت المذاهب الفقهية على ذلك. يُنظَرُ: "مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" للعلَّامة الشرنبلالي الحنفي (ص: 30، ط. المكتبة العصرية)، و"الشرح الصغير" للعلَّامة الدردير المالكي (1/ 132، ط. دار المعارف)، و"حاشية البجيرمي على الإقناع" للعلَّامة البجيرمي الشافعي (1/ 128، ط. دار الفكر)، و"كشاف القناع عن متن الإقناع" للعلَّامة البهوتي الحنبلي (1/ 85، ط. دار الكتب العلمية).
لا خلاف بين الفقهاء أنَّ من شروط صحة الصلاة الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، وأنَّ الواجب على من أراد استباحة الصلاة أن يُحقِّقَ الطهارة بالماء، وإذا فقد المكلَّفُ الماء أو عجز عن استعماله رُخِّصَ له في التَّيَمُّم، ومن تعمَّد الصلاة من غير تمام فرض الوضوء أو التَّيَمُّم -إن كان من أهل التَّيَمُّم- فصلاته باطلة ناسيًا كان أو عامدًا. يُنْظَرُ: "الإجماع" للإمام ابن المنذر (ص: 36، ط. دار المسلم)، و"مراتب الإجماع" للإمام ابن حزم الظاهري (ص: 18، 20، 32، ط. دار الكتب العلمية)، و"الإقناع في مسائل الإجماع" للإمام ابن القطَّان الفاسي (1/ 70، ط. دار الفاروق الحديثة).
أمَّا ما يتعلق بحكم تيمم المرأة حال استخدامها مساحيقَ التجميل (وهو محل السؤال): فقد ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز شرعًا للمرأة التَّيَمُّم إلا عند فقْدِ الماء حقيقةً، أو فقْدِه حُكْمًا أي: في حال عدم القدرة على استعماله، لا سيَّما إذا ترتَّبَ على استعماله ضررٌ شديد لا يمكن درؤه بحالٍ، أو مشقةٌ شديدة لا يمكنُ تحمُّلها بحال كتأخر الشفاء، أو زيادة المرض، أو حدوث مضاعفاتٍ تؤدي بالمعذورة إلى الهلاك، بحيث تخافُ معه فَوْت الروح، أو فوات بعض الأعضاء لو استعملت الماء.
قال الإمام ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص: 18): [واتفقوا على أنَّ المريض الذي يتأذى بالماء ولا يجد الماء مع ذلك أن التَّيَمُّمَ له بدل الوضوء والغسل] اهـ.
وقال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (1/ 303، ط. دار الكتب العلمية): [وأجمع العلماء بالأمصار بالمشرق والمغرب -فيما علمتُ- أنَّ التَّيَمُّمَ بالصعيد عند عدم الماء: طهورُ كل مسلم مريض أو مسافر، وسواءٌ كان جنبًا أو على غير وضوء] اهـ.
وقال العلَّامة بدر الدين العيني في "البناية شرح الهداية" (1/ 516-517، ط. دار الكتب العلمية): [وأجمعوا على أنَّه لو خافَ على نفسه الهلاكَ، أو على عضوه ومنفعته يباحُ له التَّيَمُّم] اهـ.
فإباحة التَّيَمُّمِ مُقيَّدةٌ بِفَقْدِ الماء حقيقةً بعدم وجودِه، أو حكمًا بعدم القدرة على استعمال الماء مع وجوده، وليس داخلًا في أسبابها وجود مساحيق التجميل؛ إذ الفَقْدُ الحقيقي للماء غير حاصلٍ، وأمَّا عدم القدرة على استعمال الماء فمنتفيةٌ بقدرة المرأة على إزالة هذه المساحيق إذا أرادت مباشرة الطهارة دون ضررٍ بالغٍ أو تأخرٍ للشفاء أو زيادة مرضٍ أو غير ذلك من أسباب الفَقْدِ الحُكمي، هذا فيما يتعلق بالمساحيق ذاتها، أمَّا إذا وُجِدَ معها ضَرَرٌ بالغٌ من استعمال الماء كتأخُّرِ الشفاء حالة المرض، أو زيادة المرض بسبب استعمال الماء أو فَقْدِ الماء حقيقةً، فيباح التيمم لا لوجود المساحيق وإنما لأمرٍ خارجٍ عنها.
وإذا تيممت المرأة لغير عذر يبيح لها التيمم وصلت فصلاتها غير صحيحة، ويجب عليها قضاء الصلوات التي صلتها بهذا التيمم؛ لفقد صلاتها شرطا من شروط صحتها.
بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فلا يجوز شرعًا للمُكلَّفِ أن ينتقل من فرض الوضوء أو الغسل إلى رخصة التَّيَمُّمِ إلا عند فَقْدِ الماءِ حقيقةً أو حُكْمًا بعدم القدرة على استعمال الماء مع وجوده، ولا يجوز للمرأة التَّيَمُّمُ إذا وضعت أي مسحوقٍ من مساحيق التجميل (المكياج)، إلا إذا كان استعمال الماء سيترتب عليه ضَرَرٌ بالغٌ كتأخُّرِ الشفاء حالة المرض، أو زيادة المرض بسبب استعمال الماء أو فَقْدِ الماء حقيقةً، فيباح لها التيمم حينئذٍ، وإذا تيممت لغير عذر يبيح لها التيمم فصلاتها غير صحيحة، ويلزمها قضاؤها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم ترك صلاة الضحي لمن يعمل عملًا شاقًا ولا يستطيع المواظبة عليها؟
سائل يطلب بيان الحكم الشرعي في الحجاب، هل هو فرض في الشريعة الإسلامية أم لا؟
أهل القرية التي أُقيمُ فيها قاموا ببناء مسجد وتم تشييده وافتتاحه منذ ثلاث سنوات تقريبًا، وكانوا قد ضبطوا القبلة بكل دقة طبقًا لبقية مساجد القرية، والشعائر تقام فيه بطريقة طبيعية، وفي يناير 2004م دار نقاش حول قبلة المسجد عما إذا كانت منضبطة أم لا، واستدعوا مهندس مديرية الأوقاف التي يتبعونها لتوضيح الأمر وتحديد جهة القبلة، وبالفعل حضر مهندس الأوقاف وحدد جهة القبلة، ودار جدل وخلاف حول كيفية التوجه في الصلاة إلى أي القبلتين: فريق مؤيد للوضع الأول الذي بُني عليه المسجد، والفريق الآخر يرفض هذا ويريد التوجه إلى الناحية التي حددها مهندس الأوقاف.
والمطلوب: بيان الحكم الشرعي في ذلك، وإلى أي القبلتين نتوجَّه في صلاتنا.
ما حكم تَكْرار صلاة الجمعة والعيد في مسجد واحد نظرًا لضيق المكان؛ بحيث لا يستوعب جميع المصلِّين في وقت واحد؟
ما حكم إمساك الحائض عن الطعام والشراب في نهار رمضان؟ حيث تأكل بعض النساء شيئًا قليلًا ثم تمسك بقية اليوم؛ مراعاة لحرمة شهر رمضان.
ما ضوابط قراءة الإمام في الصوات الجهرية؟ حيث يذكر البعض أنَّه يؤمّهم شاب حافظ لكتاب الله تعالى وعالم بأحكام التجويد، ولكنه يتكلّف في رفع صوته وفي الإتيان بأحكام التجويد فيحدث تكرار للكلمات في الآية، بما قد يؤدي إلى ضياع الخشوع. فما حكم هذا الأمر شرعًا؟